الاثنين، ٩ يناير ٢٠١٢
ملحوظة: لتحميل النسخة PDF اضغط على الرابط التالي
https://goo.gl/AhXlYj
وصف المخطوط
مخطوط صغير الحجم، غلاف جلد أبيض اللون، وعلى الكعب شعاران ورقم المخطوط. هناك ترقيم ابقطي أصليّ للصفحات، في أعلى الصفحة، وعربي غربي للأوراق في أعلى الورقة، وآخر أحدث في أسفل الورقة، ولم يتّم ترقيم ورقة ٨ في أعلاها، وتابع الترقيم، وحدث بعد ذلك اختلاف بين الترقيمين الغربيين، وأُورد الترقيم الأبقطي، يتبعه العربي الغربي الوارد في أسفل الورقة. كثير من الأوراق مرمّمة ولا سيّما في البداية، وبعض الأوراق منفصلة. الكتابة واضحة ولكن ليس جميلة، وبعض النقاط تنقص، ومرّات كثيرة يكتب الألف ملصوقة في اللام، ولن نعتبر ذلك خطأ إملائيّ.
[وجه الورقة الثانية المضافة عند التجليد، هي بيضاء:
42 vat
nov. XC.
90. Arabo
[١/ ١جـ] بسم الآب والابن وروح القدس إله واحد
[بالمداد الأحمر] ميمر وضعه الأب القدّيس ماري يحنّا أسقف الپرلّس عن قيامة الأموات يوم الدين [إلى هنا بالأحمر]
في أوّل يوم ذكرت لكم لأجل التسبيح الذي قاله لكم الروح القدس على فم داوود المزمّر إذ يقول: «ليفرح الربّ بأعماله» [كلمة ناقصة بسبب خرم]. والذي منحني الربّ إيّاه، هو الذي أقوله، واكتب به. وصعوبة أيضًا رأتها لاذكر اذه هذه الدنيا ونجاة القدّيسين والصالحين [٢/ ١ظ] عند قيامهم في أجسادهم، وصعودهم إلى السماوات وفرح الربّ بهم. وعظيم هو قولي بسبب تأنّي [أو ثاني] مجيء سيّدنا يسوع المسيح، ومعه كلّ جنود الملائكة والبشر.
الآن، إذا ذكروا تمجيد وعظمة ذلك اليوم، نتقاصر، ونرتعد، ويصعب عليّ أيضًا إنْ لم أذكر فعل الله- سبحانه -.
فلهذا أقول قد استبان لعقولنا منحه الله- سبحانه - على ما تقوله [كلمة غير واضحة] الكتب المقدّسة.
فنحن الآن نذكر لكم عجائب اللّه، أيّها السامعون، بخوف، وشهوة، لتكونوا متوقّعي مِنَح الملكوت، [٣/ ٢جـ] ولتبعدو عنكم الأفكار الردية، والأفعال السيئة، وتعتمدوا الأعمال الطاهرة؛ فلذلك أرغب إليكم، أيّها الأحباء الأطهار، أنْ تستمعوا الكلام، بخوف وتأمُّل، وتقبلوه بكل قلوبكم.
فإنّ الكلام هو طعام حيّ روحانيّ، كمثل البهائم، التي تُصْعِد من أجوافها العلف الذي كانو قد فرغو منه بأكلهم إيّاه، فتشتر [فتجترّ] عليه، مرّةً أُخرى، فيكون بداخلهم بذلك راحة.
كذلك أنتم أيضًا كونوا صاغين بكلام اليوم الأعظم، الذي يأتي مجيء سيّدنا ومخلّصنا يسوع المسيح - له المجد والسبح - من قلوبكم.
وجدّدو الكلام وردّدوه [٤/ ٢ظ] في أفكاركم، واذكروه بأفواهكم، واشترّو [واجترّور] أنتم أيضًا عليه معناه، بأنْ تذكّروه بعضكم مع بعض، وتقولوا هذا الكلام المملوا أهوالاً؛ لتكونو كاملين، بكلّ الفعال، وكلّ الأعمال، في هذه الدنيا.
وتكونوا في قيامة الأموات تامّين في أجسادكم، وتَصْعَدوا إلى السماء، وتسبّحو مع الملائكة الأطهار، ويفرح الربّ خالق الكلّ بكم.
فنحن الآن نؤمن بما في الإنجيل الطاهر، ونثق بما قاله الحواريون، والآباء الأطهار المتقدّمون أنّ عند انقضاء الأزمان، التي قرّرها الآب والابن والروح القدس، قبل الأزمان والدهور، سيجيء ابن الفساد، [٥/ ٣جـ] أعني الدجّال، الذي يتعظّم على الأرض، ويُظْهِر أنّه هو إله، هذا الذي يُهْلِكه الروحُ القُدُسُ.
فإنّ جميع من بقى من البشر، بطرفة عين [؟].
وعند ذلك تسقط نجوم السماء، كمثل ورق شجر التين، وتُحوّل السماوات، معنا ذلك أنّ اللهيبدّلها ويجدّدها، بأُعجوبة، كما لم تزل عجائبه.
وكما قال الروح القدس، في المزمور: «السماوات عَمَلُ يديك تُحَوَّل، وأنتَ باقٍ، وتَبْلا كلّها، كَمِثْل ثَوْبٍ، وكَمِثْلِ رِداءٍ تَطْويها، وتَتَغيّر».
هاكذى أيضًا يقول سَمْعونُ پُطْرُسُ السَليحُ: «إنّ الأرْضَ، وما عَلَيْها، تَحْتَرِقُ».
[٦/ ٣ظ] ثُمّ قالَ: «كُونُوا مُتَحَذِّرينَ ومُتَرَقِّبينَ أمامَ مَجيء الربِّ، هذا الذي مِنْهُ تَحْتَرِقُ السماوات، وتُحَوّل، وتَكونُ سَماءٌ جَديدٌ، وأرْضٌ جَديدَ، حَسَبْ ما وَعَدَ الذي ننتضره، كمثل ذهب، أو فضّة، أو نحاس، إذا دخلوا إلى النار، فإنّها تتنقّى من الدنس، وتتجدّد».
هاكذا أيضًا السماوات، والأرض، تتجدّد، بمرّة، بأُعجوبة، في اليوم الآخر.
وتضيء السماوات كثيرًا، بتجدّدها، وتتطهّر الأرض.
عند ذلك تترجرج السماوات، من كثرة عظمة ارتفاع مجد سيّدنا يسوع المسيح، الذي لا تحتويه الأفكار، الذي يظهر به، مع الخوف المهول الذي لمجيه [٧/ ٤جـ] الباهر للكلّ.
عند ذلك تضرب الملائكة بالقرون الكثيرة، فينهز كلاً.
ومن بعد يصوّت مقدّم الملائكة بالقرن الأعظم المهول جدًا [دانيال].
عند ذلك تجتمع جنود ملائكة السماء، وهم حاملون علامة صليب ابن اللهالحيّ، وهو يضيء بالنور.
ويعلم كلّ أحد أنّ المسيح سيّدنا، الذي صُلب بإرادته، هو الربّ الآتي، الجالس عن يمين أبيه، يسوع المسيح. وليس يأتي كمثل ما كان في مجيه الأوّل، إذ هبط من السماء، بلا جسد، بلا هول، ولا إظهار عظمة، لكن باتّضاع.
ومجيه الثاني، [٨/ ٤ظ] في آخر الزمان، يأتي بجسده الطاهر المقدّس، الذي أخذه من البتول الطاهرة، وصعد به إلى السماوات، عند انبعاثه من بين الأموات، متّحد به، من غير افتراق، ولا استحالة، من وقت أخذه من البتول الطاهرة مرتمريم، هو واحد، متّحد بجسده، إلى أبد الأبدين.
فيسوع المسيح ابن اللّه، الآن، فثاني مجيه، ليس تخلو منه السماوات، وعند صعوده أيضًا، هو يملأ كلّ مكان، السماوات والأرض، هو جالس عن يمين أبيه.
وليس مجيه [الثاني] باتّضاع، كمجيه الأوّل، لكن بعلوّ لاهوته، وبعظمة [٩/ ٥جـ] وبهاء، وتمجيد، وسلطان، لا يقدر على وصفه، بقدر ملكه، مع جنوده النيّرة، التي لا يُقْدَر عَلَى وصفها واحْصائها.
وملائكته الأطهار يصوّتون، ويقولون: «قدّوس هو الآتي باسم الربّ».
ويكون بين يديه نهر من نار يمشي أمامه، كما قال دانيال في رؤياه.
ويقول أيضًا المزمور: «إنّه يأتي الربّ بإعلان. إلاهنا لا يسكت، والنار تأكل أمامه، وتحوط به رياح كثيرة».
ويقول المزمور أيضًا: «نارًا مملوءة أمامه تأكل أعدايه الحائطين به».
فمن الآن أعداء الله- سبحانه - الذين تأكلهم النار، إلاّ مَن هو ظاهر [١٠/ ٥ظ] لنا انّه إبليس وجنوده الشياطين المردة الملاعين.
فتلك النار المهولة المملوءة تأكل، في البداية، إبليس وشياطينه كلّهم، في يوم الدَيْنونة.
وعِظَمُ تلك النار تُغْرِقُ الشَياطين وآباهُم.
ثمّ منْ بَعْدُ يظهر مَجْمَعُ الپَطارِكَةِ، والأنْبياءِ، والحواريون، والشُهَداءِ، والصالِحون، ويتبادرون لاستقبال ربّنا يسوع المسيح، في مَجيه.
ويأمُرُ الخالِقُ الكُلّ، بقوّته، ويقول: «لتَقُمْ الأمْواتُ! ليَقُمْ كلُّ مَنْ فِي القُبُور!»،
كما قال اللّه، عند الخِلْقَةِ: «ليَكونَ نيّرين، ونجوم»، وكَثْرَة الخَليقَةِ.
فبإرادته كان كلّ شيء، كذلك أيضًا بإرادة ابنه [١١/ ٦جـ] ومعونة الروح القدس، يـأمُرُ الربّ المسيح ابن الله أنْ تقوم أجْسادُ البَشَرِ كلّهم، مِنْ آدم وحوّاء، إلى آخرِ ساعة.
اليوم الأخير يقومون، بطرفة عين، الرجال، والنساء، والأطفال، الذين يرضعون، وتقوم الصغار، والكبار، ويقوم مَنْ قُتِلَ بالسَيْفِ، ويقوم مَنْ ماتَ محروقًا، ومَنْ أكَلَهُ الوَحْشُ، ومَنْ ماتَ بأيّ موتة كانت، في آخر ساعة من اليوم الأخير.
وتقوم سائر أجساد البشر، ونفوسهم، بقوّة أمر الربّ، في تلك الساعة.
وتقوم نفوس الصالحين والخطأة، وترجع كلّ نفس إلى جسدها، النفس الطاهرة إلى [١٢/ ٦ظ] جسدها الطاهر، والنَفْسُ النَجِسَةُ إلى جَسَدها النجس، الذي صنعوا فيه كلّ رَذيلَةُ.
ولا يمكن أنْ تدع نفس جسدها، الذي تركته، في الأرض، وتعودُ إلى جسدِ غيره.
ولا يأخذ الرب تراب، في اليوم الآخِرِ، فَيَخْلِقُ أجساد للأموات، وينفخ في وجوههم روح الحياة، كما فعل في بداية خليقته لآدم وحوّاء.
ولكن سيّدنا يسوع المسيح ابن الله يأمُرُ أنْ تَقومُ أجساد البشر، ونفوسهم، ولا يمكن نفس أنْ تأخذ جسد غريبًا، عِوَض من جسدها الأوّل.
ولا الأطهار يدعوا عنهم أجسادهم، الذي قبلوا فيها سائر العذاب، [١٣/ ٧جـ] على اسم المسيح، ويأخذو أجسادا عوض منها، فيقبلو التمجيد فيها؛ لكن الأجساد التي احتملت العذاب هي التي تقبل التمجيد فيها.
كذلك الاتمين ليس يتركون أجسادهم الدي زنوا فيها، وهوو، وعملوا الفواحش، ويأخذوا أجساد لم تأثم، ولم تذنب، ولم تظلم، فيقبلو العذاب فيها؛ إذْ كان الله - جلّ وعزّ - أعدل من هذا.
لكن الأجساد التي أذنبت، وآثمت، هي التي تقبل العذاب، والأوصاب، مع نفوسها، في نار جهنم، التي لا تطفأ؛ فنفس كلّ واحد منّا، إمّا صالح، وإمّا آثم، تتّحد بجسدها الأوّل.
فبطرفة عين، في آخر ساعة، كمثل واحد يعرف صديقه، [١٤/ ٧ظ] بعد غيبته عنه، في غربة، وفي موضع بعيد. ثمّ من بعد زمان عاد صديقه، فلقيه، وعرفه، فاعتنقا.
كذلك الأنفس كلّها تعتنق بأجسادها، كلّ نفس بجسدها تتّحد به، في يوم الدينونة، كما كانت أوّلاً، وليس تكون من بعد الأجساد تستحيل، ولا تموت، ولا تكون باتّضاع، ولا بأعضاء ناقصة، ضعيفة، ولا مهينة، ولكن النفس والجسد يكونان بقوّة ومجد، من غير فساد.
هاكدا يؤدّبنا السليح پولس الرسول الذي يتكلّم المسيح فيه، يقول عن قيامة الأموات: «إنّها تطرح بفساد، وتقوم من غير فساد، وتطرح بائتهان، [١٥/ ٨جـ] وتقوم بمجد؛ تزرع بضعف، وتقوم بقوّة».
فما معنا قوله: «إنّها تطرح بفساد أو بضعف، أو بائتهان؟». هو أنّه إذا مات الإنسان، ودُفن في الأرض، نتّن، وتقطّع، وتبدّد، وفسد، وتلاشا، والربّ يقيمه، يوم البعث، وهو تامّ كامل، من غير فساد، ولا استحالة، ولا موت من بعد.
وإذا مات أيضًا قَوْمٌ، وهم في حال ضعف، وائتهان، ونقص في الأعضاء، أمّا يصير من عما عينيه، أو أعرجًا من رجليه، أو أفقد من يديه، أو أنّه قطع بعض أعضائه، أو يكون أبرص، أو أجذم، أو أصمّ، أو أحدب، أو قصير، أو صغيرًا [١٦/ ٨ظ] أو غير ذلك من سائر النقصان، والعاهات للاحقة بالأجساد الاوله، فإنّها إذا ماتت، وتهرّت في الأرض، فليست تقوم ناقصة للأعضاء، هاكدا كلا، لكن يقومون بمجد قوّة، كما قال السليح.
فالقوّة والمجد اللذان يقومون بهما هو هذا انهم ليس يقومون بعما الاعين، ولا بعرج الرجلين، ولا بفقد لليدين، ولا بحدب، ولا ببرص، ولا بجذام، ولا بقصر، ولا بصمم، ولا بصغر، ولا بخرص، ولا بشي من بقية العوارض للاحقة بالاجساد، في سائر أعضائه، تامّ بجسد صحيح، لا ينظرون إلى طبائع، ولا إلى شهوات، [١٧/ ٩جـ] ولا يتشبّّه لهم مثال ذكور ولا اناث، ولا الذكور تتشبه لهم أعضاء الذكور، لكنهم كمثل آدم وحوّاء، وقت كونهما في الفردوس، قبل المخالفة، فإنّهما كانا عراة، لا يحتشم بعضهم من بعض، ولا يعلمان أنّهما عراة، ولا يفكّران في أمور مرذولة.
وكانت المنحة [الحيّة ؟] تلحقهما وهي التي لبست الموت.
فإذا كان هذا قد كان قبل القيامة، في بدي الخليقة، فكم بالحرا يوم قيامة الموتا، ليس يكون هناك فكر الشهوات، بل ترتفع عن سائر الذكور والاناث، ولا تجتمع الاجساد بين الذكور والاناث، [١٨/ ٩ظ] ولا تتحرّك الأجساد، ولا يكون في الانفس فكرًا مرذول، إلى الأبد، لكن الصالحين يكونوا كمثل الملائكة إلى الأبد.
هاكذا يقول سيدنا والاهنا في إنجيله المقدّس: «في يوم الدينونة، لا يتزوّجون، ولا يزوّجون، لكنهم يكونوا كمثل ملائكة الله، في السماء».
ويقول أيضًا ربّنا والاهنا في إنجيله المقدّس: «إنّ أولاد هذا الزمان يأخذون، ويعطون، والذين استحقّوا ذلك للأبد، ويوم القيامة لا يأخذون، ولا يعطون، ولا يكن [يمكن؟] بعد أنْ يموتوا؛ لمساواتهم بالملائكة، وهم أبناء الله، وأبناء ليوم القيامة.
[١٩/ ١٠جـ] فبحق إنّه يقوم سائر أجساد البشر ونفوسهم، من هابيل أوّل مَن مات، إلى مَن يموت في آخر ساعة الدنيا.
في تلك الساعة تخرج النفوس كلّها من أماكن التي تُحْفَظ فيها أنفس الأطهار والصالحين تخرج من الفردوس، ومن مظال مقدّسة؛ وأنفس الآثمين [تخرج] من أماكن مظلمة مسجونة، وتنظم [وتنضمّ] كلّ نفس إلى جسدها المتعارف لها، فتتّحد به من غير افتراق، إلى الأبد.
ثمّ يبعث الله ملائكته، فيجمعون له قدّيسيه، من الأربعة أرياح من أقطار الأرض إلى أقطار السماء، كما يقول في إنجيله.
على هذا المنوال، [٢٠/ ١٠ظ] وعلى هذا الفكر الذي نقوله هاكذا: «إنّ كلّ إنسان مات، في مكان كان فيه: إمّا من وحش أكله، أو من سمك، أو غير ذلك، أو مَن من أحرق بالنار، فعلى أيّ حال كان، فإنّ الأجساد كلّها التي ماتت بكلّ داء، وبكلّ علّة، وكلّ سبب تحت السماء، أو من وحش، أو من سمك، مع استحالة الوحش والسمك أيضًا من على الأرض؛
فإنّ الله العارف بكلّ شيء، والحائط به علمًا، من قبل كونه، وهو العالم بكلّ موضع [٢١/ ١١جـ] تبدّدوا فيه، وكلّ مكان أوو إليه أعني أجساد البشر، أمّا في الأرض، هو العالم بها، أو في المياه، هو العالم بمكانها، أو في الهواء، هو العالم بمواضعها.
وأقول بقطعًا أنّه بأيّ موت كان يأخذ الإنسان، وأجسادهم مبدّدة في الخلق كلّه تحت السماء، من الأربعة الأرياح التي يذكرها الإنجيل المقدّس، والأربعة الاستقصات وهي: النار، والهواء، والأرض، والماء؛ أو من أربعة أركان الأرض، بل الخلق كلّه الذي تحت للسماء، فإنّ الربّ [٢٢/ ١١ظ] الآمر لجميعها بإخراج ما فيها من الأجساد، فتقوم بسرعة، وبطرفة عين.
وليس تقوم بشيء من الوحش، ولا البهائم، ولا الهوام، ولا الدواب، ولا الأسماك، في يوم القيامة، ولا يكون شيء منها؛ لأنّ نفس هذه الموصوفة دمويّة مستحيلة.
والذي يقوله الكتاب: «إنّ الخلق كلّه سيحضر دينونة الربّ»؛
ليس يعني بذلك البهائم، ولا الوحوش، ولا الهوام، ولا الطائر، ولا الأسماك؛ إذ أنّ الله يقيمها، ويطالبها بمن أكلته [٢٣/ ١٢جـ] كلّه [؟]؛ إذ كنّا قد قلنا إنّ الله الخالق هو العالم بكلّ من أكله هاولا، والإنسان وحده هو الذي يقيمه، ويحضره الدينونة؛ لأنّ الإنسان مخلوق، والوحش، والبهائم، والهوام وغيرها، ما ذُكِر، وما لم يُذكَر، على الأرض، وفي المياه، فيكون، هاكدا قال الله في التوراه: «لنخلق إنسانًا بشبهنا، ومثالنا».
وبسبب الهوام، والوحش، والبهائم، والدواب، والطير، والأسماك، لم يقل: «لنخلقها»، لكن قال: «لتخرج للأرض نفسًا حيّة من كلّ جنس، فكان كذلك».
[٢٤/ ١٢ظ] وبين الخلق الآن والتكوين ميزة، فالمكوَّن لا يحضر الدينونة، ولا يقيمه أيضًا؛ والمخلوق وحده هو الذي يحضره الحساب، وهو الإنسان، الذي يقيمه بقوّة الربّ الخالق.
فإذا كان من لا كوّن، وأراد الربّ فكان كلّ شييء بإرادته، أيضًا يقيم البشّر كلّهم، هاولاء الذين تبدّدت أجسادهم، في البريّة كلّها، يقيمهم كلّهم؛
كما قال پولس الرسول: «إنّه بدقيقة، وبطرفة عين يُضْرَبُ بالقرن، فتقوم الأموات، من غير فساد».
فيحقّ لنا الآن أنْ نعلم ما الذي قاله إنّه تتبدّل، [٢٥/ ١٣جـ] هو الآن هذا الرسول، ومَن يشبهه في فعله؟
والقدّيسون كلّّهم يبدّلون.
فالتبديل هو أنْ تتبدّل أجسادهم، فتضيء بالنور، والبهاء، كمثل الشمس، كما يقول الإنجيل المقدّس: «إنّ الصالحين يضون مثل الشمس، في مُلْك أبيهم».
ويقول في دانيال النبيّ: «إنّ الذين يفهمون، يضون كضياء الجوّ».
ويقول أيضًا الرسول: «إنّا نقوم كلّنا، وليس نبدّل كلّنا»، معنى ذلك إنّه ليس تبدّل الخطأة، في يوم الآخرة، ولا يكونو في بهاء مجد القدّيسين.
يقول الحكيم پولس [٢٦/ ١٣ظ] رسول الحقّ: «كلّ الأجساد هذا الجسد ليس هو هذا الجسد، لكن بين أجساد للناس ميزة».
معنى ذلك أنّ في يوم الدينونة، بين الأجساد الذين حفضوا الصورة التي خلقهم الله به، وصاروا كاملين في كلّ أفعالهم، في دين الارثذكسيّة، وبين غيرهم ميزة، فكذلك صارت أجسادهم مضيه، في يوم الدينونة.
ويقول أيضًا: «خلاف أجساد للبهائم»، فهل يتكلّم بسبب للبهائم التي لا تنطق؟ كلاّ! إذ كنّا قد قلنا أيضًا إنّ البهائم لا تقوم [٢٧/ ١٤جـ] أعني بسبب العالم المشبّه للبهائم الناظرة إلى الفعال للأرضيّة والشهوات البهيميّة، وعقولهم مربوطة فيها، ولانّهم [؟] ينظرون إلى الفعال للتي تعدّت ملكوت للسماء، لكن بإرادة قلوبهم وشهواتهم دفعوا نفوسهم إلى فعال الإثم، والدنس، وللأفكار، البهيميّة.
فلهذا شُبّهوا بالبهائم التي لا نطقًا فيها، ولا علم عندها.
يقول النبيّ: «لأجل أنّهم تشبّهون بالخيل الذكور المشتهية للإناث».
ويقول أيضًا: «إذا كان [٢٨/ ٤ظ] إنسان في كرامة، ولا يعرفها، فهو يشبه البهائم، ويماثلها».
قال أيضًا الرسول السليح: «إنّ خلاف أجساد الطائر».
فهل يكون الطائر في مجمع للدينونة؟ كلاّ! لكنّه أعنا بذلك الناس الدي تطير قلوبهم، وتجذبهم مثل أجنحة الطائر، من المرسا الحسن الذي للميراث الارثذكسيّ، فيمضون إلى أماكن مرذولة للهراطقة المخالفين، أمّا بسبب تمنم [؟] أو لتمجيد زائل وشيكًا يطلبونه.
فسما للناس الخارجين عن الحقّ الطائر؛ لأنّ الطائر لا مستقرّ له [٢٩/ ١٥جـ] في مكان، كذلك للناس السوء؛ فإنّهم لا يثبتون البتّة في المكان المستقيم.
فلذلك قال للنبيّ إنّه صاح صائتًا وجمع ما له يكن منهم، وتركهم في فسادهم».
يقول أيضًا: «إنّه خلاف أجساد الأسماك»، فليس الآن يتكلّم بسبب للأسماك المستحيلة إنّ بين أجسادها ميزة، إذ ليس تقوم في يوم الدينونة، لكنـّه يتكلّم بسبب للناس العائشين في المياه المالحة للتي هي أفكار القلب المرذولة، والفعال النجسة، وعبادة للأوثان، فهم غاطسون في للآثام والفعال المظلمة [٣٠/ ١٥ظ] المدلهمة، كمثل الأسماك، التي هي غاطسة، غير ظاهرة، في المياه.
كذلك الآثمون هم أيضًا غاطسون في ذنوبهم، وابليس هو المالك عليهم، كما يقول الربّ لأيّوب الصدّيق: «إنّه الملك على ما في المياه»، أعني بذلك ابليس، إنّه المالك على الآثمين.
يقول أيضًا پولس، القدّيس المستحقّ للطوبا: «إنّ أجسادًا للسماء، وأجسادًا للأرض»، يعني في هذا الموضع أجساد الصالحين للأطهار أنّهم أجساد السماء، من قِبَل فعالهم الحسنة المقبولة، وإنّ أجسادهم تكون كمثل كواكب السماء، ويصعد بالأطها إلى للسماء.
فلذلك [٣١/ ١٦جـ] يسبّح داوود النبيّ قائلاً: «إنّه يصوّت للسماء فما فوق» ا [مشطوبة] يعني بذلك أنّ الناس القديسين الذين افكروا فيما للسماء وللدينونة والأجساد التي عنيها [أو: غيّبها] للأرض يعني أجساد الآثمين النجسين الذين افكروا في فواحش للأرض فعملوا بها.
قال أيضًا رسول الحقّ: «إنّ خلاف ضوء الشمس خلاف ضوء القمر»، وبين الكواكب أيضًا ميزة في مجدها. وليس يعني بذلك هذه للشمس، ولا هذا القمر، ولا هذه الكواكب للظاهرة، لكنه يتكلّم بسبب القدّيسين للأطهار والصالحين للأبرار [٣٢/ ١٦ظ] فإنّ ليس لهم مساواة واحدة في يوم الدينونة.
لكن منهم من يضيء كمثل الشمس، على قدر فعالهم، ومنهم مَن لم يبلغ فعل هاولاء، فهم يضون بضوء كمثل القمر، ومنهم أيضًا مَن لم يقدر على بلوغ فعل هاولاء فهم يضون مثل للكواكب.
ويقول أيضًا: «وإنّ بين كواكب وكواكب ميزة في بهائه»، ومعنى ذلك أنّ كلّ واحد من الصالحين يضيء في السماء على قدر أفعاله التي أقامها، في للدنيا.
والنجوم وهي كلّها في السماء تضيء وتنوّر، كذلك الصالحين كلّهم يكونو يضون [٣٣/ ١٧جـ] في السماء في أجسادهم التي عملوا الأعمال الصالحة فيها، وصاروا كاملين بها فهولا يكونوا كمثل [+ - مجد جسد] جسد ربّنا يسوع المسيح.
كذلك يقول الحكيم رسول الحقّ پولس: «إنّا نترقّب مخلّصنا وربّنا يسوع المسيح، هذا الذي يبدّل أجساد للأطهار».
هاكدًا أيضًا يقول يوحنّا للإنجيليّ: «إنّه إذا ظهر نكون مثله».
بالملائكة يجمع القدّيسين كلّهم ويقيموهم في أجسادهم [٣٤/ ١٧ظ] للتي لا تفسد أمام الملك الإله ديّان الحقّ للخلق كلّه، كما هو مكتوب أنّه يجمع إليه القدّيسون كلّهم الذين ثبتوا ميثاقه على قرانبين».
والقرابين الآن هي الأفعال الحسنة التي فعلوها القدّيسون بأمانة.
ويقف مجمع القدّيسون ليس هم لابسوا ثيابًا، ولا كسوة نُسِجَت، لكنهم لابسوا فعالهم البهيّة التي فعلوها عند كونهم بين العالم، في هذه الدنيا، وليس يكون الآن ذهبًا، ولا فضّة، ولا ثياب، ولا شيء من هذه الفعال هناك؛ لأنّ النار المهولة التي تحرق كلّ ذلك، [٣٥/ ١٨جـ] وتحرق جميع وسخ دنس للأرض.
وكما أنّ آدم لم يكن عليه، وقت كونه في الفردوس ثيابًا، وكذلك حوّاء، لكن بهاء للربّ الذي يحفظهما، ويشملهما هاكدًا أيضًا في يوم للدينونة.
وأقوّي أيضًا قولي عندكم أنّه كما انبعث سيّدنا وللاهنا من بين الأموات، ووجدت للثياب موضوعة في المقبرة، وتجلاّ ببهائه، ونور لاهوته، فلهذا الآن طبيب نفوسنا إنّه عند قيامنا في يوم الدينونة أنّه لا قميصًا ولا كساٍا [هكذا] لكن عوض القميص كلّ واحد [٣٦/ ١٨ظ] من القدّيسين لابس دينه القيّم الصالح، وفعاله الحسنة المقبولة وللآثمون والمذنبون المدحضون يكونوا لابسين أفعالهم النجسة المدلهمة.
اسمعوا هذا، ا مَن يلبس ثياب كثيرة مختلفة للأموات أكفانًا لكن نفوسهم لا تعلم أنّ الثياب تبلا، وتتقطّع، وأجسادهم معًا.
والذين يفعلون هاكدًا أنّهم يسخطون الله.
وقد كان يحقّ عليكم أنْ تعطوا من زائد هذا الذ يذهب إلى الفساد للفقراء والمحتاجين، وهم عراة، لنجد معشر الأحبّاء رحمة يوم للدينونة.
فالقدّيسون الآن [٣٧/ ١٩جـ] يقومون في أجسادهم من غير فساد، ولا موت، وهم في طهر وبهاء، وهم يمجّدون، ويسبّحون مع الجنود للروحانيّة، التي هي ملائكة السماء، ويقف القدّيسون أمام ملك للسماء يسوع المسيح ربّنا بمسرّة، لا تُدْرَك، وجذل لا ينصرم، على رووسهم التيجان بأكاليل الحقّ، غير البالية، على قدر فعال وتعب كلّ واحدًا منهم.
كمثل ملك عليه تاج، مكلّلاً بدرر سنيّة، لا يعرف قيمتها، لكنّها كلّها تضيء بالبهاء، ويعجب منها كلّ الناظرين إليها.
هاكدا الصالحين [٣٨/ ١٩ظ] يقبلون لباس التاج من للربّ يسوع المسيح، وأكاليلهم تكون مضية، ويكون فعل كلّ واحد منهم يضيء بالنور.
وأكليل الآباء الأوائل الپطاركة تضيء بسبب استماعهم للربّ، وأمانتهم به.
وأكليل الأنبياء يضيء بالبهاء بسبب نبوّتهم المضية المنيرة.
وأكليل الحواريون والرسل الأطهار يضيء بالبهاء بسبب دعوتهم للناس إلى معرفة الله: اآب، والابن، وروح القدس، مع العذاب الذي نالهم، والأوصاب التي لحقتهم من عبدة الأصنام، بسبب سيّدنا وإلاهنا يسوع المسيح [٣٩/ ٢٠جـ] وأكاليلهم مضية بالنور والبهاء،
وأكاليل الشهداء مضية بسبب ما لقوه من أنواع العذاب وسفك دماهم في محبّة ربّنا يسوع المسيح.
فتلك الفعال هي المضية المنيرة على أكاليلهم.
وأكاليل الآباء الأساقفة تضيء بآدابهم من فمهم الطاهر، وعرفهم فجزائهم يضيء بالنور على أكاليلهم.
وأكاليل الأطهار والقدّيسين تضيء بالبهاء وبطهارتهم وحرصهم لأجسادهم يضيء على أكاليلهم.
وإكليل المقيمين في الأمانة المعترفين يضيء بالبهاء وتكون طهارتهم وثبوتهم على أمانتهم مضية على أكاليلهم.
[٤٠/ ٢٠ظ] وأكاليل الرهبان الأطهار تكون تضيء بالبهاء على أكاليلهم لأجل انعكافهم وصلواتهم، والأعمال الصالحة منهم، وسهرهم بدعاء وتسبيح، وصبرهم يضيء بالبهاء على أكاليلهم.
وإكليل الرحماء وكلّ مَن يعمل البرّ والخير يضيء وتكون رحمتهم وصلاح أعمالهم يضيء على أكاليلهم.
فمن القادر على وصف المسرّة والنعيم التي تكون الملائكة الذين في السماء كلّهم عند مشاهدتهم حسن البشر في أجسادهم يمجّدوهم معهم في السماء، يسبّحون، ويقدّسون الربّ على فعاله كلّها.
ومَن لا يتعجّب، ويسبّح، ويبارك، ويسجد لمراحم الرب [٤١/ ٢١جـ] وهو الإله ملك الكلّ الذي يكون معه مسرّة ويسر، إذا شاهدنا نحن صنع يديه نكون معه في السماوات، ونكون ملوكًا من قِبَله، إذا شاهد الربّ أكاليل النور التي من الفعال على واحد واحد سيسرّ إذا رآنا وابنه الحبيب يأتي بنا إليه هديّة وتمجيد.
سيسرّ الآب والابن وروح القدس إذا رآنا معشر البشر في ملكوت السماء أحبابًا للملائكة، وإخوانًا للمسيح، ونكون أبناء الله، ونكون ورثة القدّيسين في هذه الكرامة العظيمة الآن، لا تجوعون [٤٢/ ٢١ظ] ولا يضمون [يظمأون]، ولا يتعبون، ولا ينامون، ولا يأكلون من طعام أرضيّ، ولا يشربون، ولا يهجعون [؟]، ولا تقلق قلوبهم، ولا يشتهون شيًا من أُمور هذه الدنيا.
ولا يكون نهارًا، ولا ليلاً، ولا برد، ولا حرّ، من بعد الدينونة، ولا يكون شيًا من هذه الفعال التي نشاهدها في الدنيا.
وقد كنت بدأت في القول، في الميمر الذي قبل هذا بسبب الملائكة، وكذلك يكون الأطهار القديسين فإنّهم يكونو أقويا أحبّا بالشعاع المضيء عليهم من بعد [؟] الاهوت المقدّس، ويكونو فرحين جذلين مسرورين [٤٣/ ٢٢جـ] بربّهم، الذي يكفل حيوتهم.
ويتمّ هناك قول السليح پولس رسول الحقّ هاكدًا لنكون الربّ هو لكلّ في كلّ.
والربّ الآن يكون طعامً وشراب وشبعًا ومسرّة، وجذلاً، وقوّة، ورحة، ومنحة كاملة للأطهار كلّهم.
ألا ترى إلى شجرة مغروسة على المياه، فإنّ الماء يكون قوامها، وطعامها، وحسنها، وقوّتها، وإذا كان ذلك هاكدًا الشجرة ثابتة على المياه فكم بالحريّ الربّ القادر الماسك الكلّ بقوّة لاهوته المقدّس، كما هو مكتوب: «إنّني [٤٤/ ٢٢ظ] أُسرّ بالربّ».
فهذا الذي قلناه على قدر قوّتنا بسبب القدّيسين الأطهار كلّهم الذين يسرّ الله بهم.
فللنظر الآن إلى ما هو موضوع للآثمين والخطأة المذنبين.
قد قلنا آنفًا: في اليوم الأخير المهول يأمر الربّ مخلّصنا بآخر صوت القرن المستمع في كلّ مكان، عند مجيء سيّدنا وإلاهنا يسوع المسيح بالقوّة العالية التي لأبيه وللروح القدس.
ففي دقيقة بطرفة عين يقوم كلّ الأموات والأحياء، كما هو مكتوب: «إنّه يدين الأحياء والأموات» [٤٥/ ٢٣جـ] كمثل ملك يذهب إلى مدينته فيتلقّاه أحبّاه الحافظون لوصيّته، ويتسرّعون إليه عند مجيه، وهم لابسون فخر ثيابهم، فرحون جذلون بعلمهم بما يلقونه منه لحفظهم وصاياه وعلمهم بما يوافق رضاه،
فهاكدا هو يشبه ما يكون للصالحين وللأطهار المتّقين عند مجيء ملكهم ربّنا يسوع المسيح، في يوم لدينونة، وإنّهم يتبادرو إليه وكلّ واحدًا منهم لابس لأفعاله الحسنة المضية، ويكونو معه وهو يدين كلاً،
وهاكدًا أيضًا [٤٦/ ٢٣ظ] مثل الخطأة والعصاة المذنبين إنّه كمثل ملك وصل إلى مدينته، فإنّ المجرمين بخوف ورعدة شديدة، إذا سمعوا أنّ الملك قد جاء لعلمهم بما قدموا عليه من الجرائم، وعند ذلك تخاصمهم عقولهم، وتوجب عليهم استحقاق الموت، هو شبه الخطأة المذنبين، إذا سمعوا صوت القرن الأعظم بمجيء ملك المجد، الأكرم، ربّنا يسوع المسيح، سيكونوا قلقين هلعين، لا يعرفون لهم مهربًا، ولا ملجأً؛ لكثرة خطاياهم، وذنوبهم، التي صنعوها، فإنّ أفكارهم تؤدّبهم [٤٧/ ٢٤جـ]، وتنكر عليهم أنّهم أعداء الوصاايا للربّ.
فهاولاء الآن يكونون في أنواع من العذاب، وأليم من العقاب، الذي لا انقضا لها.
سيجيء الربّ الديان يسوع المسيح؛ ليدين الأحياء والأموات.
ويجب علينا أنْ نعلم مَن هم الأحياء، ومَن هم الأموات.
فالأحياء الآن هم الذين ذكرتهم، إنّهم القدّيسون والصحالحون الذين أصغدا [سيك] إليه قرابينًا حيّة مقدّسة مستحقّة، وهي الفعال التي أقاموها عند مقامهم في الدنيا.
والأموات الذين نقول إنّه يدينهم هو المذنبون الاثمون [٤٨/ ٢٤ظ] كلّهم، هاولا الذين أقاموا زمانهم كلّه في فعال منتّنة مرذولة نجسة، منتّنة بالإثم الذي يفعلونه.
فلنرجع الآن فنتأمّل المعنا الآخر لنفس هذا الكلام: «إنّه يأتي ليدين الأحياء والأموات»، ففي ذلك دعاء لنفس الناس كلّهم وليس الأنفس الخارجة من الأجساد تموت البتّة، ولا تقبل الفساد، ولا الاستحالة إلى الأبد؛ لأنّها ليست رياح، لكنّها غير مائتة، بل هي ناطقة عالمة، والأموات الذين عينهم [عنيهم] هي الأجساد [* الـ] الناس كلّهم التي يدينها من بعد المَحْق والتبدّدفي الأرض، والماء والنار، والهواء، فقبل يوم القيامة [٤٩/ ٢٥جـ]، وفي ذلك اليوم يقيمهم الله كلّهم بأمره القاهر، القادر، وكذلك الذين يبقون إلى آخر ساعة من الدينا.
ويقوم كلّ من هابيل أوّل مَن مات، وإلى آخر مَن يؤمن مَن انفسد جسده، في التراب ، وغير التراب، بطول الأزمان، ويقوم الأوّل والآخر معًا، في وقت بطرفة عين، من مشارق الأرض إلى مغاربها، ومن شمالها إلى جنوبها. وتنتظم كلّ نفس إلى جسدها، من غير افتراق، ولا استحالة، كما قال سيّدنا وربّنا، في إنجيله المقدّس، كذلك يكون في آخر [٥٠/ ٢٥ظ] الأزمان يبعث ابن البشر ملائكته ليجمعوا كلّ المرذولين، وفاعلي الخطيه، فيجعلوا في أتون النار مكان البكاء وصرير الأسنان.
ففي هذا المكان يسمّي مجيه الثاني، في يوم الدينونة ملكوته، والمرذولين الذين يسمّيهم، ويعني أنّ ملائكته تجمعهم في ملكه هم محبوا الفرقة بين الناس، الذين ينمّون، ويطرحون الشرّ من [؟] بينهم، ويفرّقون بين الجموع في الأمانة المستقيمة.
هاولاء الذين يجمعهم في ملكه، يوم الدينونة، ويجعلون في النار التي لا تطفا.
هأكدا [٥١/ ٢٦جـ] يقول أيضًا في الإنجيل المقدّس إنّ الملك يقول، في ذلك اليوم، للقاسين القلوب: «اخرجوا عنّي، يا ملاعين، إلى النار الأبديّة المعدّة لابليس وجنوده».
والذي لا يجد عليه كسوة وليمة العرس يخرجهم إلى الظلمة القصوا مكان البكاء وثرير الأسنان.
فكسوة وليمة العرس الآن هي الدين المستقيم، والذين لا يوجدوا لابسيه ، في اليوم الأخير، كما يقول في الإنجيل المقدس، إنّ الملك يقول للخدّام وهم الملائكة، بسبب مَن لم يوجد عليهم [+ - عليه] ثياب ولييمة العرس [٥٢/ ٢٦ظ] أوثقوا هذا بيديه ورجليه، واجعلوه خارجًا، مكان الظلمة القصوا، وصرير الأسنان، والبكاء.
يقول أيضًا ربّنا: «اجمعوا الزوان، واحزموه حزمًا، واحرقوه بالنار».
فهل يجمع الله، في الأرض، الزوان، ويحرق بالنار كلا، إذ ليس هذا معنا الكلام، لكن الزوان اليذ يعنيهم الهراطقة المخالفون.
وكما أنّ الزوان ينبت، ويصعد من الأرض مع الحنطة، ويوجد سنبل الزوان طويلاً يساوي البزور ويشابهها، وليس بتحقيق؛ لأنّ ليس في سنبل الزوان ثمرة محيية للناس، [٥٣/ ٢٧جـ] بل ظارة لهم إذا أكلوا منها.
هاكدا أيضًا الهراطقة المخالفون، وإن كان عندهم التشبّه بخيريّة المسيحيين؛ فإنّهم جاحدون القوّة، كما قال السليح رسول الحقّ: «فالناس الآن الذين [- + مذهبهم] ومقالتهم مرذولة يحزمون حزمًا، ويحرقون بالنار»، ومعنا ذلك أنْ يحرقوا إلى الأبد.
يقول أيضًا ربنا والاهنا بسبب العبد السكّير إنّه يحضر سيّد ذلك العبد، في اليوم الذي لا يعرفه، وفي الساعة التي لا يتوقّعها، فيشقّه، ويجعله اثنين، ويكون نصيبه مع المرائين، مكان [٥٤/ ٢٧ظ] يكون البكاء وصرير الأسنان».
فيحقّ علينا أنْ نعرف ما هو الشقّ من وسطه، هل يشقّ جسمه؟ كلاّ، لكن الذي يعنيه هو هذا أنْ يفرقه من نعمة روح القدس، الذي قبله في المعموديّة، ومعنا القول أنّه يجعل نصيبه مع المرائين؛ لأنّ المرائين الآن هم الهراطقة المخالفين القايلين برياهم إنّهم، على ما في الكُتُب، وليس يؤمنون بقصد الحقّ، لكن على أفكار قلوبهم المرذولة، ويبدّلون الكلام الإلهيّ الذي في الكُتُب المقدّسة، وينزلوا الأمر فيها على شهوات نفوسهم، وقلوبهم.
يقول أيضًا [٥٥/ ٢٨جـ] بسبب العبد الذي لم يدفع الفضّة إلى أصحاب الموائد: «خذوا منه الكيس، وادفعوه إلى صاحب العشرة الأمناء. فمن كان له سيعطا أيضًا، ويفضل معه، ومَن ليس له سيؤخذ ما يكون معه. وذلك العبد سيُجْعَل في مكان الظلمة الخارجة، حيث يكون البكاء، وصرير الأسنان».
فيحقّ علينا أنْ نعرف مَن هو المرذول، وما هي الفضّة التي لم يعطها لأصحاب الموائد، وما هو المن الذي أُخِذ منه، وأُعطى لصاحب العشرة.
فالعبد المرذول هو اسقف مدحوض، أو قسّ، أو شمّاس [٥٦/ ٢٨ظ] الذين استحقّوا موهبة روح القدس، من الله - سبحانه، ولم يصنعوا الرب، لكنّهم جلسوا بكسل، لا يعملون بأوامر الربّ، والفضّة التي هي الوصايا التي لم يوصوا بها الشعب؛ لينجوا في يوم الدينونة.
فالرب يدع من يأخذ المن من هو هاكدي، وهي المنحة التي أعطاهم إيّاها، ويخرجهم إلى الظلمة القصوا، هاكدي يقول رسول الحق پولس السليح: «إنّه إذا أذنبنا بإرادتنا من بعد معرفتنا للحقّ، لم يبقَ الآن قربان، بسبب الخطيه، لكن انتظار الدينونة مهولة، ومن النار تحرق وتأكل [٥٧/ ٢٩جـ] مضادديه».
فمن لا يجزع إذا سمع هذا الوعيد، ويرتعد بخوف شديد، ومَن فيه اذنا فكرًا لله، لا يبكي، وينتحب، ويدع قلبه يبكي هاهنا من قبل الموت. وما الظنّ تتيك النيران في جهنم هي مائة سنة أو ألف عام، لكن العذاب أبديّ سرمديّ.
كما قال الإنجيل المقدّس: «إنّ هاولاي يمضوا إلى عذاب أبديًا، والصالحين إلى حياة خالدة أبديّة».
يقول ؤشعيا النبيّ أيضًا هأكدا: «إنّ دودهم لا يموت، ولا يهدا، ونارهم لا تنصرم، ولا يطفا».
[٥٨/ ٢٩ظ] فتلك النار تسما جهنّم، التي لا تطفا، لكنّها تغلي غليانًا، في كلّ وقت، وفي كلّ زمانًا، لا تفننا نيرانها.
ولعلّ قائل يقول إنّ كيف يقدر انسانًا أنْ يعيش إلى الأبد في تلك النار، لِمَ لا يستحيل؟
فليعلم المعيب أنّ الله الذي له القدرة في كلّ أمر بهذا أنْ لا تستحيل الأجساد، ولا النفوس، في النيران، إلى الأبد، لأنّه مقيم من غير استحالة، لئلاّ يستحيل الجسد والنفس في النار.
ولهذا أضرب لك مثلاً: نحن نشاهد القدر المملوه بالماء، في مستوقد [٥٩/ ٣٠جـ] الحمّام يوقد تحتها ليل ونهار بالنيران، فلا تستحيل، ولا تنفسد، على أنّ طبيعة الرصاص إذا قرب من النار ذاب واستحال، لكن القدر ما دامت مملوه بالماء فليس تستحيل، ولا تذوب البتّة، وإنّ دام الوقيد تحتها.
هاكدي أنزل الأمر على معنا النفس والجسد بمعنا الماء في القدر، ومعنا القدور تركه على الجسد.
فعلى هذا المعنا تكون نفوس الآثمين وأجسادهم في النار، التي لا تطفا إلى الأبد، من غير استحالة للأجساد، ولا النفوس.
ونرجع أيضًا [٦٠/ ٣٠ظ] أنّه عندما تكون القماقم النحاس والفخّار مملوهً من الماء، ويوقد تحتها بالنار، فإنّها لا تستحيل ولا تفنا.
كذلك الآثمون في كلّ وقت هم في النار خالدين، لا ينفسدون، ولا يستحيلون.
وكما أنّ القدّيسين والصالحين هم في ملكوت السماء ملوكًا مع السيّد المسيح خالقهم، في أجسادهم إلى الأبد، هاكدي الآثمون يكونون في جهنّم بأجسادهم خالدين إلى الأبد؛ لأنّهم خالفوا أوامر الربّ، وأفسدوا وصاياه.
وليس جهنّم للمذنبين الخطأة [٦١/ ٣١جـ] واحدة بمساواة لهم، لكن بين ذلك تباين، على أنّهم كلّهم قد بعدوا عن ملكوت الربّ. لكن بين نيرانهم ميزة: فمنهم مَن ينزل قعر جهنّم كما قال الربّ: «إنّ مَن قال لأخيه: "يا جنن"، يستحقّ قعر جنّهم».
فلا تظنّ أنّ اسماعك لصديقك هو شيء حقير ، لا تفكّر فيه، أو هو كلام حقير، أو سماع يسير، إذا قلت: «يا جنن». أتريد أنْ تعلم أنّ ليس هو كلام حقير، أو لا خفيف؟ أنا أعلمك ثقله والجزاء عليه.
فالذي يقول لأخيه: «يا جنن»، يعني بذلك أيْ أنّه بعد [٦٢/ ٣١ظ] من منحه الله، أيْ أنّك بعدت من مجد الإله، كمثل البهيمة، أو فرس جموح شرود آبق يهربان من أربابهما، ولا ينعطفا، ولا يتألّفا. فإنّ هذا يسما جنن.
كذلك مَن يقول لمؤمن مسيحيّ، هذا الذي صار أخًا للمسيح من قبل الأمانة والمعموديّة: «يا جنن»، لم يشبهه بالبهائم الشرودة، يعني أنّه هرب من ربّه المسيح، وصار بعيدًا منه.
فهل ترا يجعل مَن قال هذا لصاحبه في قعر جهنّم، أوْ لا يقول أيضًا إنّه إذا نضرت عينك للمناضر شهوةً [٦٣/ ٣٢جـ] فاقلعها، وأبعدها منك، فحسن أنْ تفسد عضوًا من جسمك خيرًا من أنْ تنزل جسدك قعر جهنّم. كذلك يقول أيضًا عن اليد اليمنا.
أتظنّ أنّه أمرنا أنْ تقطع عنا أعضاينا؟ كلاّ! لكن العين التي قالها يعنيها أنْ نقلع ونطرح هي الشهوة المرذولة يرد أنْ نقلعها من عيون قلوبنا. واليد اليمنا التي يعنيها هو أنْ نقطع عنّا الغضب والظلم، وليس يعني هذا وحده، لكنه يأمرنا أنّه إذا كان لنا أخ، أو صديق، يحسن لنا [٦٤/ ٣٢ظ] ذميم فعالنا، وهو مثل أعيننا، أو أيدينا، ويشوّقنا إلى امورًا داعية للإثم، وإلى ما يسخط الله، أو يشوّقنا إلى نقالات ومذاهب، أعني هاولايك الإخوة والأصدقاء المرذولين في سيرتهم وفعالهم.
فيحقّ علينا أنْ نستأصل ذكرهم من قلوبنا، ونمحا الفكر بهم من أبصارنا؛ لأنّهم ارديا لنا؛ لئلاّ نترك جسدنا كلّه. معنا ذلك نحن وهم إلى قعر جهنّم.
ومن الآثمين أيضًا قومًا يبعث بهم إلى نارًا مخالفة، ومنهم مَن يُبْعَث [٦٥/ ٣٣جـ] بهم إلى الظلمة القاصية، ومنهم إلى النار المعدّة لابليس وجنوده.
فليس بارذل من تبك [؟] النار، فهناك أنواع العذاب لا يحصا، ولا يمكن ذكر جميعه.
وبين جهنّم ميزة لمن يُعَذَّب فيها، وإنْ أردت أنْ تطيّب قلبك، أنا أضرب لك مثلاً على مَن يُعَذَّب في جهنّم: إنّه كمثل أتون نار يوقَد فيها بحطب، فالحطب الذي يُتْرَك فيها، وفي وسطها، يجوز أنْ يحترق بأسره، ومنهم مثل ما يكون نصفه يُتْرَك فيها، وليس يجري مجرا ما تُرِك جميعه، في وسطها [٦٦/ ٣٣ظ] فيحوط به النار من كلّ جانب، ومن الحطب أيضًا ما تُجْعَل أطرافه في النار، فإنّه لا يجري مجرى الأوّل، ولا الثاني، ووقوع الفعل على الكلّ أنّه في أتون النار، وبين ذلك ميزة، وتباين،
فبين ما جميعه في النار، وبين ما وسطه فيها ميزة، وبين ما وسطه في النار، وبين ما أطرافه فيها ميزة. كذلك ليكن ظنّك بمن هو في النار، وفي جهنّم.
وانظر أيضًا إلى قومًا أعلاّء بالحما [بالحمّى]، فمنهم مَن حماته صلبة شديدة صعبة، ومنهم من هو متوسّط، ومنهم مَن هو دون ذلك [٦٧/ ٣٤جـ] وعليه الحما جامعة لهم، وربّما كان مع الحما لكلّ واحدًا منهم علّة تخالف علّة صاحبه.
فلتفكّر في مَن هو في جهنّم هاكدي، فعلى قدر ثقل ذنوب كلّ إنسان يكون عذابه، إلى الأبد.
فبين جهنّم الملاعين، وعبدة الأوثان، وبين [+* ا] جهنّم الهراطقة والمخالفين ميزة، وبين جهنّم مَن يتحرّز في كثير فيوم [فيقوم] بذنب وبين مَن يذنب في كثير ميزة. وبين جهنّم القاتولين، وجهنّم الفسقة ميزة، وكذلك جهنّم الزناة بينها وبين جهنّم مَن أقام عمره في الشرب [٦٨/ ٣٤ظ] والتنعّم الزائل، وهم يسخطون الربّ، وماتوا في فعلهم ميزة، وهم يعذّبون في جهنّم إلى الأبد، والفايزون يسرّون الله.
نحن صنعة يديه يرانا أنّا قد فزنا إلى السماء معه، ويغضب على الذين أسخطوه بفعالهم، التي تمسّكوا بها، ولم يتوبوا إليه البتّة، لكنّهم جلسوا يسخطونه.
فلذلك يقول النبيّ: «الذي إذا نظر إلى السماء، ارتعدت أمامه.
فمنهم الآثمون الذين أقاموا زمانهم كلّّه في آثامهم، ونجّس الأرض، ولم يريدوا فعال الربّ، بسبب فعالهم المرذولة، فإنّ الربّ [٦٩/ ٣٥جـ] يدعهم يرتعدون في جهنّم.
قال النبيّ: «الذي إذا نظر إلى الجبال تركها كالدخّان».
فإنْ سمعت هذا، فلا تظنّ أنّه يعني الجبال الحجارة، التي على الأرض، لكنّه يتكلّم بسبب الجبال المظلمة، وهو ابليس وجنوده فهاولاء الذين يجعلهم الله كالدخّان في النار، التي لا تطفا يوم الدينونة.
وفي هذا الموضع أيضًا سما الملوك الملاعين والجبابرة الآثمين الذين كانوا في التعظيم والأمر الجسيم، أيْ الجبال المظلمة؛ لأنّ هاولايك كانوا متعظّمين على الأرض، آخذين بالوجوه [٧٠/ ٣٥ظ] كمثل الجبال العالية على الأرض كلّها.
فاولايك الملوك الذين كانوا هم جبال الخطيه يخوّفون الناس، ويدعونهم إلى جحود [+* دلك] الربّ.
فلهذا قال الله أنْ يكونوا دخّانًا في النار التي لا تطفا يوم الدينونة.
أتريد أنْ تعرف أسماء الجبال العالية في الخطيه
رجيعام ابن عبده ملك إسرائيل هو جبال الخطيه، وكلّ مَن يشبهه
يوليانوس الجاحد الكافر هو أيضًا جبل الخطيه.
ديقلاطيانوس الكافر هو جبل الخطيه، وكلّ مَن يشبهه [٧١/ ٣٦جـ] بسبب خطاياهم وأعمالهم السوء التي صنعوها.
فالربّ يدفعهم إلى النار التي لا تطفا، ويجعلهم كالدخّان فيها، مع ابليس وجنوده، إلى الأبد.
وهذه النار التي يجعل فيها هاولاء ومَن يشبههم، ويجري في العتو والطغيان مجراهم ليس فيها نورًا لكن ظلمة مدلهّمة.
وفي هذا أيضًا سما الأساقفة الملاعين أطوارًا وجبالاً؛ لأنّهم علوا على الشعب كلّه، كمثل الجبال العالية على الأرض كلّها، وبسبب كلامهم الكاذب الذي يوديون [يؤذون] به [٧٢/ ٣٦ظ] أولاد البشر، هم يفسدون نفوسهم، ويضلّونهم، ولأعمالهم المرذولة وآدابهم المفسودة يدفعهم الله إلى جهنّم، في النار خالدين إلى الأبد، ويخرج من أفواههم الدخّان.
فقد قلنا الآن وذكرنا الجبال والأطوار النجسة الخاطيه، التي ينظر الربّ إليها، فتصير دخّانًا في جهنّم، وهو ابليس وجنوده، وديقليظيانوس ومَن يشبهه من الملوك الملاعين والجبابرة العاتيين، والأساقفة، والقسّيسيين المخالفين في الأمانة.
وهناك أيضًا أطوارًا مقدّسة طاهرة، كما قال داوود النبيّ في المزمور.
إنّ [٧٣/ ٣٧جـ] الأطوار تهلك، أمام وجه الربّ؛ لأنّه يأتي فيدين الأرض.
فهاولا الأطوار التي يعنيها الآن أنّها تتهلّل أمام وجه الربّ، عند اتيانه ليدين الأرض، هم الأنبياء، والحواريون، والرسل، ومؤدّبو الكنيسة الأطهار، هم الذين يهلّلون في المجيء الثاني للدينونة.
فلذلك يقول حزقيال النبيّ: «إنّني أحكم بين كبش وكبش، وبين كبش وحمل».
فإنْ سمعت مثل هذا، فلا تظنّ بالله أنّّه يحكم بين الكباش، الدي لا نطق لها، ولا علم عندها، كلاّ! لأنّه - سبحانه اعنا [٧٤/ ٣٧ظ] بالكباش التي ذكرها، على فم نبيه، أنّهم الناس العلمانيون الذين يدينهم، مع أصحابهم.
يقيم الله هابيل، الذي صار حملاً طاهرًا، من قِبَل أفعاله، وأفعال أخيه، هذا الذي صار كبشًا ملعونًا، بأفعاله الملعونة، وينكر على قائين كيف لم يكن قدّيسًا مثل هابيل أخيه.
ويقيم إبراهيم ولوط الدين صاروا كاملين طاهرين بفعالهم الحسنة، مع أهل سادوم وغامورا، ويقول لهم: «كيف لم تكونوا صدّيقين مثل إبراهيم ولوط، الدين كانا ساكنين بين أظهركم، في الأرض.
ويقيم يعقوب هذا الذي صار حملاً طاهرًا [٧٥/ ٣٨جـ] بفعاله المستحسنة، ويقيم العيص أخاه، الذي صار كبشأ مدحوضًا ، وينكر عليه إذ لم يعجبه مثل يعقوب أخيه من أُمّه وأبيه.
يقول أيضًا: «إنّه يحكم بين كبش وكبش».
فالكباش، على ظاهر الأمر، هم الأقوياء، وهم أرفع من النعاج؛ لأنّك تجد قرون الكباش مباينة لقرون النعاج.
كذلك أيضًا ملوك الأرض هم في العزّ اعلا من الناس كلّهم؛ فهم الذين يعنيهم أنّه «يحكم بين كبش وكبش».
ويقيم داوود الحمل الطاهر، هذا الذي صار ملكًا قدّيسًا، ويقيم شاوول [٧٦/ ٣٨ظ]، الذي صار كبشًا ملعونًا، وملكًا فاجرًا، وإنّ الله لينكر على شاوول، ويقول له إنّ كيف لم يكن صدّيقًا مثل داوود، وحفظ وصايا الربّ، وصار ساجدًا له، وممجّدًا لاسمه المقدّس، ليلاً ونهارًا، وأدّب الشعب، الذي هو مَلَك عليه، ليسبّح، ويسجد لله. ووقع شاوول في يديه مرارًا كثيرة، فلم يقتله، لكنّه تركه لله. وشاوول حاد عن سبيل الله المستقيمة، ولم يحفظ وصايا الربّ، بل قتل كهنته، وطرد داوود، وحاول قتله.
ويقيم أيضًا آحاز [٧٧/ ٣٩جـ]؛ لأنّه ترك عنه ربّه، الذي خلقه، وصنع أصنام للشياطين، وأقامهم، وعبدهم كمثل آلهة، ونجّس هيكل الربّ بالأصنام، وترك الشعب كلّه، الذي هو ملك عليهم، يعبدون الأصنام مثله. وهشّم ابنه حزقيا الأصنام التي أقامها أبوه، وفتح أبواب هيكل الربّ، وترك الشعب، الذي هو ملك عليهم يعبدون الربّ، بمسرّة، ورفضوا بالأصنام.
ويدين الله أيضًا رجبعام [رحبعام] ابن عبد، وآحاب، وكلّ مَن هو مثلهما، الكباش الملاعين، الذين تركوا الله، وصنعوا لهم آلهة، عجاجيل [جمع: عجل] وأصنامًا كثيرة، وأقاموها، وعبدوها، [٧٨/ ٣٩ظ]، إنّها عندهم آلهة.
تركوا عشرة الأسباط التي لإسرائيل الداخلة في ملكهم، أنْ يتركو عنهم عبادة الله، ويعبدوا الشياطين.
فالربّ الآن يحكم بين هاولا الكباش الملاعين، وبين يوسيا الحمل الطاهر؛لأنّ هاولايك تركو الله عنهم، ويوسيا عمل الصلاح، أمام الربّ، وهشّم الأصنام التي أقاموها، وأحرقها بالنار. وترك الشعب كلّه، الذي هو ملك عليهم أنْ يخافوا من الربّ ويعبدوه، بكله قلوبهم، بحقّ ومسرّة.
فالله القادر يدين كلّ جيل الملوك الملاعين، مع شعوبهم الملاعين [٧٩/ ٤٠جـ]، الذين تركوا الله عنهم، ورفضوا بوصاياه، ويدفعهم إلى جهنّم، إلى الأبد. والملوك الصالحين، وشعوبهم الأطهار معهم، يدفعهم إلى الملكوت الأبديّة.
ويحكم الربّ بين الأنبياء الصادقين وبين الأنبياء الكاذبين؛ لأنّ الأنبياء الصادقين تنبوا صدقًا باسمه، وخاصموا كلّ أحد؛ لكي يحفضوا سبل الربّ. والأنبياء الكذبة تنبوا بالكذب، وضلّوا أُناسًا كثيرة عن السبل المستقيم [سيك). وأنبياء الحقّ يكونا [سيك] بكرامة في الملكوت، والأنبياء الكذبة يكونون بمهانة في جهنّم خالدين.
ويحكم الربّ أيضًا بين الحواريين [٨٠/ ٤٠ظ] الاثني عشر القدّيسين، وبين الاثني عشر سبط إسرائيل.
كذلك يقول الربّ: «إنّه عند جلوس ابن البشر على كرسي مجده، سيجلسكم أنتم أيضًا على اثني عشر كرسيًا؛ لتدينوا اثني عشر سبط إسرائيل».
فإنْ سمعتم هذا فلا تظّنوا أنّ الحواريين يجلسوا على كراسي من خشب، أو كراسي من حجارة، أو من ذهب، أو من فضّة، أو غير ذلك، لا يكون ذلك في المجيء الثاني الذي لربّنا يسوع المسيح، ولا يجلس أحدًا مع ابن الله، إلاّ الآب وروح القدس.
فأمّا أهل السماوات والأرض، ومن هو في التخوم [٨١/ ٤١جـ] السافلة سيركعون، ويسجدون للثالوث المقدّس.
فالكراسي التي اعنا بجلوس الحواريين عليها هي أنْ يكونوا في مجدًا يفوق العقول بكرامة من مجد ابن الله، في يوم الدينونة، ويقيمون في هذا المجد، وفي هذه الكرامة، إلى الأبد، إذ ليس في سائر [+ ويكشط الاجساد؟] القدّيسين، ولا الصالحين من هو أقرب إلى الله من الحواريين الأطهار، وكذلك مَن يشبههم، ويعمل علم قوله لهم: «إنّكم تدينو اثني عشر سبط إسرائيل»، لكرامتهم.
كما قال عن أهل نينوا: «إنّهم يقومون، فيدينون هذا الجيل»، يعني بني إسرائيل العتاة، الذين لم يقبلوه [٨١ب/ ٤١ظ]، بل رفضوا به، وصلبوه.
فواحد هو الآن الديّان، وهو الابن الوحيد، باتّحادًا من الله، ومن الروح القدس، كما يقول پولس السليح رسول الحقّ.
وهأكدا أيضًا يقول ربّنا: «إنّ الآب لا يدين أحد، لكنّ القضاء كلّه أعطاه للابن».
وقوله أيضًا للحواريين: «إنّكم تدينون الاثني عشر سبط»، هو هاكدًا، أيْ أنّهم من جنس إسرائيل، وأنّهم كانوا قومًا فقراء، ليس لهم ذلك الجدل، ولا ذلك اللسان المنطلق، فآمنوا بالمخلّص المسيح، وأحبّوه، بكلّ قلوبهم، وبأعمالهم الصالحة، أعادوا العالَم من عبادة الأصنام إلى نور الإيمان [٨٢/ ٤٢جـ] بالله ومعرفته، وإلى الأعمال الصالحة.
واليهود الذين كانوا معلّمي الناموس، ويدرسون كُتُب الأنبياء، في كلّ السبوت، فلم يقنعهم تركهم الأمانة بالمسيح، على ما في كُتُبهم، لكنّهم تغتوا [؟] على صلبه على خشبة، وقتله.
فلهذا قال ربّنا المسيح لليهود الملاعين: إنّ الحواريين يدينونهم، معنى ذلك أنّهم آمنوا بي، وأنتم جحدتموني، وهو أحبّوني، وصنعوا مسرّتي، فلذلك اليهود يذهبون إلى جهنّم، المكان الذي فيه ابليس وجنوده، إلى الأبد.
ويدين الله أيضًا الملوك المسيحيين، ويحكم بين مَن صنع فيهم أوامره، وحفظ وصاياه [٨٣/ ٤٢ظ]، وبين مَن رفض بذلك، وتركه عنه متمّم.
ويحكم الربّ أيضًا بين الأساقفة الملاعين، الذين رعوا قطيع المسيح، بظلم، ولم يعلّموهم إنهاج السبل الصالحة، وبين مَن حفظ أوامر الربّ، وعلّم الشعب حفظ وصاياه، وعمل بطاعته، في يوم الدين، وينكروا على مَن خالف ولم يحفظ.
وكذلك يحكم بين الكهنة السوء، وبين الكهنة الصالحين.
ويحكم أيضًا على الرهبان السوء، الذين نجّسوا أجسادهم بالزنا، وتفرّغوا لعمل الأعمال الزائلة، ومالوا إلى السُكْر، وكسلوا عن عبادتهم، وينكر على هاولاء من قِبَل الرهبان الأخيار [٨٤/ ٤٣جـ] الأطهار، الذين تموا عبادتهم بطهارة، وعبادة كثيرة، تامّين في كلّ فعالهم.
والذين قلناه للآن إنّما هو عن ما قيل: «إنّه يحكم بين كبش وحمل، وبين كبش وتيس».
ويجب أنْ نقول أيضًا ما قيل: «إنّه يحكم بين كباش وكباش».
معنى ذلك أنّه يدين من العلمانيين والنساء من مَن مات، وهو في أنواع كثيرة من الآثام.
فمنهم مَن مات، وليس فيه رحمة، ومنهم مَن مات في زناه، ومنهم مَن مات في فسقه، ومنهم مَن مات في نميمته، ومنهم مَن مات وهو نجس، في مضاجعتهم للذكور، ومنهم [٨٥/ ٤٣ظ] القتلة، ومنهم السرّاق، ومنهم مَن مات في ظلمة وغشمة، ومنهم مَن يغتاب صاحبه، ويبغض بعضهم بعضًا، وليس فيهم رحمة.
وأقول بحقّ، وأقطع أنّ الله يدين الخاطئين كلّهم، من قِبَل الصالحين، ومن قِبَل الرحماء الصدّيقين، ومَن حفظ جسده بالطهارة، وعمل الأعمال الصالحة.
فلهذا الصالحون والقدّيسون هم بنو الله، كما قال الإنجيل المقدّس، وإنّهم سيسبّحون بتسبحة الظفر مع جنود السماء كلّهم.
عند ذلك يُدْخِل المسيح، ينبوع الحياة، الصالحين كلّهم هديّةً لأبيه، ويرثون ملكوت الله [٨٦/ ٤٤جـ]، بمعنا أنّهم بنوه، وكلّ واحدًا نهم يكون في مجده كمقدار فعاله الحسنة، وأعماله البهيّة.
والخطأة والأثمة المذنبون يكونون في أسافل جهنّم، إلى الأبد، كما هو مكتوب في الإنجيل المقدّس: «إنّ اثنين يكونان في الحقل، فواحد يؤخَذ، وآخر يُتْرَك».
فواجب علينا أنْ نعرف من هم هذان الاثنان اللذان اعناهما الإنجيل الطاهر: إنّهما في مكانًا واحد، فيؤخَذ أحدهما، ويُتْرَك الآخر.
فالحقل هي الدنيا، والاثنان اللذان فيه فهما رتبتا الإنسانيّة، وإنّ إحدى الرتبتين الصالحين كلّهم، والأخرى هم الخطأة [٨٧/ ٤٤ظ] كلّهم.
والمكان الذي يؤخَذ نعلم ذلك من قول الإنجيل المقدّس للأطهار، الذين يُصْعَد بهم إلى السماء، وإنّهم إحدى الرتبتين.
والمذنبون فهم الرتبة الاخر الذين يتركونهم في جهنّم إلى الأبد.
يقول روح القدس في داوود [+ - مزمور RM6] النبيّ هاكدى: «إنّ الله ليعلي الجزائر».
معنا أنّه يمضي بالقدّيسين إلى السماء، وينكّس الخاطئين إلى أسافل الأرض. معنا ذلك أنّه يدخل الآثمين جهنّم، يكونون فيها خالدين.
يقول أيضًا سيّدنا والاهنا يسوع المسيح في إنجيله المقدّس: «إنّ اثنين على سريرًا واحد [٨٨/ ٤٥جـ]، فواحد يؤخَذ، وآخر يُتْرَك».
ولم يقول ذلك بسبب الدكك والأسرّة، التي ترقد الناس عليها، لكنّه - سبحانه - اعنا بذلك الأغنياء، والسرير فهو الغنا، والاثنان اللذان هما على السرير، الواحد فهما غنيّان يكونان في مدينة واحدة، وقرية واحدة، يكون أحدهما حنون رحيم، يفرّق على الضعفاء، ويعطي الفقراء، ويحفظ وصايا الربّ، ويعمل بها، وإنّ في يوم الدينونة سيؤخَذ، معنا ذلك إنّ الله يدخله إلى الملوك.
والآخر إذا كان لا رحمة فيه ولا خيرًا [٨٩/ ٤٥ظ] عنده، بل يكون ظلومًا غشومًا جامعًا للأموال على الأموال، فهو مذنب كتير الخطايا، سيُتْرَك، كما قال، معنا ذلك أنّه يُتْرَك في يوم الدينونة، في جهنّم، إلى الأبد خالدًا.
يقول أيضًا ربّنا في إنجيله المقدّس: «إنّ اتنين تطحنان في طاحونة واحدة، فواحدة تؤخَذ، واخر تُتْرَك».
معنا ذلك أنّ الطاحون هو الفقر؛ لأنّ الفقراء هم طول أعمارهم يطحنون، فإذا كان فيهم قوم يخافون الربّ، ويشكرونه، من كلّ قلوبهم، على فقرهم، ويحفظون أجسادهم من دنس الزنا، ويبتهلون إلى الله، على قدر طاقتهم [٩٠/ ٤٦جـ]، فهذا الفقير الواحد يدخلهم يوم الدينونة إلى ملكوت السماء، كما هو مكتوب: «إنّ واحدة تؤخَذ»، وهم الفقراء الرحماء الشاكرون الصالحون، الصابرون على فقرهم، بشكرهم عليه لربـّهم.
والواحدة الأُخرى الدي ذكر أنّها تُتْرَك، فيجب علينا أنْ نعرف من هي التي تُتْرَك، وفي أيّ مكان تُتْرَك؟ الذي يقوله هو هاكدًا: «إنّه إذا كان قومًا من الفقراء لا يشكرون الربّ على فقرهم، بل يكونوا زناة، ولا يبتهلون إلى الله بقوّتهم، فإنّ هذه الفرقة من الفقراء يتركها الله في جهنّم [٩١/ ٤٦ظ؛ هذه الصفة ملصوق عليها carta velina ولكنّها مقروءة] خالدة إلى أبد الأبدين، في يوم الدينونة، كما هو مكتوب: «إنّ واحدة تُتْرَك».
لكن هناك قومًا يقولون: «إنّ كيف إذا أذنب الإنسان زمانًا قريبًا يُتْرَك في جهنّم إلى الأبد؟ وإنّ كيف يكون هذا حكم حقّ، ودينونة عدل؟».
فنحن الآن نجيب هاولا القائلين لهذا القول المغشّ للحقّ: إنّ ابليس الذي أضلّ آدم وحوّاء هو أيضًا الذي أضلّكم، وأعطاكم قساوة هذه القلوب؛ حتّى لا تؤمنوا بما قاله الربّ في الكُتُب المقدّسة.
وأقول لكم بتحقيق ذلك: إنّه إذا متنا [٩٢/ ٤٧جـ] في ذنوبنا، سنُجْعَل في جهنّم خالدين فيها. وأنا أحضر لكم الاستشهاد من قِبَل آدم أوّل البشر، وحوّاء زوجته، إنّه بسبب وصيّة واحدة خالفا فيها، وقلّ استماعهما، ولم يحذراه لكنّهما عصياه فيها، وأُخْرجا من الفردوس، وحصلا تحت حتف [؟] الموت، وحكمه، وتحت الفساد، والعين، وملكهما الموت، بقلّة استماعهما، ومن قِبَلهما دخل الموت إلى جنس البشر، وصاروا تحت حكم الموت، وأجسادهم تفسد، وتستحيل إلى اليوم الأخير، فيقيمهم الله مرّةً اخرا [٩٣/ ٤٧ظ] في يوم الدينونة.
فإذا كانت لقلّة الاستماع من وصيّة واحدة لحق آدم وحوّاء هذا التعب العظيم، هاكدًا وجميع جنسهما معهما، فماذا يصنع بمن كفر، ليس بوصيّة واحدة لكن بجميع الوصايا، التي سمعوها من الناموس، ومن الأنبياء، ومن الأناجيل، ومن وصايا الحواريون الأطهار، والقدّيسين بعدهم، والتابعين لهم.
وكما أنّهم كفروا بجميع هذه الوصايا، فحقّ واجب عليهم أنْ ينزلهم الله إلى جهنّم، خالدين فيها.
والذين آمنوا به، وعملوا بوصاياه، وأتبعوا مرضاته باتّباعهم [٩٤/ ٤٨جـ] أوامره، وصنيعهم مسرّته، وإرادته، سيصعد بهم السماوات، ويرثوا ملكوته إلى أبد الآبدين.
فلأجلنا هبط من السماء، وصار إنسان، وتألّم، وأُرْذِل، ورُفِع على الصليب، ومات بناسوته، وانبعث من بين الأموات.
فمن أجل قبوله الموت، وانبعاثه، منحنا التشبّه به، من غير موت، فيما بعد؛ لنكون بمعنا حسن صورته المقدّسة، ويمضي بنا إلى السماء، مكان أبيه.
والذين أظلمت قلوبهم، وعميت أبصارهم، ولم يومنو به، ولا عملوا بوصاياه، لكنّهم التفتوا إلى فعل ما هو زائل، ورفضوا وحدهم بجنونهم، [٩٥/ ٤٨ظ] وحصلوا على فعال ابليس، وصانعي مسرّته، وتبعوا إرادته، وإراد جنوده.
فمنهم مَن يدخل إلى الحنيفيّة، ويميل إلى ما لا يدريه، ومنهم مَن يذهب إلى شريعة، ويميل إلى مقالة مدحوضة، وإذا خوطبوا على ذلك، لم يرتّدوا، ولم يودو الاستماع من أحدًا، لكنّهم يقيمون في العثرة، البي وقعوا فيها، والضلالة التي دخلوا إليها، وسريرتهم مع ذلك تكابرهم عليها.
وقومًا أيضًا إذا ارتدّوا من شريعة، ولم يثبتوا في المقام المستقيم، لكنّهم يرجعون إلى ورائهم، كمثل الكلب الراجع في قيّه.
وقومًا أيضًا هم دهرهم لا [٩٦/ ٤٩جـ] يفترون من القتل، لم يرجعوا إلى الله، فيتوبو إليه، لكنّهم بقوا في عثرتهم إلى حين خروجهم.
وقومًا أيضًا نجّسوا أجسادهم بالزنا، ولم يتوبو إليه إلى أنْ ماتوا.
وآخرون أيضًا إنْ أقلعوا وقت ما، ثمّ يعودون إلى نجسهم، كمثل خنزيرًا، إذا عاد إلى وسخه.
وقومًا أيضًا صاروا لصوص هجّامين ظلمة، يكونون في اتامًا كثيرة، ولم يتوبو، لكنّهم ماتوا في ذنوبهم.
أفلا ترى الآن حكم الله ودينونته إنّه حمن حقّ، وقضاء عدل، في دفع هاولا إلى جهنّم، وتركهم فيها خالدين إلى الأبد؛ لاستماعهم من ابليس [+* واصا] واصطناعهم [٩٧/ ٤٩ظ] فعاله، واتّباعهم مسرّته، وإسخاطهم خالقهم، الذي دفع نفسه إلى الموت، بسببهم، محبّةً لهم، وشرّع لهم ملكوت السماء، فصاروا أعداءً له، يسخطونه بقبيح فعالهم، وشنيع أعمالهم.
فنحن الآن نرا أنّ حكم الله - شبحانه - ودينونته، حكم حقّ، وقضاء عدل واجب؛ إذ يدفع الذين هم هاكدي إلى جهنّم، إلى الأبد؛ لأنّه، إذا كان بسبب وصيّة واحدة، خالف فيها آدم وحوّاء، فسلّط الله الموت عليهما، وعلى ذرّيتهما، ولم يكتفي بألف سنة، ولا بخمسة آلاف سنة، ليرفع الموت عن الجنس كلّه، لكن بسبب الوصيّة الواحدة [٩٨/ ٥٠جـ] التي بمخالفة آدم، من ذلك اليوم الذي خالف فيه، استطعم البشر كلّّه الموت، بسبب مخالفة الوصيّة الواحدة، وإنّ الموت دخل الدنيا من اليوم الذي خالف فيه آدم، إلى اليوم الأخير، بسبب المعصية الواحدة، التي لم تُحْفَظ، ولم تكن هذه السنين كلّها أنْ ترفع الموت عنهم، فكم بالحريّ يجب على مَن خالف الوصايا كلّهاسيُدْفعون إلى جهنّم، إلى أبد الأبدين.
ثمّ نعود أيضًا إلى إعلامكم أنّه بحكم حقّ من الله - جلّ وعزّ - وعدل منه بدفع الخطأة إلى جهنّم، وبتركهم فيها خالدين إلى الأبد [٩٩/ ٥٠ظ]، ألم يقتل قائين هابيل أخاه، الذي يشاهده كلّ يوم، وأذهب بخبره من على الأرض، وابعث أخاه إلى أبواب الجحيم؟ فهل قدر على أنْ يقيمه؟ أو لم يمحي حيوته من على الأرض إلى الأبد؟
وكيف لا يكون هذا حقًّا أنْ يكون هذا قائين القاتل لأخيه، في جهنّم، إلى الأبد.
وهاكدي أيضًا القتلة كلّّهم، الذي محو حيوة الناس من على الأرض، إلى الأبد.
وإنْ كانوا قدروا على أنْ يقيموا من قتلوه، ويعيدوه إلى حيوة الدنيا مرّةً أُخرى، فإنّ الله يعيد القتلة من جهنّم، على قدر كلامهم، ويعيدهم من حهنّم إلى الحياة [١٠٠/ ٥١جـ] الأبديّة.
فلذلك بحكم حقّ من الله - سبحانه - أنْ يترك الآثمين في جهنّم، إلى الأبد، خالدين، يُعَذّبون فيها، لأنّههم الذين عذّبون أصحابهم بالقتل.
هاكدي أيضًا الزناة الذين دنّسوا أجسادهم إلى آخر يوم مدّتهم، وأنفيهم إلى أزواج الزناة، وجعلو أعظاوهم [أعضاءهم] الطاهرة بالمسيح أعضاء للزناة، وتركوا عنهم الطهارة.
فلماذا لا يكون دفع هاولاء إلى جهنّم بحقّ، إلى الأبد؟
وكذلك أيضًا الذين معهم الأموال، ولا يصرفوها في البرّ، بعين رحمة غنيّة، لكنّهم يشاهدون [١٠١/ ٥١ظ] الفقراء، بضيق شديد، ويسمعون منهم أصوات خفيفة، لما هم فيه من المسكنة، فلا يعينوهم، ولا يرحموهم، لكنّهم يتربّصون على الأموال إلى آخر يومهم، بغير رحمة، وتركوا الفقراء الذين هم أبناء الله، في ضيق الفقر، وعدم القوت.
فلماذا لا يكون حقًّا أنْ يُدْفَع هاولا إلى جهنّم، خالدين فيها؟
كذلك أيضًا الظلمة الغاصبين الذين قهروا البائس، وأخذوا أموال الناس، ولم يعيدوها عليهم، إلى آخر عمرهم، ولا أوصوا بدفعها لهم.
وكذلك أيضًا مَن جحد دين ربّنا المسيح [١٠٢/ ٥٢جـ] والأمانة، وذهبوا إلى مقالات عدّة، فواجب أنْ يجحدهم الربّ، ويذهبوا إلى جهنّم، إلى الأبد.
وكذلك كلّ مَن يذنب ويأثم إلى آخر يوم من عمره، ويموت من غير توبة، لكنّه يسخط الربّ دائمًا بقبيح فعاله.
فلماذا ليس هو حقّ أنْ يذهب هاولاء إلى جهنّم، خالدين فيها، إلى الأبد؟
فأنا أدعوكم ، وأتلطّف بكم، وأرغب إليكم، معشر مَن هو في الخطايا أنْ تتوبوا توبةً طاهرة، مقبولة، وتدعوا إلى الله من كلّ قلوبكم، ليلاً ونهارًا، أنْ [١٠٣/ ٥٢ظ] تكونوا باغضي الذنوب كلّهل، وجميع النجس، وأنْ تفعلوا أفعال مسيحيّة لله.
فإنّكم إنْ فعلتم ذلك سيقبلكم الله الذي يريد نجاة كلّ البشر، وتفرح بكم كلّ جنود السماء، على عودتكم.
وهأكدا أرغب، وأضرع إلى كلّ مَن أذنب من قبل هذا اليوم بأنْ لا ينقطع عن التوبة، والابتهال، بخشوع من قلبه ، ويقيم من نفسه يدعوا إلى الله - سبحانه - بتسابيح، يرجو أنّ الله يقبله.
فإنّ زناة كثيرين، وعشّارين، وقتلة، وآثمين، رجعوا إلى الله [١٠٤/ ٥٣جـ]، وتابو إليه، بدموع، وفعال تامّة للتوبة، أرضو بها الربّ فقبلهم الله، وأحبّهم.
فنحن نذكر هاولاء، يا أحبّاي، ونتكلّم بها مع أصحابنا، بتثبيت، وتصحيح، بزفكار حسنة، وأفعال مقبولة، أمام الربّ.
الربّ أيضًا يقيمنا في اليوم الأخير، الذي للدينونة، مع القدّيسين ، ويعيلنا في ملكوته السماييه، ليتمّ علينا كلام النبيّ المكتوب هاكدا: «يسرّ الربّ بأفعالنا كلّها».
فالمسيح ربّنا - له المجد، والكرامة، والعظمة، مع الآب [١٠٥/ ٥٣ظ]، والروح القدس المحيي المتّحد به من قبل الأزمان، إلى أبد الآبدين، ودهر الداهرين. آمين
نجز الميمر
الذي وضعه الاب القديس ماري يوحنا اسقف البرلس من اجل قيامه الموات وبعتهم ويوم الدين بسلام من الرب.امين امين
والسبح لله دايمًا ابدًا
وكان الفراغ منه يوم الخميس الثامن عشر من برموده سنة تسعايهاربعه وتلتين للشها الاطهار
برسم خزانه الاب الاوحد الفاضل العالم [١٠٦/ ٥٤جـ] [من هنا أحمر] المعلم القس المكمل بالحمن ابو البقا [إلى هنا أحمر] ابن الاب الطاهر والجوهر الفاخر الاب القديس اسقف مدينه دندره
وما معها نيح الله نفسه وزرقنا بركاته امين
رحم الله من قرا ودعا لناسخه بالرحمه المسكين الفقير من الحسنات المملو من السييات دانيال ابن زخارياس اسقف مدينه قوص نيح الله نفسه ونيح انفس جميع ابنا المعموديه اجمعين
[وبغط مغاير] رحم الله القاري والمقتني والناسخ الخاطي امين
[١٠٧/ ٥٤ظ] [كتابة لاتينيّة بخط دقيق صغير]
120
Sanctii Joannei epice Priles De Resurrectione et mortione [?] mortuorum eudodie [?] dedicy
ثم ختم المكتبة
90 Arabo
تمّ النسخ في مڤ بحمد الله في العاشرة صباح الأربعاء، ٢٥ يناير ٢٠١٢، اهتداء القدّيس بولس، والذكرى الأولى لبدء الثورة الشبابيّة في مصر]
تمّ بحمد الله وضع هذا النصّ على المدوّنة كباكورة للنشر على الانترنت، وأقدّم الشكر للمهندس صموئيل سليمان على إعداد المدوّنة.
الاثنين، ٤ يوليو ٢٠١٦
الاثنين، ٩ يناير ٢٠١٢
يُحنّا أسقف الپرلّس
«قيامة الأموات يوم الدين»
عن مخطوط ڤَتيكان عربي ٩٠
نشرة مؤقّتة طبق الأصل (نشرة دِپْلُماسيّة)
أعدّها الأخ وديع الفرنسيسكانيّ
٢٠١٦
wadiawad.blogspot.com.eg
Giovanni vescovo di Parallos (Egitto)
Sulla risurrezione dei morti e il giorno del giudizio
Testo arabo (edizione diplomatica)
di
Awad WADI
2016
wadiawad.blogspot.com.eg
وصف المخطوط
مخطوط صغير الحجم، غلاف جلد أبيض اللون، وعلى الكعب شعاران ورقم المخطوط. هناك ترقيم ابقطي أصليّ للصفحات، في أعلى الصفحة، وعربي غربي للأوراق في أعلى الورقة، وآخر أحدث في أسفل الورقة، ولم يتّم ترقيم ورقة ٨ في أعلاها، وتابع الترقيم، وحدث بعد ذلك اختلاف بين الترقيمين الغربيين، وأُورد الترقيم الأبقطي، يتبعه العربي الغربي الوارد في أسفل الورقة. كثير من الأوراق مرمّمة ولا سيّما في البداية، وبعض الأوراق منفصلة. الكتابة واضحة ولكن ليس جميلة، وبعض النقاط تنقص، ومرّات كثيرة يكتب الألف ملصوقة في اللام، ولن نعتبر ذلك خطأ إملائيّ.
[وجه الورقة الثانية المضافة عند التجليد، هي بيضاء:
42 vat
nov. XC.
90. Arabo
[١/ ١جـ] بسم الآب والابن وروح القدس إله واحد
[بالمداد الأحمر] ميمر وضعه الأب القدّيس ماري يحنّا أسقف الپرلّس عن قيامة الأموات يوم الدين [إلى هنا بالأحمر]
في أوّل يوم ذكرت لكم لأجل التسبيح الذي قاله لكم الروح القدس على فم داوود المزمّر إذ يقول: «ليفرح الربّ بأعماله» [كلمة ناقصة بسبب خرم]. والذي منحني الربّ إيّاه، هو الذي أقوله، واكتب به. وصعوبة أيضًا رأتها لاذكر اذه هذه الدنيا ونجاة القدّيسين والصالحين [٢/ ١ظ] عند قيامهم في أجسادهم، وصعودهم إلى السماوات وفرح الربّ بهم. وعظيم هو قولي بسبب تأنّي [أو ثاني] مجيء سيّدنا يسوع المسيح، ومعه كلّ جنود الملائكة والبشر.
الآن، إذا ذكروا تمجيد وعظمة ذلك اليوم، نتقاصر، ونرتعد، ويصعب عليّ أيضًا إنْ لم أذكر فعل الله- سبحانه -.
فلهذا أقول قد استبان لعقولنا منحه الله- سبحانه - على ما تقوله [كلمة غير واضحة] الكتب المقدّسة.
فنحن الآن نذكر لكم عجائب اللّه، أيّها السامعون، بخوف، وشهوة، لتكونوا متوقّعي مِنَح الملكوت، [٣/ ٢جـ] ولتبعدو عنكم الأفكار الردية، والأفعال السيئة، وتعتمدوا الأعمال الطاهرة؛ فلذلك أرغب إليكم، أيّها الأحباء الأطهار، أنْ تستمعوا الكلام، بخوف وتأمُّل، وتقبلوه بكل قلوبكم.
فإنّ الكلام هو طعام حيّ روحانيّ، كمثل البهائم، التي تُصْعِد من أجوافها العلف الذي كانو قد فرغو منه بأكلهم إيّاه، فتشتر [فتجترّ] عليه، مرّةً أُخرى، فيكون بداخلهم بذلك راحة.
كذلك أنتم أيضًا كونوا صاغين بكلام اليوم الأعظم، الذي يأتي مجيء سيّدنا ومخلّصنا يسوع المسيح - له المجد والسبح - من قلوبكم.
وجدّدو الكلام وردّدوه [٤/ ٢ظ] في أفكاركم، واذكروه بأفواهكم، واشترّو [واجترّور] أنتم أيضًا عليه معناه، بأنْ تذكّروه بعضكم مع بعض، وتقولوا هذا الكلام المملوا أهوالاً؛ لتكونو كاملين، بكلّ الفعال، وكلّ الأعمال، في هذه الدنيا.
وتكونوا في قيامة الأموات تامّين في أجسادكم، وتَصْعَدوا إلى السماء، وتسبّحو مع الملائكة الأطهار، ويفرح الربّ خالق الكلّ بكم.
فنحن الآن نؤمن بما في الإنجيل الطاهر، ونثق بما قاله الحواريون، والآباء الأطهار المتقدّمون أنّ عند انقضاء الأزمان، التي قرّرها الآب والابن والروح القدس، قبل الأزمان والدهور، سيجيء ابن الفساد، [٥/ ٣جـ] أعني الدجّال، الذي يتعظّم على الأرض، ويُظْهِر أنّه هو إله، هذا الذي يُهْلِكه الروحُ القُدُسُ.
فإنّ جميع من بقى من البشر، بطرفة عين [؟].
وعند ذلك تسقط نجوم السماء، كمثل ورق شجر التين، وتُحوّل السماوات، معنا ذلك أنّ اللهيبدّلها ويجدّدها، بأُعجوبة، كما لم تزل عجائبه.
وكما قال الروح القدس، في المزمور: «السماوات عَمَلُ يديك تُحَوَّل، وأنتَ باقٍ، وتَبْلا كلّها، كَمِثْل ثَوْبٍ، وكَمِثْلِ رِداءٍ تَطْويها، وتَتَغيّر».
هاكذى أيضًا يقول سَمْعونُ پُطْرُسُ السَليحُ: «إنّ الأرْضَ، وما عَلَيْها، تَحْتَرِقُ».
[٦/ ٣ظ] ثُمّ قالَ: «كُونُوا مُتَحَذِّرينَ ومُتَرَقِّبينَ أمامَ مَجيء الربِّ، هذا الذي مِنْهُ تَحْتَرِقُ السماوات، وتُحَوّل، وتَكونُ سَماءٌ جَديدٌ، وأرْضٌ جَديدَ، حَسَبْ ما وَعَدَ الذي ننتضره، كمثل ذهب، أو فضّة، أو نحاس، إذا دخلوا إلى النار، فإنّها تتنقّى من الدنس، وتتجدّد».
هاكذا أيضًا السماوات، والأرض، تتجدّد، بمرّة، بأُعجوبة، في اليوم الآخر.
وتضيء السماوات كثيرًا، بتجدّدها، وتتطهّر الأرض.
عند ذلك تترجرج السماوات، من كثرة عظمة ارتفاع مجد سيّدنا يسوع المسيح، الذي لا تحتويه الأفكار، الذي يظهر به، مع الخوف المهول الذي لمجيه [٧/ ٤جـ] الباهر للكلّ.
عند ذلك تضرب الملائكة بالقرون الكثيرة، فينهز كلاً.
ومن بعد يصوّت مقدّم الملائكة بالقرن الأعظم المهول جدًا [دانيال].
عند ذلك تجتمع جنود ملائكة السماء، وهم حاملون علامة صليب ابن اللهالحيّ، وهو يضيء بالنور.
ويعلم كلّ أحد أنّ المسيح سيّدنا، الذي صُلب بإرادته، هو الربّ الآتي، الجالس عن يمين أبيه، يسوع المسيح. وليس يأتي كمثل ما كان في مجيه الأوّل، إذ هبط من السماء، بلا جسد، بلا هول، ولا إظهار عظمة، لكن باتّضاع.
ومجيه الثاني، [٨/ ٤ظ] في آخر الزمان، يأتي بجسده الطاهر المقدّس، الذي أخذه من البتول الطاهرة، وصعد به إلى السماوات، عند انبعاثه من بين الأموات، متّحد به، من غير افتراق، ولا استحالة، من وقت أخذه من البتول الطاهرة مرتمريم، هو واحد، متّحد بجسده، إلى أبد الأبدين.
فيسوع المسيح ابن اللّه، الآن، فثاني مجيه، ليس تخلو منه السماوات، وعند صعوده أيضًا، هو يملأ كلّ مكان، السماوات والأرض، هو جالس عن يمين أبيه.
وليس مجيه [الثاني] باتّضاع، كمجيه الأوّل، لكن بعلوّ لاهوته، وبعظمة [٩/ ٥جـ] وبهاء، وتمجيد، وسلطان، لا يقدر على وصفه، بقدر ملكه، مع جنوده النيّرة، التي لا يُقْدَر عَلَى وصفها واحْصائها.
وملائكته الأطهار يصوّتون، ويقولون: «قدّوس هو الآتي باسم الربّ».
ويكون بين يديه نهر من نار يمشي أمامه، كما قال دانيال في رؤياه.
ويقول أيضًا المزمور: «إنّه يأتي الربّ بإعلان. إلاهنا لا يسكت، والنار تأكل أمامه، وتحوط به رياح كثيرة».
ويقول المزمور أيضًا: «نارًا مملوءة أمامه تأكل أعدايه الحائطين به».
فمن الآن أعداء الله- سبحانه - الذين تأكلهم النار، إلاّ مَن هو ظاهر [١٠/ ٥ظ] لنا انّه إبليس وجنوده الشياطين المردة الملاعين.
فتلك النار المهولة المملوءة تأكل، في البداية، إبليس وشياطينه كلّهم، في يوم الدَيْنونة.
وعِظَمُ تلك النار تُغْرِقُ الشَياطين وآباهُم.
ثمّ منْ بَعْدُ يظهر مَجْمَعُ الپَطارِكَةِ، والأنْبياءِ، والحواريون، والشُهَداءِ، والصالِحون، ويتبادرون لاستقبال ربّنا يسوع المسيح، في مَجيه.
ويأمُرُ الخالِقُ الكُلّ، بقوّته، ويقول: «لتَقُمْ الأمْواتُ! ليَقُمْ كلُّ مَنْ فِي القُبُور!»،
كما قال اللّه، عند الخِلْقَةِ: «ليَكونَ نيّرين، ونجوم»، وكَثْرَة الخَليقَةِ.
فبإرادته كان كلّ شيء، كذلك أيضًا بإرادة ابنه [١١/ ٦جـ] ومعونة الروح القدس، يـأمُرُ الربّ المسيح ابن الله أنْ تقوم أجْسادُ البَشَرِ كلّهم، مِنْ آدم وحوّاء، إلى آخرِ ساعة.
اليوم الأخير يقومون، بطرفة عين، الرجال، والنساء، والأطفال، الذين يرضعون، وتقوم الصغار، والكبار، ويقوم مَنْ قُتِلَ بالسَيْفِ، ويقوم مَنْ ماتَ محروقًا، ومَنْ أكَلَهُ الوَحْشُ، ومَنْ ماتَ بأيّ موتة كانت، في آخر ساعة من اليوم الأخير.
وتقوم سائر أجساد البشر، ونفوسهم، بقوّة أمر الربّ، في تلك الساعة.
وتقوم نفوس الصالحين والخطأة، وترجع كلّ نفس إلى جسدها، النفس الطاهرة إلى [١٢/ ٦ظ] جسدها الطاهر، والنَفْسُ النَجِسَةُ إلى جَسَدها النجس، الذي صنعوا فيه كلّ رَذيلَةُ.
ولا يمكن أنْ تدع نفس جسدها، الذي تركته، في الأرض، وتعودُ إلى جسدِ غيره.
ولا يأخذ الرب تراب، في اليوم الآخِرِ، فَيَخْلِقُ أجساد للأموات، وينفخ في وجوههم روح الحياة، كما فعل في بداية خليقته لآدم وحوّاء.
ولكن سيّدنا يسوع المسيح ابن الله يأمُرُ أنْ تَقومُ أجساد البشر، ونفوسهم، ولا يمكن نفس أنْ تأخذ جسد غريبًا، عِوَض من جسدها الأوّل.
ولا الأطهار يدعوا عنهم أجسادهم، الذي قبلوا فيها سائر العذاب، [١٣/ ٧جـ] على اسم المسيح، ويأخذو أجسادا عوض منها، فيقبلو التمجيد فيها؛ لكن الأجساد التي احتملت العذاب هي التي تقبل التمجيد فيها.
كذلك الاتمين ليس يتركون أجسادهم الدي زنوا فيها، وهوو، وعملوا الفواحش، ويأخذوا أجساد لم تأثم، ولم تذنب، ولم تظلم، فيقبلو العذاب فيها؛ إذْ كان الله - جلّ وعزّ - أعدل من هذا.
لكن الأجساد التي أذنبت، وآثمت، هي التي تقبل العذاب، والأوصاب، مع نفوسها، في نار جهنم، التي لا تطفأ؛ فنفس كلّ واحد منّا، إمّا صالح، وإمّا آثم، تتّحد بجسدها الأوّل.
فبطرفة عين، في آخر ساعة، كمثل واحد يعرف صديقه، [١٤/ ٧ظ] بعد غيبته عنه، في غربة، وفي موضع بعيد. ثمّ من بعد زمان عاد صديقه، فلقيه، وعرفه، فاعتنقا.
كذلك الأنفس كلّها تعتنق بأجسادها، كلّ نفس بجسدها تتّحد به، في يوم الدينونة، كما كانت أوّلاً، وليس تكون من بعد الأجساد تستحيل، ولا تموت، ولا تكون باتّضاع، ولا بأعضاء ناقصة، ضعيفة، ولا مهينة، ولكن النفس والجسد يكونان بقوّة ومجد، من غير فساد.
هاكدا يؤدّبنا السليح پولس الرسول الذي يتكلّم المسيح فيه، يقول عن قيامة الأموات: «إنّها تطرح بفساد، وتقوم من غير فساد، وتطرح بائتهان، [١٥/ ٨جـ] وتقوم بمجد؛ تزرع بضعف، وتقوم بقوّة».
فما معنا قوله: «إنّها تطرح بفساد أو بضعف، أو بائتهان؟». هو أنّه إذا مات الإنسان، ودُفن في الأرض، نتّن، وتقطّع، وتبدّد، وفسد، وتلاشا، والربّ يقيمه، يوم البعث، وهو تامّ كامل، من غير فساد، ولا استحالة، ولا موت من بعد.
وإذا مات أيضًا قَوْمٌ، وهم في حال ضعف، وائتهان، ونقص في الأعضاء، أمّا يصير من عما عينيه، أو أعرجًا من رجليه، أو أفقد من يديه، أو أنّه قطع بعض أعضائه، أو يكون أبرص، أو أجذم، أو أصمّ، أو أحدب، أو قصير، أو صغيرًا [١٦/ ٨ظ] أو غير ذلك من سائر النقصان، والعاهات للاحقة بالأجساد الاوله، فإنّها إذا ماتت، وتهرّت في الأرض، فليست تقوم ناقصة للأعضاء، هاكدا كلا، لكن يقومون بمجد قوّة، كما قال السليح.
فالقوّة والمجد اللذان يقومون بهما هو هذا انهم ليس يقومون بعما الاعين، ولا بعرج الرجلين، ولا بفقد لليدين، ولا بحدب، ولا ببرص، ولا بجذام، ولا بقصر، ولا بصمم، ولا بصغر، ولا بخرص، ولا بشي من بقية العوارض للاحقة بالاجساد، في سائر أعضائه، تامّ بجسد صحيح، لا ينظرون إلى طبائع، ولا إلى شهوات، [١٧/ ٩جـ] ولا يتشبّّه لهم مثال ذكور ولا اناث، ولا الذكور تتشبه لهم أعضاء الذكور، لكنهم كمثل آدم وحوّاء، وقت كونهما في الفردوس، قبل المخالفة، فإنّهما كانا عراة، لا يحتشم بعضهم من بعض، ولا يعلمان أنّهما عراة، ولا يفكّران في أمور مرذولة.
وكانت المنحة [الحيّة ؟] تلحقهما وهي التي لبست الموت.
فإذا كان هذا قد كان قبل القيامة، في بدي الخليقة، فكم بالحرا يوم قيامة الموتا، ليس يكون هناك فكر الشهوات، بل ترتفع عن سائر الذكور والاناث، ولا تجتمع الاجساد بين الذكور والاناث، [١٨/ ٩ظ] ولا تتحرّك الأجساد، ولا يكون في الانفس فكرًا مرذول، إلى الأبد، لكن الصالحين يكونوا كمثل الملائكة إلى الأبد.
هاكذا يقول سيدنا والاهنا في إنجيله المقدّس: «في يوم الدينونة، لا يتزوّجون، ولا يزوّجون، لكنهم يكونوا كمثل ملائكة الله، في السماء».
ويقول أيضًا ربّنا والاهنا في إنجيله المقدّس: «إنّ أولاد هذا الزمان يأخذون، ويعطون، والذين استحقّوا ذلك للأبد، ويوم القيامة لا يأخذون، ولا يعطون، ولا يكن [يمكن؟] بعد أنْ يموتوا؛ لمساواتهم بالملائكة، وهم أبناء الله، وأبناء ليوم القيامة.
[١٩/ ١٠جـ] فبحق إنّه يقوم سائر أجساد البشر ونفوسهم، من هابيل أوّل مَن مات، إلى مَن يموت في آخر ساعة الدنيا.
في تلك الساعة تخرج النفوس كلّها من أماكن التي تُحْفَظ فيها أنفس الأطهار والصالحين تخرج من الفردوس، ومن مظال مقدّسة؛ وأنفس الآثمين [تخرج] من أماكن مظلمة مسجونة، وتنظم [وتنضمّ] كلّ نفس إلى جسدها المتعارف لها، فتتّحد به من غير افتراق، إلى الأبد.
ثمّ يبعث الله ملائكته، فيجمعون له قدّيسيه، من الأربعة أرياح من أقطار الأرض إلى أقطار السماء، كما يقول في إنجيله.
على هذا المنوال، [٢٠/ ١٠ظ] وعلى هذا الفكر الذي نقوله هاكذا: «إنّ كلّ إنسان مات، في مكان كان فيه: إمّا من وحش أكله، أو من سمك، أو غير ذلك، أو مَن من أحرق بالنار، فعلى أيّ حال كان، فإنّ الأجساد كلّها التي ماتت بكلّ داء، وبكلّ علّة، وكلّ سبب تحت السماء، أو من وحش، أو من سمك، مع استحالة الوحش والسمك أيضًا من على الأرض؛
فإنّ الله العارف بكلّ شيء، والحائط به علمًا، من قبل كونه، وهو العالم بكلّ موضع [٢١/ ١١جـ] تبدّدوا فيه، وكلّ مكان أوو إليه أعني أجساد البشر، أمّا في الأرض، هو العالم بها، أو في المياه، هو العالم بمكانها، أو في الهواء، هو العالم بمواضعها.
وأقول بقطعًا أنّه بأيّ موت كان يأخذ الإنسان، وأجسادهم مبدّدة في الخلق كلّه تحت السماء، من الأربعة الأرياح التي يذكرها الإنجيل المقدّس، والأربعة الاستقصات وهي: النار، والهواء، والأرض، والماء؛ أو من أربعة أركان الأرض، بل الخلق كلّه الذي تحت للسماء، فإنّ الربّ [٢٢/ ١١ظ] الآمر لجميعها بإخراج ما فيها من الأجساد، فتقوم بسرعة، وبطرفة عين.
وليس تقوم بشيء من الوحش، ولا البهائم، ولا الهوام، ولا الدواب، ولا الأسماك، في يوم القيامة، ولا يكون شيء منها؛ لأنّ نفس هذه الموصوفة دمويّة مستحيلة.
والذي يقوله الكتاب: «إنّ الخلق كلّه سيحضر دينونة الربّ»؛
ليس يعني بذلك البهائم، ولا الوحوش، ولا الهوام، ولا الطائر، ولا الأسماك؛ إذ أنّ الله يقيمها، ويطالبها بمن أكلته [٢٣/ ١٢جـ] كلّه [؟]؛ إذ كنّا قد قلنا إنّ الله الخالق هو العالم بكلّ من أكله هاولا، والإنسان وحده هو الذي يقيمه، ويحضره الدينونة؛ لأنّ الإنسان مخلوق، والوحش، والبهائم، والهوام وغيرها، ما ذُكِر، وما لم يُذكَر، على الأرض، وفي المياه، فيكون، هاكدا قال الله في التوراه: «لنخلق إنسانًا بشبهنا، ومثالنا».
وبسبب الهوام، والوحش، والبهائم، والدواب، والطير، والأسماك، لم يقل: «لنخلقها»، لكن قال: «لتخرج للأرض نفسًا حيّة من كلّ جنس، فكان كذلك».
[٢٤/ ١٢ظ] وبين الخلق الآن والتكوين ميزة، فالمكوَّن لا يحضر الدينونة، ولا يقيمه أيضًا؛ والمخلوق وحده هو الذي يحضره الحساب، وهو الإنسان، الذي يقيمه بقوّة الربّ الخالق.
فإذا كان من لا كوّن، وأراد الربّ فكان كلّ شييء بإرادته، أيضًا يقيم البشّر كلّهم، هاولاء الذين تبدّدت أجسادهم، في البريّة كلّها، يقيمهم كلّهم؛
كما قال پولس الرسول: «إنّه بدقيقة، وبطرفة عين يُضْرَبُ بالقرن، فتقوم الأموات، من غير فساد».
فيحقّ لنا الآن أنْ نعلم ما الذي قاله إنّه تتبدّل، [٢٥/ ١٣جـ] هو الآن هذا الرسول، ومَن يشبهه في فعله؟
والقدّيسون كلّّهم يبدّلون.
فالتبديل هو أنْ تتبدّل أجسادهم، فتضيء بالنور، والبهاء، كمثل الشمس، كما يقول الإنجيل المقدّس: «إنّ الصالحين يضون مثل الشمس، في مُلْك أبيهم».
ويقول في دانيال النبيّ: «إنّ الذين يفهمون، يضون كضياء الجوّ».
ويقول أيضًا الرسول: «إنّا نقوم كلّنا، وليس نبدّل كلّنا»، معنى ذلك إنّه ليس تبدّل الخطأة، في يوم الآخرة، ولا يكونو في بهاء مجد القدّيسين.
يقول الحكيم پولس [٢٦/ ١٣ظ] رسول الحقّ: «كلّ الأجساد هذا الجسد ليس هو هذا الجسد، لكن بين أجساد للناس ميزة».
معنى ذلك أنّ في يوم الدينونة، بين الأجساد الذين حفضوا الصورة التي خلقهم الله به، وصاروا كاملين في كلّ أفعالهم، في دين الارثذكسيّة، وبين غيرهم ميزة، فكذلك صارت أجسادهم مضيه، في يوم الدينونة.
ويقول أيضًا: «خلاف أجساد للبهائم»، فهل يتكلّم بسبب للبهائم التي لا تنطق؟ كلاّ! إذ كنّا قد قلنا أيضًا إنّ البهائم لا تقوم [٢٧/ ١٤جـ] أعني بسبب العالم المشبّه للبهائم الناظرة إلى الفعال للأرضيّة والشهوات البهيميّة، وعقولهم مربوطة فيها، ولانّهم [؟] ينظرون إلى الفعال للتي تعدّت ملكوت للسماء، لكن بإرادة قلوبهم وشهواتهم دفعوا نفوسهم إلى فعال الإثم، والدنس، وللأفكار، البهيميّة.
فلهذا شُبّهوا بالبهائم التي لا نطقًا فيها، ولا علم عندها.
يقول النبيّ: «لأجل أنّهم تشبّهون بالخيل الذكور المشتهية للإناث».
ويقول أيضًا: «إذا كان [٢٨/ ٤ظ] إنسان في كرامة، ولا يعرفها، فهو يشبه البهائم، ويماثلها».
قال أيضًا الرسول السليح: «إنّ خلاف أجساد الطائر».
فهل يكون الطائر في مجمع للدينونة؟ كلاّ! لكنّه أعنا بذلك الناس الدي تطير قلوبهم، وتجذبهم مثل أجنحة الطائر، من المرسا الحسن الذي للميراث الارثذكسيّ، فيمضون إلى أماكن مرذولة للهراطقة المخالفين، أمّا بسبب تمنم [؟] أو لتمجيد زائل وشيكًا يطلبونه.
فسما للناس الخارجين عن الحقّ الطائر؛ لأنّ الطائر لا مستقرّ له [٢٩/ ١٥جـ] في مكان، كذلك للناس السوء؛ فإنّهم لا يثبتون البتّة في المكان المستقيم.
فلذلك قال للنبيّ إنّه صاح صائتًا وجمع ما له يكن منهم، وتركهم في فسادهم».
يقول أيضًا: «إنّه خلاف أجساد الأسماك»، فليس الآن يتكلّم بسبب للأسماك المستحيلة إنّ بين أجسادها ميزة، إذ ليس تقوم في يوم الدينونة، لكنـّه يتكلّم بسبب للناس العائشين في المياه المالحة للتي هي أفكار القلب المرذولة، والفعال النجسة، وعبادة للأوثان، فهم غاطسون في للآثام والفعال المظلمة [٣٠/ ١٥ظ] المدلهمة، كمثل الأسماك، التي هي غاطسة، غير ظاهرة، في المياه.
كذلك الآثمون هم أيضًا غاطسون في ذنوبهم، وابليس هو المالك عليهم، كما يقول الربّ لأيّوب الصدّيق: «إنّه الملك على ما في المياه»، أعني بذلك ابليس، إنّه المالك على الآثمين.
يقول أيضًا پولس، القدّيس المستحقّ للطوبا: «إنّ أجسادًا للسماء، وأجسادًا للأرض»، يعني في هذا الموضع أجساد الصالحين للأطهار أنّهم أجساد السماء، من قِبَل فعالهم الحسنة المقبولة، وإنّ أجسادهم تكون كمثل كواكب السماء، ويصعد بالأطها إلى للسماء.
فلذلك [٣١/ ١٦جـ] يسبّح داوود النبيّ قائلاً: «إنّه يصوّت للسماء فما فوق» ا [مشطوبة] يعني بذلك أنّ الناس القديسين الذين افكروا فيما للسماء وللدينونة والأجساد التي عنيها [أو: غيّبها] للأرض يعني أجساد الآثمين النجسين الذين افكروا في فواحش للأرض فعملوا بها.
قال أيضًا رسول الحقّ: «إنّ خلاف ضوء الشمس خلاف ضوء القمر»، وبين الكواكب أيضًا ميزة في مجدها. وليس يعني بذلك هذه للشمس، ولا هذا القمر، ولا هذه الكواكب للظاهرة، لكنه يتكلّم بسبب القدّيسين للأطهار والصالحين للأبرار [٣٢/ ١٦ظ] فإنّ ليس لهم مساواة واحدة في يوم الدينونة.
لكن منهم من يضيء كمثل الشمس، على قدر فعالهم، ومنهم مَن لم يبلغ فعل هاولاء، فهم يضون بضوء كمثل القمر، ومنهم أيضًا مَن لم يقدر على بلوغ فعل هاولاء فهم يضون مثل للكواكب.
ويقول أيضًا: «وإنّ بين كواكب وكواكب ميزة في بهائه»، ومعنى ذلك أنّ كلّ واحد من الصالحين يضيء في السماء على قدر أفعاله التي أقامها، في للدنيا.
والنجوم وهي كلّها في السماء تضيء وتنوّر، كذلك الصالحين كلّهم يكونو يضون [٣٣/ ١٧جـ] في السماء في أجسادهم التي عملوا الأعمال الصالحة فيها، وصاروا كاملين بها فهولا يكونوا كمثل [+ - مجد جسد] جسد ربّنا يسوع المسيح.
كذلك يقول الحكيم رسول الحقّ پولس: «إنّا نترقّب مخلّصنا وربّنا يسوع المسيح، هذا الذي يبدّل أجساد للأطهار».
هاكدًا أيضًا يقول يوحنّا للإنجيليّ: «إنّه إذا ظهر نكون مثله».
بالملائكة يجمع القدّيسين كلّهم ويقيموهم في أجسادهم [٣٤/ ١٧ظ] للتي لا تفسد أمام الملك الإله ديّان الحقّ للخلق كلّه، كما هو مكتوب أنّه يجمع إليه القدّيسون كلّهم الذين ثبتوا ميثاقه على قرانبين».
والقرابين الآن هي الأفعال الحسنة التي فعلوها القدّيسون بأمانة.
ويقف مجمع القدّيسون ليس هم لابسوا ثيابًا، ولا كسوة نُسِجَت، لكنهم لابسوا فعالهم البهيّة التي فعلوها عند كونهم بين العالم، في هذه الدنيا، وليس يكون الآن ذهبًا، ولا فضّة، ولا ثياب، ولا شيء من هذه الفعال هناك؛ لأنّ النار المهولة التي تحرق كلّ ذلك، [٣٥/ ١٨جـ] وتحرق جميع وسخ دنس للأرض.
وكما أنّ آدم لم يكن عليه، وقت كونه في الفردوس ثيابًا، وكذلك حوّاء، لكن بهاء للربّ الذي يحفظهما، ويشملهما هاكدًا أيضًا في يوم للدينونة.
وأقوّي أيضًا قولي عندكم أنّه كما انبعث سيّدنا وللاهنا من بين الأموات، ووجدت للثياب موضوعة في المقبرة، وتجلاّ ببهائه، ونور لاهوته، فلهذا الآن طبيب نفوسنا إنّه عند قيامنا في يوم الدينونة أنّه لا قميصًا ولا كساٍا [هكذا] لكن عوض القميص كلّ واحد [٣٦/ ١٨ظ] من القدّيسين لابس دينه القيّم الصالح، وفعاله الحسنة المقبولة وللآثمون والمذنبون المدحضون يكونوا لابسين أفعالهم النجسة المدلهمة.
اسمعوا هذا، ا مَن يلبس ثياب كثيرة مختلفة للأموات أكفانًا لكن نفوسهم لا تعلم أنّ الثياب تبلا، وتتقطّع، وأجسادهم معًا.
والذين يفعلون هاكدًا أنّهم يسخطون الله.
وقد كان يحقّ عليكم أنْ تعطوا من زائد هذا الذ يذهب إلى الفساد للفقراء والمحتاجين، وهم عراة، لنجد معشر الأحبّاء رحمة يوم للدينونة.
فالقدّيسون الآن [٣٧/ ١٩جـ] يقومون في أجسادهم من غير فساد، ولا موت، وهم في طهر وبهاء، وهم يمجّدون، ويسبّحون مع الجنود للروحانيّة، التي هي ملائكة السماء، ويقف القدّيسون أمام ملك للسماء يسوع المسيح ربّنا بمسرّة، لا تُدْرَك، وجذل لا ينصرم، على رووسهم التيجان بأكاليل الحقّ، غير البالية، على قدر فعال وتعب كلّ واحدًا منهم.
كمثل ملك عليه تاج، مكلّلاً بدرر سنيّة، لا يعرف قيمتها، لكنّها كلّها تضيء بالبهاء، ويعجب منها كلّ الناظرين إليها.
هاكدا الصالحين [٣٨/ ١٩ظ] يقبلون لباس التاج من للربّ يسوع المسيح، وأكاليلهم تكون مضية، ويكون فعل كلّ واحد منهم يضيء بالنور.
وأكليل الآباء الأوائل الپطاركة تضيء بسبب استماعهم للربّ، وأمانتهم به.
وأكليل الأنبياء يضيء بالبهاء بسبب نبوّتهم المضية المنيرة.
وأكليل الحواريون والرسل الأطهار يضيء بالبهاء بسبب دعوتهم للناس إلى معرفة الله: اآب، والابن، وروح القدس، مع العذاب الذي نالهم، والأوصاب التي لحقتهم من عبدة الأصنام، بسبب سيّدنا وإلاهنا يسوع المسيح [٣٩/ ٢٠جـ] وأكاليلهم مضية بالنور والبهاء،
وأكاليل الشهداء مضية بسبب ما لقوه من أنواع العذاب وسفك دماهم في محبّة ربّنا يسوع المسيح.
فتلك الفعال هي المضية المنيرة على أكاليلهم.
وأكاليل الآباء الأساقفة تضيء بآدابهم من فمهم الطاهر، وعرفهم فجزائهم يضيء بالنور على أكاليلهم.
وأكاليل الأطهار والقدّيسين تضيء بالبهاء وبطهارتهم وحرصهم لأجسادهم يضيء على أكاليلهم.
وإكليل المقيمين في الأمانة المعترفين يضيء بالبهاء وتكون طهارتهم وثبوتهم على أمانتهم مضية على أكاليلهم.
[٤٠/ ٢٠ظ] وأكاليل الرهبان الأطهار تكون تضيء بالبهاء على أكاليلهم لأجل انعكافهم وصلواتهم، والأعمال الصالحة منهم، وسهرهم بدعاء وتسبيح، وصبرهم يضيء بالبهاء على أكاليلهم.
وإكليل الرحماء وكلّ مَن يعمل البرّ والخير يضيء وتكون رحمتهم وصلاح أعمالهم يضيء على أكاليلهم.
فمن القادر على وصف المسرّة والنعيم التي تكون الملائكة الذين في السماء كلّهم عند مشاهدتهم حسن البشر في أجسادهم يمجّدوهم معهم في السماء، يسبّحون، ويقدّسون الربّ على فعاله كلّها.
ومَن لا يتعجّب، ويسبّح، ويبارك، ويسجد لمراحم الرب [٤١/ ٢١جـ] وهو الإله ملك الكلّ الذي يكون معه مسرّة ويسر، إذا شاهدنا نحن صنع يديه نكون معه في السماوات، ونكون ملوكًا من قِبَله، إذا شاهد الربّ أكاليل النور التي من الفعال على واحد واحد سيسرّ إذا رآنا وابنه الحبيب يأتي بنا إليه هديّة وتمجيد.
سيسرّ الآب والابن وروح القدس إذا رآنا معشر البشر في ملكوت السماء أحبابًا للملائكة، وإخوانًا للمسيح، ونكون أبناء الله، ونكون ورثة القدّيسين في هذه الكرامة العظيمة الآن، لا تجوعون [٤٢/ ٢١ظ] ولا يضمون [يظمأون]، ولا يتعبون، ولا ينامون، ولا يأكلون من طعام أرضيّ، ولا يشربون، ولا يهجعون [؟]، ولا تقلق قلوبهم، ولا يشتهون شيًا من أُمور هذه الدنيا.
ولا يكون نهارًا، ولا ليلاً، ولا برد، ولا حرّ، من بعد الدينونة، ولا يكون شيًا من هذه الفعال التي نشاهدها في الدنيا.
وقد كنت بدأت في القول، في الميمر الذي قبل هذا بسبب الملائكة، وكذلك يكون الأطهار القديسين فإنّهم يكونو أقويا أحبّا بالشعاع المضيء عليهم من بعد [؟] الاهوت المقدّس، ويكونو فرحين جذلين مسرورين [٤٣/ ٢٢جـ] بربّهم، الذي يكفل حيوتهم.
ويتمّ هناك قول السليح پولس رسول الحقّ هاكدًا لنكون الربّ هو لكلّ في كلّ.
والربّ الآن يكون طعامً وشراب وشبعًا ومسرّة، وجذلاً، وقوّة، ورحة، ومنحة كاملة للأطهار كلّهم.
ألا ترى إلى شجرة مغروسة على المياه، فإنّ الماء يكون قوامها، وطعامها، وحسنها، وقوّتها، وإذا كان ذلك هاكدًا الشجرة ثابتة على المياه فكم بالحريّ الربّ القادر الماسك الكلّ بقوّة لاهوته المقدّس، كما هو مكتوب: «إنّني [٤٤/ ٢٢ظ] أُسرّ بالربّ».
فهذا الذي قلناه على قدر قوّتنا بسبب القدّيسين الأطهار كلّهم الذين يسرّ الله بهم.
فللنظر الآن إلى ما هو موضوع للآثمين والخطأة المذنبين.
قد قلنا آنفًا: في اليوم الأخير المهول يأمر الربّ مخلّصنا بآخر صوت القرن المستمع في كلّ مكان، عند مجيء سيّدنا وإلاهنا يسوع المسيح بالقوّة العالية التي لأبيه وللروح القدس.
ففي دقيقة بطرفة عين يقوم كلّ الأموات والأحياء، كما هو مكتوب: «إنّه يدين الأحياء والأموات» [٤٥/ ٢٣جـ] كمثل ملك يذهب إلى مدينته فيتلقّاه أحبّاه الحافظون لوصيّته، ويتسرّعون إليه عند مجيه، وهم لابسون فخر ثيابهم، فرحون جذلون بعلمهم بما يلقونه منه لحفظهم وصاياه وعلمهم بما يوافق رضاه،
فهاكدا هو يشبه ما يكون للصالحين وللأطهار المتّقين عند مجيء ملكهم ربّنا يسوع المسيح، في يوم لدينونة، وإنّهم يتبادرو إليه وكلّ واحدًا منهم لابس لأفعاله الحسنة المضية، ويكونو معه وهو يدين كلاً،
وهاكدًا أيضًا [٤٦/ ٢٣ظ] مثل الخطأة والعصاة المذنبين إنّه كمثل ملك وصل إلى مدينته، فإنّ المجرمين بخوف ورعدة شديدة، إذا سمعوا أنّ الملك قد جاء لعلمهم بما قدموا عليه من الجرائم، وعند ذلك تخاصمهم عقولهم، وتوجب عليهم استحقاق الموت، هو شبه الخطأة المذنبين، إذا سمعوا صوت القرن الأعظم بمجيء ملك المجد، الأكرم، ربّنا يسوع المسيح، سيكونوا قلقين هلعين، لا يعرفون لهم مهربًا، ولا ملجأً؛ لكثرة خطاياهم، وذنوبهم، التي صنعوها، فإنّ أفكارهم تؤدّبهم [٤٧/ ٢٤جـ]، وتنكر عليهم أنّهم أعداء الوصاايا للربّ.
فهاولاء الآن يكونون في أنواع من العذاب، وأليم من العقاب، الذي لا انقضا لها.
سيجيء الربّ الديان يسوع المسيح؛ ليدين الأحياء والأموات.
ويجب علينا أنْ نعلم مَن هم الأحياء، ومَن هم الأموات.
فالأحياء الآن هم الذين ذكرتهم، إنّهم القدّيسون والصحالحون الذين أصغدا [سيك] إليه قرابينًا حيّة مقدّسة مستحقّة، وهي الفعال التي أقاموها عند مقامهم في الدنيا.
والأموات الذين نقول إنّه يدينهم هو المذنبون الاثمون [٤٨/ ٢٤ظ] كلّهم، هاولا الذين أقاموا زمانهم كلّه في فعال منتّنة مرذولة نجسة، منتّنة بالإثم الذي يفعلونه.
فلنرجع الآن فنتأمّل المعنا الآخر لنفس هذا الكلام: «إنّه يأتي ليدين الأحياء والأموات»، ففي ذلك دعاء لنفس الناس كلّهم وليس الأنفس الخارجة من الأجساد تموت البتّة، ولا تقبل الفساد، ولا الاستحالة إلى الأبد؛ لأنّها ليست رياح، لكنّها غير مائتة، بل هي ناطقة عالمة، والأموات الذين عينهم [عنيهم] هي الأجساد [* الـ] الناس كلّهم التي يدينها من بعد المَحْق والتبدّدفي الأرض، والماء والنار، والهواء، فقبل يوم القيامة [٤٩/ ٢٥جـ]، وفي ذلك اليوم يقيمهم الله كلّهم بأمره القاهر، القادر، وكذلك الذين يبقون إلى آخر ساعة من الدينا.
ويقوم كلّ من هابيل أوّل مَن مات، وإلى آخر مَن يؤمن مَن انفسد جسده، في التراب ، وغير التراب، بطول الأزمان، ويقوم الأوّل والآخر معًا، في وقت بطرفة عين، من مشارق الأرض إلى مغاربها، ومن شمالها إلى جنوبها. وتنتظم كلّ نفس إلى جسدها، من غير افتراق، ولا استحالة، كما قال سيّدنا وربّنا، في إنجيله المقدّس، كذلك يكون في آخر [٥٠/ ٢٥ظ] الأزمان يبعث ابن البشر ملائكته ليجمعوا كلّ المرذولين، وفاعلي الخطيه، فيجعلوا في أتون النار مكان البكاء وصرير الأسنان.
ففي هذا المكان يسمّي مجيه الثاني، في يوم الدينونة ملكوته، والمرذولين الذين يسمّيهم، ويعني أنّ ملائكته تجمعهم في ملكه هم محبوا الفرقة بين الناس، الذين ينمّون، ويطرحون الشرّ من [؟] بينهم، ويفرّقون بين الجموع في الأمانة المستقيمة.
هاولاء الذين يجمعهم في ملكه، يوم الدينونة، ويجعلون في النار التي لا تطفا.
هأكدا [٥١/ ٢٦جـ] يقول أيضًا في الإنجيل المقدّس إنّ الملك يقول، في ذلك اليوم، للقاسين القلوب: «اخرجوا عنّي، يا ملاعين، إلى النار الأبديّة المعدّة لابليس وجنوده».
والذي لا يجد عليه كسوة وليمة العرس يخرجهم إلى الظلمة القصوا مكان البكاء وثرير الأسنان.
فكسوة وليمة العرس الآن هي الدين المستقيم، والذين لا يوجدوا لابسيه ، في اليوم الأخير، كما يقول في الإنجيل المقدس، إنّ الملك يقول للخدّام وهم الملائكة، بسبب مَن لم يوجد عليهم [+ - عليه] ثياب ولييمة العرس [٥٢/ ٢٦ظ] أوثقوا هذا بيديه ورجليه، واجعلوه خارجًا، مكان الظلمة القصوا، وصرير الأسنان، والبكاء.
يقول أيضًا ربّنا: «اجمعوا الزوان، واحزموه حزمًا، واحرقوه بالنار».
فهل يجمع الله، في الأرض، الزوان، ويحرق بالنار كلا، إذ ليس هذا معنا الكلام، لكن الزوان اليذ يعنيهم الهراطقة المخالفون.
وكما أنّ الزوان ينبت، ويصعد من الأرض مع الحنطة، ويوجد سنبل الزوان طويلاً يساوي البزور ويشابهها، وليس بتحقيق؛ لأنّ ليس في سنبل الزوان ثمرة محيية للناس، [٥٣/ ٢٧جـ] بل ظارة لهم إذا أكلوا منها.
هاكدا أيضًا الهراطقة المخالفون، وإن كان عندهم التشبّه بخيريّة المسيحيين؛ فإنّهم جاحدون القوّة، كما قال السليح رسول الحقّ: «فالناس الآن الذين [- + مذهبهم] ومقالتهم مرذولة يحزمون حزمًا، ويحرقون بالنار»، ومعنا ذلك أنْ يحرقوا إلى الأبد.
يقول أيضًا ربنا والاهنا بسبب العبد السكّير إنّه يحضر سيّد ذلك العبد، في اليوم الذي لا يعرفه، وفي الساعة التي لا يتوقّعها، فيشقّه، ويجعله اثنين، ويكون نصيبه مع المرائين، مكان [٥٤/ ٢٧ظ] يكون البكاء وصرير الأسنان».
فيحقّ علينا أنْ نعرف ما هو الشقّ من وسطه، هل يشقّ جسمه؟ كلاّ، لكن الذي يعنيه هو هذا أنْ يفرقه من نعمة روح القدس، الذي قبله في المعموديّة، ومعنا القول أنّه يجعل نصيبه مع المرائين؛ لأنّ المرائين الآن هم الهراطقة المخالفين القايلين برياهم إنّهم، على ما في الكُتُب، وليس يؤمنون بقصد الحقّ، لكن على أفكار قلوبهم المرذولة، ويبدّلون الكلام الإلهيّ الذي في الكُتُب المقدّسة، وينزلوا الأمر فيها على شهوات نفوسهم، وقلوبهم.
يقول أيضًا [٥٥/ ٢٨جـ] بسبب العبد الذي لم يدفع الفضّة إلى أصحاب الموائد: «خذوا منه الكيس، وادفعوه إلى صاحب العشرة الأمناء. فمن كان له سيعطا أيضًا، ويفضل معه، ومَن ليس له سيؤخذ ما يكون معه. وذلك العبد سيُجْعَل في مكان الظلمة الخارجة، حيث يكون البكاء، وصرير الأسنان».
فيحقّ علينا أنْ نعرف مَن هو المرذول، وما هي الفضّة التي لم يعطها لأصحاب الموائد، وما هو المن الذي أُخِذ منه، وأُعطى لصاحب العشرة.
فالعبد المرذول هو اسقف مدحوض، أو قسّ، أو شمّاس [٥٦/ ٢٨ظ] الذين استحقّوا موهبة روح القدس، من الله - سبحانه، ولم يصنعوا الرب، لكنّهم جلسوا بكسل، لا يعملون بأوامر الربّ، والفضّة التي هي الوصايا التي لم يوصوا بها الشعب؛ لينجوا في يوم الدينونة.
فالرب يدع من يأخذ المن من هو هاكدي، وهي المنحة التي أعطاهم إيّاها، ويخرجهم إلى الظلمة القصوا، هاكدي يقول رسول الحق پولس السليح: «إنّه إذا أذنبنا بإرادتنا من بعد معرفتنا للحقّ، لم يبقَ الآن قربان، بسبب الخطيه، لكن انتظار الدينونة مهولة، ومن النار تحرق وتأكل [٥٧/ ٢٩جـ] مضادديه».
فمن لا يجزع إذا سمع هذا الوعيد، ويرتعد بخوف شديد، ومَن فيه اذنا فكرًا لله، لا يبكي، وينتحب، ويدع قلبه يبكي هاهنا من قبل الموت. وما الظنّ تتيك النيران في جهنم هي مائة سنة أو ألف عام، لكن العذاب أبديّ سرمديّ.
كما قال الإنجيل المقدّس: «إنّ هاولاي يمضوا إلى عذاب أبديًا، والصالحين إلى حياة خالدة أبديّة».
يقول ؤشعيا النبيّ أيضًا هأكدا: «إنّ دودهم لا يموت، ولا يهدا، ونارهم لا تنصرم، ولا يطفا».
[٥٨/ ٢٩ظ] فتلك النار تسما جهنّم، التي لا تطفا، لكنّها تغلي غليانًا، في كلّ وقت، وفي كلّ زمانًا، لا تفننا نيرانها.
ولعلّ قائل يقول إنّ كيف يقدر انسانًا أنْ يعيش إلى الأبد في تلك النار، لِمَ لا يستحيل؟
فليعلم المعيب أنّ الله الذي له القدرة في كلّ أمر بهذا أنْ لا تستحيل الأجساد، ولا النفوس، في النيران، إلى الأبد، لأنّه مقيم من غير استحالة، لئلاّ يستحيل الجسد والنفس في النار.
ولهذا أضرب لك مثلاً: نحن نشاهد القدر المملوه بالماء، في مستوقد [٥٩/ ٣٠جـ] الحمّام يوقد تحتها ليل ونهار بالنيران، فلا تستحيل، ولا تنفسد، على أنّ طبيعة الرصاص إذا قرب من النار ذاب واستحال، لكن القدر ما دامت مملوه بالماء فليس تستحيل، ولا تذوب البتّة، وإنّ دام الوقيد تحتها.
هاكدي أنزل الأمر على معنا النفس والجسد بمعنا الماء في القدر، ومعنا القدور تركه على الجسد.
فعلى هذا المعنا تكون نفوس الآثمين وأجسادهم في النار، التي لا تطفا إلى الأبد، من غير استحالة للأجساد، ولا النفوس.
ونرجع أيضًا [٦٠/ ٣٠ظ] أنّه عندما تكون القماقم النحاس والفخّار مملوهً من الماء، ويوقد تحتها بالنار، فإنّها لا تستحيل ولا تفنا.
كذلك الآثمون في كلّ وقت هم في النار خالدين، لا ينفسدون، ولا يستحيلون.
وكما أنّ القدّيسين والصالحين هم في ملكوت السماء ملوكًا مع السيّد المسيح خالقهم، في أجسادهم إلى الأبد، هاكدي الآثمون يكونون في جهنّم بأجسادهم خالدين إلى الأبد؛ لأنّهم خالفوا أوامر الربّ، وأفسدوا وصاياه.
وليس جهنّم للمذنبين الخطأة [٦١/ ٣١جـ] واحدة بمساواة لهم، لكن بين ذلك تباين، على أنّهم كلّهم قد بعدوا عن ملكوت الربّ. لكن بين نيرانهم ميزة: فمنهم مَن ينزل قعر جهنّم كما قال الربّ: «إنّ مَن قال لأخيه: "يا جنن"، يستحقّ قعر جنّهم».
فلا تظنّ أنّ اسماعك لصديقك هو شيء حقير ، لا تفكّر فيه، أو هو كلام حقير، أو سماع يسير، إذا قلت: «يا جنن». أتريد أنْ تعلم أنّ ليس هو كلام حقير، أو لا خفيف؟ أنا أعلمك ثقله والجزاء عليه.
فالذي يقول لأخيه: «يا جنن»، يعني بذلك أيْ أنّه بعد [٦٢/ ٣١ظ] من منحه الله، أيْ أنّك بعدت من مجد الإله، كمثل البهيمة، أو فرس جموح شرود آبق يهربان من أربابهما، ولا ينعطفا، ولا يتألّفا. فإنّ هذا يسما جنن.
كذلك مَن يقول لمؤمن مسيحيّ، هذا الذي صار أخًا للمسيح من قبل الأمانة والمعموديّة: «يا جنن»، لم يشبهه بالبهائم الشرودة، يعني أنّه هرب من ربّه المسيح، وصار بعيدًا منه.
فهل ترا يجعل مَن قال هذا لصاحبه في قعر جهنّم، أوْ لا يقول أيضًا إنّه إذا نضرت عينك للمناضر شهوةً [٦٣/ ٣٢جـ] فاقلعها، وأبعدها منك، فحسن أنْ تفسد عضوًا من جسمك خيرًا من أنْ تنزل جسدك قعر جهنّم. كذلك يقول أيضًا عن اليد اليمنا.
أتظنّ أنّه أمرنا أنْ تقطع عنا أعضاينا؟ كلاّ! لكن العين التي قالها يعنيها أنْ نقلع ونطرح هي الشهوة المرذولة يرد أنْ نقلعها من عيون قلوبنا. واليد اليمنا التي يعنيها هو أنْ نقطع عنّا الغضب والظلم، وليس يعني هذا وحده، لكنه يأمرنا أنّه إذا كان لنا أخ، أو صديق، يحسن لنا [٦٤/ ٣٢ظ] ذميم فعالنا، وهو مثل أعيننا، أو أيدينا، ويشوّقنا إلى امورًا داعية للإثم، وإلى ما يسخط الله، أو يشوّقنا إلى نقالات ومذاهب، أعني هاولايك الإخوة والأصدقاء المرذولين في سيرتهم وفعالهم.
فيحقّ علينا أنْ نستأصل ذكرهم من قلوبنا، ونمحا الفكر بهم من أبصارنا؛ لأنّهم ارديا لنا؛ لئلاّ نترك جسدنا كلّه. معنا ذلك نحن وهم إلى قعر جهنّم.
ومن الآثمين أيضًا قومًا يبعث بهم إلى نارًا مخالفة، ومنهم مَن يُبْعَث [٦٥/ ٣٣جـ] بهم إلى الظلمة القاصية، ومنهم إلى النار المعدّة لابليس وجنوده.
فليس بارذل من تبك [؟] النار، فهناك أنواع العذاب لا يحصا، ولا يمكن ذكر جميعه.
وبين جهنّم ميزة لمن يُعَذَّب فيها، وإنْ أردت أنْ تطيّب قلبك، أنا أضرب لك مثلاً على مَن يُعَذَّب في جهنّم: إنّه كمثل أتون نار يوقَد فيها بحطب، فالحطب الذي يُتْرَك فيها، وفي وسطها، يجوز أنْ يحترق بأسره، ومنهم مثل ما يكون نصفه يُتْرَك فيها، وليس يجري مجرا ما تُرِك جميعه، في وسطها [٦٦/ ٣٣ظ] فيحوط به النار من كلّ جانب، ومن الحطب أيضًا ما تُجْعَل أطرافه في النار، فإنّه لا يجري مجرى الأوّل، ولا الثاني، ووقوع الفعل على الكلّ أنّه في أتون النار، وبين ذلك ميزة، وتباين،
فبين ما جميعه في النار، وبين ما وسطه فيها ميزة، وبين ما وسطه في النار، وبين ما أطرافه فيها ميزة. كذلك ليكن ظنّك بمن هو في النار، وفي جهنّم.
وانظر أيضًا إلى قومًا أعلاّء بالحما [بالحمّى]، فمنهم مَن حماته صلبة شديدة صعبة، ومنهم من هو متوسّط، ومنهم مَن هو دون ذلك [٦٧/ ٣٤جـ] وعليه الحما جامعة لهم، وربّما كان مع الحما لكلّ واحدًا منهم علّة تخالف علّة صاحبه.
فلتفكّر في مَن هو في جهنّم هاكدي، فعلى قدر ثقل ذنوب كلّ إنسان يكون عذابه، إلى الأبد.
فبين جهنّم الملاعين، وعبدة الأوثان، وبين [+* ا] جهنّم الهراطقة والمخالفين ميزة، وبين جهنّم مَن يتحرّز في كثير فيوم [فيقوم] بذنب وبين مَن يذنب في كثير ميزة. وبين جهنّم القاتولين، وجهنّم الفسقة ميزة، وكذلك جهنّم الزناة بينها وبين جهنّم مَن أقام عمره في الشرب [٦٨/ ٣٤ظ] والتنعّم الزائل، وهم يسخطون الربّ، وماتوا في فعلهم ميزة، وهم يعذّبون في جهنّم إلى الأبد، والفايزون يسرّون الله.
نحن صنعة يديه يرانا أنّا قد فزنا إلى السماء معه، ويغضب على الذين أسخطوه بفعالهم، التي تمسّكوا بها، ولم يتوبوا إليه البتّة، لكنّهم جلسوا يسخطونه.
فلذلك يقول النبيّ: «الذي إذا نظر إلى السماء، ارتعدت أمامه.
فمنهم الآثمون الذين أقاموا زمانهم كلّّه في آثامهم، ونجّس الأرض، ولم يريدوا فعال الربّ، بسبب فعالهم المرذولة، فإنّ الربّ [٦٩/ ٣٥جـ] يدعهم يرتعدون في جهنّم.
قال النبيّ: «الذي إذا نظر إلى الجبال تركها كالدخّان».
فإنْ سمعت هذا، فلا تظنّ أنّه يعني الجبال الحجارة، التي على الأرض، لكنّه يتكلّم بسبب الجبال المظلمة، وهو ابليس وجنوده فهاولاء الذين يجعلهم الله كالدخّان في النار، التي لا تطفا يوم الدينونة.
وفي هذا الموضع أيضًا سما الملوك الملاعين والجبابرة الآثمين الذين كانوا في التعظيم والأمر الجسيم، أيْ الجبال المظلمة؛ لأنّ هاولايك كانوا متعظّمين على الأرض، آخذين بالوجوه [٧٠/ ٣٥ظ] كمثل الجبال العالية على الأرض كلّها.
فاولايك الملوك الذين كانوا هم جبال الخطيه يخوّفون الناس، ويدعونهم إلى جحود [+* دلك] الربّ.
فلهذا قال الله أنْ يكونوا دخّانًا في النار التي لا تطفا يوم الدينونة.
أتريد أنْ تعرف أسماء الجبال العالية في الخطيه
رجيعام ابن عبده ملك إسرائيل هو جبال الخطيه، وكلّ مَن يشبهه
يوليانوس الجاحد الكافر هو أيضًا جبل الخطيه.
ديقلاطيانوس الكافر هو جبل الخطيه، وكلّ مَن يشبهه [٧١/ ٣٦جـ] بسبب خطاياهم وأعمالهم السوء التي صنعوها.
فالربّ يدفعهم إلى النار التي لا تطفا، ويجعلهم كالدخّان فيها، مع ابليس وجنوده، إلى الأبد.
وهذه النار التي يجعل فيها هاولاء ومَن يشبههم، ويجري في العتو والطغيان مجراهم ليس فيها نورًا لكن ظلمة مدلهّمة.
وفي هذا أيضًا سما الأساقفة الملاعين أطوارًا وجبالاً؛ لأنّهم علوا على الشعب كلّه، كمثل الجبال العالية على الأرض كلّها، وبسبب كلامهم الكاذب الذي يوديون [يؤذون] به [٧٢/ ٣٦ظ] أولاد البشر، هم يفسدون نفوسهم، ويضلّونهم، ولأعمالهم المرذولة وآدابهم المفسودة يدفعهم الله إلى جهنّم، في النار خالدين إلى الأبد، ويخرج من أفواههم الدخّان.
فقد قلنا الآن وذكرنا الجبال والأطوار النجسة الخاطيه، التي ينظر الربّ إليها، فتصير دخّانًا في جهنّم، وهو ابليس وجنوده، وديقليظيانوس ومَن يشبهه من الملوك الملاعين والجبابرة العاتيين، والأساقفة، والقسّيسيين المخالفين في الأمانة.
وهناك أيضًا أطوارًا مقدّسة طاهرة، كما قال داوود النبيّ في المزمور.
إنّ [٧٣/ ٣٧جـ] الأطوار تهلك، أمام وجه الربّ؛ لأنّه يأتي فيدين الأرض.
فهاولا الأطوار التي يعنيها الآن أنّها تتهلّل أمام وجه الربّ، عند اتيانه ليدين الأرض، هم الأنبياء، والحواريون، والرسل، ومؤدّبو الكنيسة الأطهار، هم الذين يهلّلون في المجيء الثاني للدينونة.
فلذلك يقول حزقيال النبيّ: «إنّني أحكم بين كبش وكبش، وبين كبش وحمل».
فإنْ سمعت مثل هذا، فلا تظنّ بالله أنّّه يحكم بين الكباش، الدي لا نطق لها، ولا علم عندها، كلاّ! لأنّه - سبحانه اعنا [٧٤/ ٣٧ظ] بالكباش التي ذكرها، على فم نبيه، أنّهم الناس العلمانيون الذين يدينهم، مع أصحابهم.
يقيم الله هابيل، الذي صار حملاً طاهرًا، من قِبَل أفعاله، وأفعال أخيه، هذا الذي صار كبشًا ملعونًا، بأفعاله الملعونة، وينكر على قائين كيف لم يكن قدّيسًا مثل هابيل أخيه.
ويقيم إبراهيم ولوط الدين صاروا كاملين طاهرين بفعالهم الحسنة، مع أهل سادوم وغامورا، ويقول لهم: «كيف لم تكونوا صدّيقين مثل إبراهيم ولوط، الدين كانا ساكنين بين أظهركم، في الأرض.
ويقيم يعقوب هذا الذي صار حملاً طاهرًا [٧٥/ ٣٨جـ] بفعاله المستحسنة، ويقيم العيص أخاه، الذي صار كبشأ مدحوضًا ، وينكر عليه إذ لم يعجبه مثل يعقوب أخيه من أُمّه وأبيه.
يقول أيضًا: «إنّه يحكم بين كبش وكبش».
فالكباش، على ظاهر الأمر، هم الأقوياء، وهم أرفع من النعاج؛ لأنّك تجد قرون الكباش مباينة لقرون النعاج.
كذلك أيضًا ملوك الأرض هم في العزّ اعلا من الناس كلّهم؛ فهم الذين يعنيهم أنّه «يحكم بين كبش وكبش».
ويقيم داوود الحمل الطاهر، هذا الذي صار ملكًا قدّيسًا، ويقيم شاوول [٧٦/ ٣٨ظ]، الذي صار كبشًا ملعونًا، وملكًا فاجرًا، وإنّ الله لينكر على شاوول، ويقول له إنّ كيف لم يكن صدّيقًا مثل داوود، وحفظ وصايا الربّ، وصار ساجدًا له، وممجّدًا لاسمه المقدّس، ليلاً ونهارًا، وأدّب الشعب، الذي هو مَلَك عليه، ليسبّح، ويسجد لله. ووقع شاوول في يديه مرارًا كثيرة، فلم يقتله، لكنّه تركه لله. وشاوول حاد عن سبيل الله المستقيمة، ولم يحفظ وصايا الربّ، بل قتل كهنته، وطرد داوود، وحاول قتله.
ويقيم أيضًا آحاز [٧٧/ ٣٩جـ]؛ لأنّه ترك عنه ربّه، الذي خلقه، وصنع أصنام للشياطين، وأقامهم، وعبدهم كمثل آلهة، ونجّس هيكل الربّ بالأصنام، وترك الشعب كلّه، الذي هو ملك عليهم، يعبدون الأصنام مثله. وهشّم ابنه حزقيا الأصنام التي أقامها أبوه، وفتح أبواب هيكل الربّ، وترك الشعب، الذي هو ملك عليهم يعبدون الربّ، بمسرّة، ورفضوا بالأصنام.
ويدين الله أيضًا رجبعام [رحبعام] ابن عبد، وآحاب، وكلّ مَن هو مثلهما، الكباش الملاعين، الذين تركوا الله، وصنعوا لهم آلهة، عجاجيل [جمع: عجل] وأصنامًا كثيرة، وأقاموها، وعبدوها، [٧٨/ ٣٩ظ]، إنّها عندهم آلهة.
تركوا عشرة الأسباط التي لإسرائيل الداخلة في ملكهم، أنْ يتركو عنهم عبادة الله، ويعبدوا الشياطين.
فالربّ الآن يحكم بين هاولا الكباش الملاعين، وبين يوسيا الحمل الطاهر؛لأنّ هاولايك تركو الله عنهم، ويوسيا عمل الصلاح، أمام الربّ، وهشّم الأصنام التي أقاموها، وأحرقها بالنار. وترك الشعب كلّه، الذي هو ملك عليهم أنْ يخافوا من الربّ ويعبدوه، بكله قلوبهم، بحقّ ومسرّة.
فالله القادر يدين كلّ جيل الملوك الملاعين، مع شعوبهم الملاعين [٧٩/ ٤٠جـ]، الذين تركوا الله عنهم، ورفضوا بوصاياه، ويدفعهم إلى جهنّم، إلى الأبد. والملوك الصالحين، وشعوبهم الأطهار معهم، يدفعهم إلى الملكوت الأبديّة.
ويحكم الربّ بين الأنبياء الصادقين وبين الأنبياء الكاذبين؛ لأنّ الأنبياء الصادقين تنبوا صدقًا باسمه، وخاصموا كلّ أحد؛ لكي يحفضوا سبل الربّ. والأنبياء الكذبة تنبوا بالكذب، وضلّوا أُناسًا كثيرة عن السبل المستقيم [سيك). وأنبياء الحقّ يكونا [سيك] بكرامة في الملكوت، والأنبياء الكذبة يكونون بمهانة في جهنّم خالدين.
ويحكم الربّ أيضًا بين الحواريين [٨٠/ ٤٠ظ] الاثني عشر القدّيسين، وبين الاثني عشر سبط إسرائيل.
كذلك يقول الربّ: «إنّه عند جلوس ابن البشر على كرسي مجده، سيجلسكم أنتم أيضًا على اثني عشر كرسيًا؛ لتدينوا اثني عشر سبط إسرائيل».
فإنْ سمعتم هذا فلا تظّنوا أنّ الحواريين يجلسوا على كراسي من خشب، أو كراسي من حجارة، أو من ذهب، أو من فضّة، أو غير ذلك، لا يكون ذلك في المجيء الثاني الذي لربّنا يسوع المسيح، ولا يجلس أحدًا مع ابن الله، إلاّ الآب وروح القدس.
فأمّا أهل السماوات والأرض، ومن هو في التخوم [٨١/ ٤١جـ] السافلة سيركعون، ويسجدون للثالوث المقدّس.
فالكراسي التي اعنا بجلوس الحواريين عليها هي أنْ يكونوا في مجدًا يفوق العقول بكرامة من مجد ابن الله، في يوم الدينونة، ويقيمون في هذا المجد، وفي هذه الكرامة، إلى الأبد، إذ ليس في سائر [+ ويكشط الاجساد؟] القدّيسين، ولا الصالحين من هو أقرب إلى الله من الحواريين الأطهار، وكذلك مَن يشبههم، ويعمل علم قوله لهم: «إنّكم تدينو اثني عشر سبط إسرائيل»، لكرامتهم.
كما قال عن أهل نينوا: «إنّهم يقومون، فيدينون هذا الجيل»، يعني بني إسرائيل العتاة، الذين لم يقبلوه [٨١ب/ ٤١ظ]، بل رفضوا به، وصلبوه.
فواحد هو الآن الديّان، وهو الابن الوحيد، باتّحادًا من الله، ومن الروح القدس، كما يقول پولس السليح رسول الحقّ.
وهأكدا أيضًا يقول ربّنا: «إنّ الآب لا يدين أحد، لكنّ القضاء كلّه أعطاه للابن».
وقوله أيضًا للحواريين: «إنّكم تدينون الاثني عشر سبط»، هو هاكدًا، أيْ أنّهم من جنس إسرائيل، وأنّهم كانوا قومًا فقراء، ليس لهم ذلك الجدل، ولا ذلك اللسان المنطلق، فآمنوا بالمخلّص المسيح، وأحبّوه، بكلّ قلوبهم، وبأعمالهم الصالحة، أعادوا العالَم من عبادة الأصنام إلى نور الإيمان [٨٢/ ٤٢جـ] بالله ومعرفته، وإلى الأعمال الصالحة.
واليهود الذين كانوا معلّمي الناموس، ويدرسون كُتُب الأنبياء، في كلّ السبوت، فلم يقنعهم تركهم الأمانة بالمسيح، على ما في كُتُبهم، لكنّهم تغتوا [؟] على صلبه على خشبة، وقتله.
فلهذا قال ربّنا المسيح لليهود الملاعين: إنّ الحواريين يدينونهم، معنى ذلك أنّهم آمنوا بي، وأنتم جحدتموني، وهو أحبّوني، وصنعوا مسرّتي، فلذلك اليهود يذهبون إلى جهنّم، المكان الذي فيه ابليس وجنوده، إلى الأبد.
ويدين الله أيضًا الملوك المسيحيين، ويحكم بين مَن صنع فيهم أوامره، وحفظ وصاياه [٨٣/ ٤٢ظ]، وبين مَن رفض بذلك، وتركه عنه متمّم.
ويحكم الربّ أيضًا بين الأساقفة الملاعين، الذين رعوا قطيع المسيح، بظلم، ولم يعلّموهم إنهاج السبل الصالحة، وبين مَن حفظ أوامر الربّ، وعلّم الشعب حفظ وصاياه، وعمل بطاعته، في يوم الدين، وينكروا على مَن خالف ولم يحفظ.
وكذلك يحكم بين الكهنة السوء، وبين الكهنة الصالحين.
ويحكم أيضًا على الرهبان السوء، الذين نجّسوا أجسادهم بالزنا، وتفرّغوا لعمل الأعمال الزائلة، ومالوا إلى السُكْر، وكسلوا عن عبادتهم، وينكر على هاولاء من قِبَل الرهبان الأخيار [٨٤/ ٤٣جـ] الأطهار، الذين تموا عبادتهم بطهارة، وعبادة كثيرة، تامّين في كلّ فعالهم.
والذين قلناه للآن إنّما هو عن ما قيل: «إنّه يحكم بين كبش وحمل، وبين كبش وتيس».
ويجب أنْ نقول أيضًا ما قيل: «إنّه يحكم بين كباش وكباش».
معنى ذلك أنّه يدين من العلمانيين والنساء من مَن مات، وهو في أنواع كثيرة من الآثام.
فمنهم مَن مات، وليس فيه رحمة، ومنهم مَن مات في زناه، ومنهم مَن مات في فسقه، ومنهم مَن مات في نميمته، ومنهم مَن مات وهو نجس، في مضاجعتهم للذكور، ومنهم [٨٥/ ٤٣ظ] القتلة، ومنهم السرّاق، ومنهم مَن مات في ظلمة وغشمة، ومنهم مَن يغتاب صاحبه، ويبغض بعضهم بعضًا، وليس فيهم رحمة.
وأقول بحقّ، وأقطع أنّ الله يدين الخاطئين كلّهم، من قِبَل الصالحين، ومن قِبَل الرحماء الصدّيقين، ومَن حفظ جسده بالطهارة، وعمل الأعمال الصالحة.
فلهذا الصالحون والقدّيسون هم بنو الله، كما قال الإنجيل المقدّس، وإنّهم سيسبّحون بتسبحة الظفر مع جنود السماء كلّهم.
عند ذلك يُدْخِل المسيح، ينبوع الحياة، الصالحين كلّهم هديّةً لأبيه، ويرثون ملكوت الله [٨٦/ ٤٤جـ]، بمعنا أنّهم بنوه، وكلّ واحدًا نهم يكون في مجده كمقدار فعاله الحسنة، وأعماله البهيّة.
والخطأة والأثمة المذنبون يكونون في أسافل جهنّم، إلى الأبد، كما هو مكتوب في الإنجيل المقدّس: «إنّ اثنين يكونان في الحقل، فواحد يؤخَذ، وآخر يُتْرَك».
فواجب علينا أنْ نعرف من هم هذان الاثنان اللذان اعناهما الإنجيل الطاهر: إنّهما في مكانًا واحد، فيؤخَذ أحدهما، ويُتْرَك الآخر.
فالحقل هي الدنيا، والاثنان اللذان فيه فهما رتبتا الإنسانيّة، وإنّ إحدى الرتبتين الصالحين كلّهم، والأخرى هم الخطأة [٨٧/ ٤٤ظ] كلّهم.
والمكان الذي يؤخَذ نعلم ذلك من قول الإنجيل المقدّس للأطهار، الذين يُصْعَد بهم إلى السماء، وإنّهم إحدى الرتبتين.
والمذنبون فهم الرتبة الاخر الذين يتركونهم في جهنّم إلى الأبد.
يقول روح القدس في داوود [+ - مزمور RM6] النبيّ هاكدى: «إنّ الله ليعلي الجزائر».
معنا أنّه يمضي بالقدّيسين إلى السماء، وينكّس الخاطئين إلى أسافل الأرض. معنا ذلك أنّه يدخل الآثمين جهنّم، يكونون فيها خالدين.
يقول أيضًا سيّدنا والاهنا يسوع المسيح في إنجيله المقدّس: «إنّ اثنين على سريرًا واحد [٨٨/ ٤٥جـ]، فواحد يؤخَذ، وآخر يُتْرَك».
ولم يقول ذلك بسبب الدكك والأسرّة، التي ترقد الناس عليها، لكنّه - سبحانه - اعنا بذلك الأغنياء، والسرير فهو الغنا، والاثنان اللذان هما على السرير، الواحد فهما غنيّان يكونان في مدينة واحدة، وقرية واحدة، يكون أحدهما حنون رحيم، يفرّق على الضعفاء، ويعطي الفقراء، ويحفظ وصايا الربّ، ويعمل بها، وإنّ في يوم الدينونة سيؤخَذ، معنا ذلك إنّ الله يدخله إلى الملوك.
والآخر إذا كان لا رحمة فيه ولا خيرًا [٨٩/ ٤٥ظ] عنده، بل يكون ظلومًا غشومًا جامعًا للأموال على الأموال، فهو مذنب كتير الخطايا، سيُتْرَك، كما قال، معنا ذلك أنّه يُتْرَك في يوم الدينونة، في جهنّم، إلى الأبد خالدًا.
يقول أيضًا ربّنا في إنجيله المقدّس: «إنّ اتنين تطحنان في طاحونة واحدة، فواحدة تؤخَذ، واخر تُتْرَك».
معنا ذلك أنّ الطاحون هو الفقر؛ لأنّ الفقراء هم طول أعمارهم يطحنون، فإذا كان فيهم قوم يخافون الربّ، ويشكرونه، من كلّ قلوبهم، على فقرهم، ويحفظون أجسادهم من دنس الزنا، ويبتهلون إلى الله، على قدر طاقتهم [٩٠/ ٤٦جـ]، فهذا الفقير الواحد يدخلهم يوم الدينونة إلى ملكوت السماء، كما هو مكتوب: «إنّ واحدة تؤخَذ»، وهم الفقراء الرحماء الشاكرون الصالحون، الصابرون على فقرهم، بشكرهم عليه لربـّهم.
والواحدة الأُخرى الدي ذكر أنّها تُتْرَك، فيجب علينا أنْ نعرف من هي التي تُتْرَك، وفي أيّ مكان تُتْرَك؟ الذي يقوله هو هاكدًا: «إنّه إذا كان قومًا من الفقراء لا يشكرون الربّ على فقرهم، بل يكونوا زناة، ولا يبتهلون إلى الله بقوّتهم، فإنّ هذه الفرقة من الفقراء يتركها الله في جهنّم [٩١/ ٤٦ظ؛ هذه الصفة ملصوق عليها carta velina ولكنّها مقروءة] خالدة إلى أبد الأبدين، في يوم الدينونة، كما هو مكتوب: «إنّ واحدة تُتْرَك».
لكن هناك قومًا يقولون: «إنّ كيف إذا أذنب الإنسان زمانًا قريبًا يُتْرَك في جهنّم إلى الأبد؟ وإنّ كيف يكون هذا حكم حقّ، ودينونة عدل؟».
فنحن الآن نجيب هاولا القائلين لهذا القول المغشّ للحقّ: إنّ ابليس الذي أضلّ آدم وحوّاء هو أيضًا الذي أضلّكم، وأعطاكم قساوة هذه القلوب؛ حتّى لا تؤمنوا بما قاله الربّ في الكُتُب المقدّسة.
وأقول لكم بتحقيق ذلك: إنّه إذا متنا [٩٢/ ٤٧جـ] في ذنوبنا، سنُجْعَل في جهنّم خالدين فيها. وأنا أحضر لكم الاستشهاد من قِبَل آدم أوّل البشر، وحوّاء زوجته، إنّه بسبب وصيّة واحدة خالفا فيها، وقلّ استماعهما، ولم يحذراه لكنّهما عصياه فيها، وأُخْرجا من الفردوس، وحصلا تحت حتف [؟] الموت، وحكمه، وتحت الفساد، والعين، وملكهما الموت، بقلّة استماعهما، ومن قِبَلهما دخل الموت إلى جنس البشر، وصاروا تحت حكم الموت، وأجسادهم تفسد، وتستحيل إلى اليوم الأخير، فيقيمهم الله مرّةً اخرا [٩٣/ ٤٧ظ] في يوم الدينونة.
فإذا كانت لقلّة الاستماع من وصيّة واحدة لحق آدم وحوّاء هذا التعب العظيم، هاكدًا وجميع جنسهما معهما، فماذا يصنع بمن كفر، ليس بوصيّة واحدة لكن بجميع الوصايا، التي سمعوها من الناموس، ومن الأنبياء، ومن الأناجيل، ومن وصايا الحواريون الأطهار، والقدّيسين بعدهم، والتابعين لهم.
وكما أنّهم كفروا بجميع هذه الوصايا، فحقّ واجب عليهم أنْ ينزلهم الله إلى جهنّم، خالدين فيها.
والذين آمنوا به، وعملوا بوصاياه، وأتبعوا مرضاته باتّباعهم [٩٤/ ٤٨جـ] أوامره، وصنيعهم مسرّته، وإرادته، سيصعد بهم السماوات، ويرثوا ملكوته إلى أبد الآبدين.
فلأجلنا هبط من السماء، وصار إنسان، وتألّم، وأُرْذِل، ورُفِع على الصليب، ومات بناسوته، وانبعث من بين الأموات.
فمن أجل قبوله الموت، وانبعاثه، منحنا التشبّه به، من غير موت، فيما بعد؛ لنكون بمعنا حسن صورته المقدّسة، ويمضي بنا إلى السماء، مكان أبيه.
والذين أظلمت قلوبهم، وعميت أبصارهم، ولم يومنو به، ولا عملوا بوصاياه، لكنّهم التفتوا إلى فعل ما هو زائل، ورفضوا وحدهم بجنونهم، [٩٥/ ٤٨ظ] وحصلوا على فعال ابليس، وصانعي مسرّته، وتبعوا إرادته، وإراد جنوده.
فمنهم مَن يدخل إلى الحنيفيّة، ويميل إلى ما لا يدريه، ومنهم مَن يذهب إلى شريعة، ويميل إلى مقالة مدحوضة، وإذا خوطبوا على ذلك، لم يرتّدوا، ولم يودو الاستماع من أحدًا، لكنّهم يقيمون في العثرة، البي وقعوا فيها، والضلالة التي دخلوا إليها، وسريرتهم مع ذلك تكابرهم عليها.
وقومًا أيضًا إذا ارتدّوا من شريعة، ولم يثبتوا في المقام المستقيم، لكنّهم يرجعون إلى ورائهم، كمثل الكلب الراجع في قيّه.
وقومًا أيضًا هم دهرهم لا [٩٦/ ٤٩جـ] يفترون من القتل، لم يرجعوا إلى الله، فيتوبو إليه، لكنّهم بقوا في عثرتهم إلى حين خروجهم.
وقومًا أيضًا نجّسوا أجسادهم بالزنا، ولم يتوبو إليه إلى أنْ ماتوا.
وآخرون أيضًا إنْ أقلعوا وقت ما، ثمّ يعودون إلى نجسهم، كمثل خنزيرًا، إذا عاد إلى وسخه.
وقومًا أيضًا صاروا لصوص هجّامين ظلمة، يكونون في اتامًا كثيرة، ولم يتوبو، لكنّهم ماتوا في ذنوبهم.
أفلا ترى الآن حكم الله ودينونته إنّه حمن حقّ، وقضاء عدل، في دفع هاولا إلى جهنّم، وتركهم فيها خالدين إلى الأبد؛ لاستماعهم من ابليس [+* واصا] واصطناعهم [٩٧/ ٤٩ظ] فعاله، واتّباعهم مسرّته، وإسخاطهم خالقهم، الذي دفع نفسه إلى الموت، بسببهم، محبّةً لهم، وشرّع لهم ملكوت السماء، فصاروا أعداءً له، يسخطونه بقبيح فعالهم، وشنيع أعمالهم.
فنحن الآن نرا أنّ حكم الله - شبحانه - ودينونته، حكم حقّ، وقضاء عدل واجب؛ إذ يدفع الذين هم هاكدي إلى جهنّم، إلى الأبد؛ لأنّه، إذا كان بسبب وصيّة واحدة، خالف فيها آدم وحوّاء، فسلّط الله الموت عليهما، وعلى ذرّيتهما، ولم يكتفي بألف سنة، ولا بخمسة آلاف سنة، ليرفع الموت عن الجنس كلّه، لكن بسبب الوصيّة الواحدة [٩٨/ ٥٠جـ] التي بمخالفة آدم، من ذلك اليوم الذي خالف فيه، استطعم البشر كلّّه الموت، بسبب مخالفة الوصيّة الواحدة، وإنّ الموت دخل الدنيا من اليوم الذي خالف فيه آدم، إلى اليوم الأخير، بسبب المعصية الواحدة، التي لم تُحْفَظ، ولم تكن هذه السنين كلّها أنْ ترفع الموت عنهم، فكم بالحريّ يجب على مَن خالف الوصايا كلّهاسيُدْفعون إلى جهنّم، إلى أبد الأبدين.
ثمّ نعود أيضًا إلى إعلامكم أنّه بحكم حقّ من الله - جلّ وعزّ - وعدل منه بدفع الخطأة إلى جهنّم، وبتركهم فيها خالدين إلى الأبد [٩٩/ ٥٠ظ]، ألم يقتل قائين هابيل أخاه، الذي يشاهده كلّ يوم، وأذهب بخبره من على الأرض، وابعث أخاه إلى أبواب الجحيم؟ فهل قدر على أنْ يقيمه؟ أو لم يمحي حيوته من على الأرض إلى الأبد؟
وكيف لا يكون هذا حقًّا أنْ يكون هذا قائين القاتل لأخيه، في جهنّم، إلى الأبد.
وهاكدي أيضًا القتلة كلّّهم، الذي محو حيوة الناس من على الأرض، إلى الأبد.
وإنْ كانوا قدروا على أنْ يقيموا من قتلوه، ويعيدوه إلى حيوة الدنيا مرّةً أُخرى، فإنّ الله يعيد القتلة من جهنّم، على قدر كلامهم، ويعيدهم من حهنّم إلى الحياة [١٠٠/ ٥١جـ] الأبديّة.
فلذلك بحكم حقّ من الله - سبحانه - أنْ يترك الآثمين في جهنّم، إلى الأبد، خالدين، يُعَذّبون فيها، لأنّههم الذين عذّبون أصحابهم بالقتل.
هاكدي أيضًا الزناة الذين دنّسوا أجسادهم إلى آخر يوم مدّتهم، وأنفيهم إلى أزواج الزناة، وجعلو أعظاوهم [أعضاءهم] الطاهرة بالمسيح أعضاء للزناة، وتركوا عنهم الطهارة.
فلماذا لا يكون دفع هاولاء إلى جهنّم بحقّ، إلى الأبد؟
وكذلك أيضًا الذين معهم الأموال، ولا يصرفوها في البرّ، بعين رحمة غنيّة، لكنّهم يشاهدون [١٠١/ ٥١ظ] الفقراء، بضيق شديد، ويسمعون منهم أصوات خفيفة، لما هم فيه من المسكنة، فلا يعينوهم، ولا يرحموهم، لكنّهم يتربّصون على الأموال إلى آخر يومهم، بغير رحمة، وتركوا الفقراء الذين هم أبناء الله، في ضيق الفقر، وعدم القوت.
فلماذا لا يكون حقًّا أنْ يُدْفَع هاولا إلى جهنّم، خالدين فيها؟
كذلك أيضًا الظلمة الغاصبين الذين قهروا البائس، وأخذوا أموال الناس، ولم يعيدوها عليهم، إلى آخر عمرهم، ولا أوصوا بدفعها لهم.
وكذلك أيضًا مَن جحد دين ربّنا المسيح [١٠٢/ ٥٢جـ] والأمانة، وذهبوا إلى مقالات عدّة، فواجب أنْ يجحدهم الربّ، ويذهبوا إلى جهنّم، إلى الأبد.
وكذلك كلّ مَن يذنب ويأثم إلى آخر يوم من عمره، ويموت من غير توبة، لكنّه يسخط الربّ دائمًا بقبيح فعاله.
فلماذا ليس هو حقّ أنْ يذهب هاولاء إلى جهنّم، خالدين فيها، إلى الأبد؟
فأنا أدعوكم ، وأتلطّف بكم، وأرغب إليكم، معشر مَن هو في الخطايا أنْ تتوبوا توبةً طاهرة، مقبولة، وتدعوا إلى الله من كلّ قلوبكم، ليلاً ونهارًا، أنْ [١٠٣/ ٥٢ظ] تكونوا باغضي الذنوب كلّهل، وجميع النجس، وأنْ تفعلوا أفعال مسيحيّة لله.
فإنّكم إنْ فعلتم ذلك سيقبلكم الله الذي يريد نجاة كلّ البشر، وتفرح بكم كلّ جنود السماء، على عودتكم.
وهأكدا أرغب، وأضرع إلى كلّ مَن أذنب من قبل هذا اليوم بأنْ لا ينقطع عن التوبة، والابتهال، بخشوع من قلبه ، ويقيم من نفسه يدعوا إلى الله - سبحانه - بتسابيح، يرجو أنّ الله يقبله.
فإنّ زناة كثيرين، وعشّارين، وقتلة، وآثمين، رجعوا إلى الله [١٠٤/ ٥٣جـ]، وتابو إليه، بدموع، وفعال تامّة للتوبة، أرضو بها الربّ فقبلهم الله، وأحبّهم.
فنحن نذكر هاولاء، يا أحبّاي، ونتكلّم بها مع أصحابنا، بتثبيت، وتصحيح، بزفكار حسنة، وأفعال مقبولة، أمام الربّ.
الربّ أيضًا يقيمنا في اليوم الأخير، الذي للدينونة، مع القدّيسين ، ويعيلنا في ملكوته السماييه، ليتمّ علينا كلام النبيّ المكتوب هاكدا: «يسرّ الربّ بأفعالنا كلّها».
فالمسيح ربّنا - له المجد، والكرامة، والعظمة، مع الآب [١٠٥/ ٥٣ظ]، والروح القدس المحيي المتّحد به من قبل الأزمان، إلى أبد الآبدين، ودهر الداهرين. آمين
نجز الميمر
الذي وضعه الاب القديس ماري يوحنا اسقف البرلس من اجل قيامه الموات وبعتهم ويوم الدين بسلام من الرب.امين امين
والسبح لله دايمًا ابدًا
وكان الفراغ منه يوم الخميس الثامن عشر من برموده سنة تسعايهاربعه وتلتين للشها الاطهار
برسم خزانه الاب الاوحد الفاضل العالم [١٠٦/ ٥٤جـ] [من هنا أحمر] المعلم القس المكمل بالحمن ابو البقا [إلى هنا أحمر] ابن الاب الطاهر والجوهر الفاخر الاب القديس اسقف مدينه دندره
وما معها نيح الله نفسه وزرقنا بركاته امين
رحم الله من قرا ودعا لناسخه بالرحمه المسكين الفقير من الحسنات المملو من السييات دانيال ابن زخارياس اسقف مدينه قوص نيح الله نفسه ونيح انفس جميع ابنا المعموديه اجمعين
[وبغط مغاير] رحم الله القاري والمقتني والناسخ الخاطي امين
[١٠٧/ ٥٤ظ] [كتابة لاتينيّة بخط دقيق صغير]
120
Sanctii Joannei epice Priles De Resurrectione et mortione [?] mortuorum eudodie [?] dedicy
ثم ختم المكتبة
90 Arabo
تمّ النسخ في مڤ بحمد الله في العاشرة صباح الأربعاء، ٢٥ يناير ٢٠١٢، اهتداء القدّيس بولس، والذكرى الأولى لبدء الثورة الشبابيّة في مصر]
تمّ بحمد الله وضع هذا النصّ على المدوّنة كباكورة للنشر على الانترنت، وأقدّم الشكر للمهندس صموئيل سليمان على إعداد المدوّنة.
الاثنين، ٤ يوليو ٢٠١٦
يُحنّا أسقف الپرلّس
«قيامة الأموات يوم الدين»
عن مخطوط ڤَتيكان عربي ٩٠
نشرة مؤقّتة طبق الأصل (نشرة دِپْلُماسيّة)
أعدّها الأخ وديع الفرنسيسكانيّ
٢٠١٦
wadiawad.blogspot.com.eg
Giovanni vescovo di Parallos (Egitto)
Sulla risurrezione dei morti e il giorno del giudizio
Testo arabo (edizione diplomatica)
di
Awad WADI
2016
wadiawad.blogspot.com.eg
«قيامة الأموات يوم الدين»
عن مخطوط ڤَتيكان عربي ٩٠
نشرة مؤقّتة طبق الأصل (نشرة دِپْلُماسيّة)
أعدّها الأخ وديع الفرنسيسكانيّ
٢٠١٦
wadiawad.blogspot.com.eg
Giovanni vescovo di Parallos (Egitto)
Sulla risurrezione dei morti e il giorno del giudizio
Testo arabo (edizione diplomatica)
di
Awad WADI
2016
wadiawad.blogspot.com.eg
https://goo.gl/AhXlYj
وصف المخطوط
مخطوط صغير الحجم، غلاف جلد أبيض اللون، وعلى الكعب شعاران ورقم المخطوط. هناك ترقيم ابقطي أصليّ للصفحات، في أعلى الصفحة، وعربي غربي للأوراق في أعلى الورقة، وآخر أحدث في أسفل الورقة، ولم يتّم ترقيم ورقة ٨ في أعلاها، وتابع الترقيم، وحدث بعد ذلك اختلاف بين الترقيمين الغربيين، وأُورد الترقيم الأبقطي، يتبعه العربي الغربي الوارد في أسفل الورقة. كثير من الأوراق مرمّمة ولا سيّما في البداية، وبعض الأوراق منفصلة. الكتابة واضحة ولكن ليس جميلة، وبعض النقاط تنقص، ومرّات كثيرة يكتب الألف ملصوقة في اللام، ولن نعتبر ذلك خطأ إملائيّ.
[وجه الورقة الثانية المضافة عند التجليد، هي بيضاء:
42 vat
nov. XC.
90. Arabo
[١/ ١جـ] بسم الآب والابن وروح القدس إله واحد
[بالمداد الأحمر] ميمر وضعه الأب القدّيس ماري يحنّا أسقف الپرلّس عن قيامة الأموات يوم الدين [إلى هنا بالأحمر]
في أوّل يوم ذكرت لكم لأجل التسبيح الذي قاله لكم الروح القدس على فم داوود المزمّر إذ يقول: «ليفرح الربّ بأعماله» [كلمة ناقصة بسبب خرم]. والذي منحني الربّ إيّاه، هو الذي أقوله، واكتب به. وصعوبة أيضًا رأتها لاذكر اذه هذه الدنيا ونجاة القدّيسين والصالحين [٢/ ١ظ] عند قيامهم في أجسادهم، وصعودهم إلى السماوات وفرح الربّ بهم. وعظيم هو قولي بسبب تأنّي [أو ثاني] مجيء سيّدنا يسوع المسيح، ومعه كلّ جنود الملائكة والبشر.
الآن، إذا ذكروا تمجيد وعظمة ذلك اليوم، نتقاصر، ونرتعد، ويصعب عليّ أيضًا إنْ لم أذكر فعل الله- سبحانه -.
فلهذا أقول قد استبان لعقولنا منحه الله- سبحانه - على ما تقوله [كلمة غير واضحة] الكتب المقدّسة.
فنحن الآن نذكر لكم عجائب اللّه، أيّها السامعون، بخوف، وشهوة، لتكونوا متوقّعي مِنَح الملكوت، [٣/ ٢جـ] ولتبعدو عنكم الأفكار الردية، والأفعال السيئة، وتعتمدوا الأعمال الطاهرة؛ فلذلك أرغب إليكم، أيّها الأحباء الأطهار، أنْ تستمعوا الكلام، بخوف وتأمُّل، وتقبلوه بكل قلوبكم.
فإنّ الكلام هو طعام حيّ روحانيّ، كمثل البهائم، التي تُصْعِد من أجوافها العلف الذي كانو قد فرغو منه بأكلهم إيّاه، فتشتر [فتجترّ] عليه، مرّةً أُخرى، فيكون بداخلهم بذلك راحة.
كذلك أنتم أيضًا كونوا صاغين بكلام اليوم الأعظم، الذي يأتي مجيء سيّدنا ومخلّصنا يسوع المسيح - له المجد والسبح - من قلوبكم.
وجدّدو الكلام وردّدوه [٤/ ٢ظ] في أفكاركم، واذكروه بأفواهكم، واشترّو [واجترّور] أنتم أيضًا عليه معناه، بأنْ تذكّروه بعضكم مع بعض، وتقولوا هذا الكلام المملوا أهوالاً؛ لتكونو كاملين، بكلّ الفعال، وكلّ الأعمال، في هذه الدنيا.
وتكونوا في قيامة الأموات تامّين في أجسادكم، وتَصْعَدوا إلى السماء، وتسبّحو مع الملائكة الأطهار، ويفرح الربّ خالق الكلّ بكم.
فنحن الآن نؤمن بما في الإنجيل الطاهر، ونثق بما قاله الحواريون، والآباء الأطهار المتقدّمون أنّ عند انقضاء الأزمان، التي قرّرها الآب والابن والروح القدس، قبل الأزمان والدهور، سيجيء ابن الفساد، [٥/ ٣جـ] أعني الدجّال، الذي يتعظّم على الأرض، ويُظْهِر أنّه هو إله، هذا الذي يُهْلِكه الروحُ القُدُسُ.
فإنّ جميع من بقى من البشر، بطرفة عين [؟].
وعند ذلك تسقط نجوم السماء، كمثل ورق شجر التين، وتُحوّل السماوات، معنا ذلك أنّ اللهيبدّلها ويجدّدها، بأُعجوبة، كما لم تزل عجائبه.
وكما قال الروح القدس، في المزمور: «السماوات عَمَلُ يديك تُحَوَّل، وأنتَ باقٍ، وتَبْلا كلّها، كَمِثْل ثَوْبٍ، وكَمِثْلِ رِداءٍ تَطْويها، وتَتَغيّر».
هاكذى أيضًا يقول سَمْعونُ پُطْرُسُ السَليحُ: «إنّ الأرْضَ، وما عَلَيْها، تَحْتَرِقُ».
[٦/ ٣ظ] ثُمّ قالَ: «كُونُوا مُتَحَذِّرينَ ومُتَرَقِّبينَ أمامَ مَجيء الربِّ، هذا الذي مِنْهُ تَحْتَرِقُ السماوات، وتُحَوّل، وتَكونُ سَماءٌ جَديدٌ، وأرْضٌ جَديدَ، حَسَبْ ما وَعَدَ الذي ننتضره، كمثل ذهب، أو فضّة، أو نحاس، إذا دخلوا إلى النار، فإنّها تتنقّى من الدنس، وتتجدّد».
هاكذا أيضًا السماوات، والأرض، تتجدّد، بمرّة، بأُعجوبة، في اليوم الآخر.
وتضيء السماوات كثيرًا، بتجدّدها، وتتطهّر الأرض.
عند ذلك تترجرج السماوات، من كثرة عظمة ارتفاع مجد سيّدنا يسوع المسيح، الذي لا تحتويه الأفكار، الذي يظهر به، مع الخوف المهول الذي لمجيه [٧/ ٤جـ] الباهر للكلّ.
عند ذلك تضرب الملائكة بالقرون الكثيرة، فينهز كلاً.
ومن بعد يصوّت مقدّم الملائكة بالقرن الأعظم المهول جدًا [دانيال].
عند ذلك تجتمع جنود ملائكة السماء، وهم حاملون علامة صليب ابن اللهالحيّ، وهو يضيء بالنور.
ويعلم كلّ أحد أنّ المسيح سيّدنا، الذي صُلب بإرادته، هو الربّ الآتي، الجالس عن يمين أبيه، يسوع المسيح. وليس يأتي كمثل ما كان في مجيه الأوّل، إذ هبط من السماء، بلا جسد، بلا هول، ولا إظهار عظمة، لكن باتّضاع.
ومجيه الثاني، [٨/ ٤ظ] في آخر الزمان، يأتي بجسده الطاهر المقدّس، الذي أخذه من البتول الطاهرة، وصعد به إلى السماوات، عند انبعاثه من بين الأموات، متّحد به، من غير افتراق، ولا استحالة، من وقت أخذه من البتول الطاهرة مرتمريم، هو واحد، متّحد بجسده، إلى أبد الأبدين.
فيسوع المسيح ابن اللّه، الآن، فثاني مجيه، ليس تخلو منه السماوات، وعند صعوده أيضًا، هو يملأ كلّ مكان، السماوات والأرض، هو جالس عن يمين أبيه.
وليس مجيه [الثاني] باتّضاع، كمجيه الأوّل، لكن بعلوّ لاهوته، وبعظمة [٩/ ٥جـ] وبهاء، وتمجيد، وسلطان، لا يقدر على وصفه، بقدر ملكه، مع جنوده النيّرة، التي لا يُقْدَر عَلَى وصفها واحْصائها.
وملائكته الأطهار يصوّتون، ويقولون: «قدّوس هو الآتي باسم الربّ».
ويكون بين يديه نهر من نار يمشي أمامه، كما قال دانيال في رؤياه.
ويقول أيضًا المزمور: «إنّه يأتي الربّ بإعلان. إلاهنا لا يسكت، والنار تأكل أمامه، وتحوط به رياح كثيرة».
ويقول المزمور أيضًا: «نارًا مملوءة أمامه تأكل أعدايه الحائطين به».
فمن الآن أعداء الله- سبحانه - الذين تأكلهم النار، إلاّ مَن هو ظاهر [١٠/ ٥ظ] لنا انّه إبليس وجنوده الشياطين المردة الملاعين.
فتلك النار المهولة المملوءة تأكل، في البداية، إبليس وشياطينه كلّهم، في يوم الدَيْنونة.
وعِظَمُ تلك النار تُغْرِقُ الشَياطين وآباهُم.
ثمّ منْ بَعْدُ يظهر مَجْمَعُ الپَطارِكَةِ، والأنْبياءِ، والحواريون، والشُهَداءِ، والصالِحون، ويتبادرون لاستقبال ربّنا يسوع المسيح، في مَجيه.
ويأمُرُ الخالِقُ الكُلّ، بقوّته، ويقول: «لتَقُمْ الأمْواتُ! ليَقُمْ كلُّ مَنْ فِي القُبُور!»،
كما قال اللّه، عند الخِلْقَةِ: «ليَكونَ نيّرين، ونجوم»، وكَثْرَة الخَليقَةِ.
فبإرادته كان كلّ شيء، كذلك أيضًا بإرادة ابنه [١١/ ٦جـ] ومعونة الروح القدس، يـأمُرُ الربّ المسيح ابن الله أنْ تقوم أجْسادُ البَشَرِ كلّهم، مِنْ آدم وحوّاء، إلى آخرِ ساعة.
اليوم الأخير يقومون، بطرفة عين، الرجال، والنساء، والأطفال، الذين يرضعون، وتقوم الصغار، والكبار، ويقوم مَنْ قُتِلَ بالسَيْفِ، ويقوم مَنْ ماتَ محروقًا، ومَنْ أكَلَهُ الوَحْشُ، ومَنْ ماتَ بأيّ موتة كانت، في آخر ساعة من اليوم الأخير.
وتقوم سائر أجساد البشر، ونفوسهم، بقوّة أمر الربّ، في تلك الساعة.
وتقوم نفوس الصالحين والخطأة، وترجع كلّ نفس إلى جسدها، النفس الطاهرة إلى [١٢/ ٦ظ] جسدها الطاهر، والنَفْسُ النَجِسَةُ إلى جَسَدها النجس، الذي صنعوا فيه كلّ رَذيلَةُ.
ولا يمكن أنْ تدع نفس جسدها، الذي تركته، في الأرض، وتعودُ إلى جسدِ غيره.
ولا يأخذ الرب تراب، في اليوم الآخِرِ، فَيَخْلِقُ أجساد للأموات، وينفخ في وجوههم روح الحياة، كما فعل في بداية خليقته لآدم وحوّاء.
ولكن سيّدنا يسوع المسيح ابن الله يأمُرُ أنْ تَقومُ أجساد البشر، ونفوسهم، ولا يمكن نفس أنْ تأخذ جسد غريبًا، عِوَض من جسدها الأوّل.
ولا الأطهار يدعوا عنهم أجسادهم، الذي قبلوا فيها سائر العذاب، [١٣/ ٧جـ] على اسم المسيح، ويأخذو أجسادا عوض منها، فيقبلو التمجيد فيها؛ لكن الأجساد التي احتملت العذاب هي التي تقبل التمجيد فيها.
كذلك الاتمين ليس يتركون أجسادهم الدي زنوا فيها، وهوو، وعملوا الفواحش، ويأخذوا أجساد لم تأثم، ولم تذنب، ولم تظلم، فيقبلو العذاب فيها؛ إذْ كان الله - جلّ وعزّ - أعدل من هذا.
لكن الأجساد التي أذنبت، وآثمت، هي التي تقبل العذاب، والأوصاب، مع نفوسها، في نار جهنم، التي لا تطفأ؛ فنفس كلّ واحد منّا، إمّا صالح، وإمّا آثم، تتّحد بجسدها الأوّل.
فبطرفة عين، في آخر ساعة، كمثل واحد يعرف صديقه، [١٤/ ٧ظ] بعد غيبته عنه، في غربة، وفي موضع بعيد. ثمّ من بعد زمان عاد صديقه، فلقيه، وعرفه، فاعتنقا.
كذلك الأنفس كلّها تعتنق بأجسادها، كلّ نفس بجسدها تتّحد به، في يوم الدينونة، كما كانت أوّلاً، وليس تكون من بعد الأجساد تستحيل، ولا تموت، ولا تكون باتّضاع، ولا بأعضاء ناقصة، ضعيفة، ولا مهينة، ولكن النفس والجسد يكونان بقوّة ومجد، من غير فساد.
هاكدا يؤدّبنا السليح پولس الرسول الذي يتكلّم المسيح فيه، يقول عن قيامة الأموات: «إنّها تطرح بفساد، وتقوم من غير فساد، وتطرح بائتهان، [١٥/ ٨جـ] وتقوم بمجد؛ تزرع بضعف، وتقوم بقوّة».
فما معنا قوله: «إنّها تطرح بفساد أو بضعف، أو بائتهان؟». هو أنّه إذا مات الإنسان، ودُفن في الأرض، نتّن، وتقطّع، وتبدّد، وفسد، وتلاشا، والربّ يقيمه، يوم البعث، وهو تامّ كامل، من غير فساد، ولا استحالة، ولا موت من بعد.
وإذا مات أيضًا قَوْمٌ، وهم في حال ضعف، وائتهان، ونقص في الأعضاء، أمّا يصير من عما عينيه، أو أعرجًا من رجليه، أو أفقد من يديه، أو أنّه قطع بعض أعضائه، أو يكون أبرص، أو أجذم، أو أصمّ، أو أحدب، أو قصير، أو صغيرًا [١٦/ ٨ظ] أو غير ذلك من سائر النقصان، والعاهات للاحقة بالأجساد الاوله، فإنّها إذا ماتت، وتهرّت في الأرض، فليست تقوم ناقصة للأعضاء، هاكدا كلا، لكن يقومون بمجد قوّة، كما قال السليح.
فالقوّة والمجد اللذان يقومون بهما هو هذا انهم ليس يقومون بعما الاعين، ولا بعرج الرجلين، ولا بفقد لليدين، ولا بحدب، ولا ببرص، ولا بجذام، ولا بقصر، ولا بصمم، ولا بصغر، ولا بخرص، ولا بشي من بقية العوارض للاحقة بالاجساد، في سائر أعضائه، تامّ بجسد صحيح، لا ينظرون إلى طبائع، ولا إلى شهوات، [١٧/ ٩جـ] ولا يتشبّّه لهم مثال ذكور ولا اناث، ولا الذكور تتشبه لهم أعضاء الذكور، لكنهم كمثل آدم وحوّاء، وقت كونهما في الفردوس، قبل المخالفة، فإنّهما كانا عراة، لا يحتشم بعضهم من بعض، ولا يعلمان أنّهما عراة، ولا يفكّران في أمور مرذولة.
وكانت المنحة [الحيّة ؟] تلحقهما وهي التي لبست الموت.
فإذا كان هذا قد كان قبل القيامة، في بدي الخليقة، فكم بالحرا يوم قيامة الموتا، ليس يكون هناك فكر الشهوات، بل ترتفع عن سائر الذكور والاناث، ولا تجتمع الاجساد بين الذكور والاناث، [١٨/ ٩ظ] ولا تتحرّك الأجساد، ولا يكون في الانفس فكرًا مرذول، إلى الأبد، لكن الصالحين يكونوا كمثل الملائكة إلى الأبد.
هاكذا يقول سيدنا والاهنا في إنجيله المقدّس: «في يوم الدينونة، لا يتزوّجون، ولا يزوّجون، لكنهم يكونوا كمثل ملائكة الله، في السماء».
ويقول أيضًا ربّنا والاهنا في إنجيله المقدّس: «إنّ أولاد هذا الزمان يأخذون، ويعطون، والذين استحقّوا ذلك للأبد، ويوم القيامة لا يأخذون، ولا يعطون، ولا يكن [يمكن؟] بعد أنْ يموتوا؛ لمساواتهم بالملائكة، وهم أبناء الله، وأبناء ليوم القيامة.
[١٩/ ١٠جـ] فبحق إنّه يقوم سائر أجساد البشر ونفوسهم، من هابيل أوّل مَن مات، إلى مَن يموت في آخر ساعة الدنيا.
في تلك الساعة تخرج النفوس كلّها من أماكن التي تُحْفَظ فيها أنفس الأطهار والصالحين تخرج من الفردوس، ومن مظال مقدّسة؛ وأنفس الآثمين [تخرج] من أماكن مظلمة مسجونة، وتنظم [وتنضمّ] كلّ نفس إلى جسدها المتعارف لها، فتتّحد به من غير افتراق، إلى الأبد.
ثمّ يبعث الله ملائكته، فيجمعون له قدّيسيه، من الأربعة أرياح من أقطار الأرض إلى أقطار السماء، كما يقول في إنجيله.
على هذا المنوال، [٢٠/ ١٠ظ] وعلى هذا الفكر الذي نقوله هاكذا: «إنّ كلّ إنسان مات، في مكان كان فيه: إمّا من وحش أكله، أو من سمك، أو غير ذلك، أو مَن من أحرق بالنار، فعلى أيّ حال كان، فإنّ الأجساد كلّها التي ماتت بكلّ داء، وبكلّ علّة، وكلّ سبب تحت السماء، أو من وحش، أو من سمك، مع استحالة الوحش والسمك أيضًا من على الأرض؛
فإنّ الله العارف بكلّ شيء، والحائط به علمًا، من قبل كونه، وهو العالم بكلّ موضع [٢١/ ١١جـ] تبدّدوا فيه، وكلّ مكان أوو إليه أعني أجساد البشر، أمّا في الأرض، هو العالم بها، أو في المياه، هو العالم بمكانها، أو في الهواء، هو العالم بمواضعها.
وأقول بقطعًا أنّه بأيّ موت كان يأخذ الإنسان، وأجسادهم مبدّدة في الخلق كلّه تحت السماء، من الأربعة الأرياح التي يذكرها الإنجيل المقدّس، والأربعة الاستقصات وهي: النار، والهواء، والأرض، والماء؛ أو من أربعة أركان الأرض، بل الخلق كلّه الذي تحت للسماء، فإنّ الربّ [٢٢/ ١١ظ] الآمر لجميعها بإخراج ما فيها من الأجساد، فتقوم بسرعة، وبطرفة عين.
وليس تقوم بشيء من الوحش، ولا البهائم، ولا الهوام، ولا الدواب، ولا الأسماك، في يوم القيامة، ولا يكون شيء منها؛ لأنّ نفس هذه الموصوفة دمويّة مستحيلة.
والذي يقوله الكتاب: «إنّ الخلق كلّه سيحضر دينونة الربّ»؛
ليس يعني بذلك البهائم، ولا الوحوش، ولا الهوام، ولا الطائر، ولا الأسماك؛ إذ أنّ الله يقيمها، ويطالبها بمن أكلته [٢٣/ ١٢جـ] كلّه [؟]؛ إذ كنّا قد قلنا إنّ الله الخالق هو العالم بكلّ من أكله هاولا، والإنسان وحده هو الذي يقيمه، ويحضره الدينونة؛ لأنّ الإنسان مخلوق، والوحش، والبهائم، والهوام وغيرها، ما ذُكِر، وما لم يُذكَر، على الأرض، وفي المياه، فيكون، هاكدا قال الله في التوراه: «لنخلق إنسانًا بشبهنا، ومثالنا».
وبسبب الهوام، والوحش، والبهائم، والدواب، والطير، والأسماك، لم يقل: «لنخلقها»، لكن قال: «لتخرج للأرض نفسًا حيّة من كلّ جنس، فكان كذلك».
[٢٤/ ١٢ظ] وبين الخلق الآن والتكوين ميزة، فالمكوَّن لا يحضر الدينونة، ولا يقيمه أيضًا؛ والمخلوق وحده هو الذي يحضره الحساب، وهو الإنسان، الذي يقيمه بقوّة الربّ الخالق.
فإذا كان من لا كوّن، وأراد الربّ فكان كلّ شييء بإرادته، أيضًا يقيم البشّر كلّهم، هاولاء الذين تبدّدت أجسادهم، في البريّة كلّها، يقيمهم كلّهم؛
كما قال پولس الرسول: «إنّه بدقيقة، وبطرفة عين يُضْرَبُ بالقرن، فتقوم الأموات، من غير فساد».
فيحقّ لنا الآن أنْ نعلم ما الذي قاله إنّه تتبدّل، [٢٥/ ١٣جـ] هو الآن هذا الرسول، ومَن يشبهه في فعله؟
والقدّيسون كلّّهم يبدّلون.
فالتبديل هو أنْ تتبدّل أجسادهم، فتضيء بالنور، والبهاء، كمثل الشمس، كما يقول الإنجيل المقدّس: «إنّ الصالحين يضون مثل الشمس، في مُلْك أبيهم».
ويقول في دانيال النبيّ: «إنّ الذين يفهمون، يضون كضياء الجوّ».
ويقول أيضًا الرسول: «إنّا نقوم كلّنا، وليس نبدّل كلّنا»، معنى ذلك إنّه ليس تبدّل الخطأة، في يوم الآخرة، ولا يكونو في بهاء مجد القدّيسين.
يقول الحكيم پولس [٢٦/ ١٣ظ] رسول الحقّ: «كلّ الأجساد هذا الجسد ليس هو هذا الجسد، لكن بين أجساد للناس ميزة».
معنى ذلك أنّ في يوم الدينونة، بين الأجساد الذين حفضوا الصورة التي خلقهم الله به، وصاروا كاملين في كلّ أفعالهم، في دين الارثذكسيّة، وبين غيرهم ميزة، فكذلك صارت أجسادهم مضيه، في يوم الدينونة.
ويقول أيضًا: «خلاف أجساد للبهائم»، فهل يتكلّم بسبب للبهائم التي لا تنطق؟ كلاّ! إذ كنّا قد قلنا أيضًا إنّ البهائم لا تقوم [٢٧/ ١٤جـ] أعني بسبب العالم المشبّه للبهائم الناظرة إلى الفعال للأرضيّة والشهوات البهيميّة، وعقولهم مربوطة فيها، ولانّهم [؟] ينظرون إلى الفعال للتي تعدّت ملكوت للسماء، لكن بإرادة قلوبهم وشهواتهم دفعوا نفوسهم إلى فعال الإثم، والدنس، وللأفكار، البهيميّة.
فلهذا شُبّهوا بالبهائم التي لا نطقًا فيها، ولا علم عندها.
يقول النبيّ: «لأجل أنّهم تشبّهون بالخيل الذكور المشتهية للإناث».
ويقول أيضًا: «إذا كان [٢٨/ ٤ظ] إنسان في كرامة، ولا يعرفها، فهو يشبه البهائم، ويماثلها».
قال أيضًا الرسول السليح: «إنّ خلاف أجساد الطائر».
فهل يكون الطائر في مجمع للدينونة؟ كلاّ! لكنّه أعنا بذلك الناس الدي تطير قلوبهم، وتجذبهم مثل أجنحة الطائر، من المرسا الحسن الذي للميراث الارثذكسيّ، فيمضون إلى أماكن مرذولة للهراطقة المخالفين، أمّا بسبب تمنم [؟] أو لتمجيد زائل وشيكًا يطلبونه.
فسما للناس الخارجين عن الحقّ الطائر؛ لأنّ الطائر لا مستقرّ له [٢٩/ ١٥جـ] في مكان، كذلك للناس السوء؛ فإنّهم لا يثبتون البتّة في المكان المستقيم.
فلذلك قال للنبيّ إنّه صاح صائتًا وجمع ما له يكن منهم، وتركهم في فسادهم».
يقول أيضًا: «إنّه خلاف أجساد الأسماك»، فليس الآن يتكلّم بسبب للأسماك المستحيلة إنّ بين أجسادها ميزة، إذ ليس تقوم في يوم الدينونة، لكنـّه يتكلّم بسبب للناس العائشين في المياه المالحة للتي هي أفكار القلب المرذولة، والفعال النجسة، وعبادة للأوثان، فهم غاطسون في للآثام والفعال المظلمة [٣٠/ ١٥ظ] المدلهمة، كمثل الأسماك، التي هي غاطسة، غير ظاهرة، في المياه.
كذلك الآثمون هم أيضًا غاطسون في ذنوبهم، وابليس هو المالك عليهم، كما يقول الربّ لأيّوب الصدّيق: «إنّه الملك على ما في المياه»، أعني بذلك ابليس، إنّه المالك على الآثمين.
يقول أيضًا پولس، القدّيس المستحقّ للطوبا: «إنّ أجسادًا للسماء، وأجسادًا للأرض»، يعني في هذا الموضع أجساد الصالحين للأطهار أنّهم أجساد السماء، من قِبَل فعالهم الحسنة المقبولة، وإنّ أجسادهم تكون كمثل كواكب السماء، ويصعد بالأطها إلى للسماء.
فلذلك [٣١/ ١٦جـ] يسبّح داوود النبيّ قائلاً: «إنّه يصوّت للسماء فما فوق» ا [مشطوبة] يعني بذلك أنّ الناس القديسين الذين افكروا فيما للسماء وللدينونة والأجساد التي عنيها [أو: غيّبها] للأرض يعني أجساد الآثمين النجسين الذين افكروا في فواحش للأرض فعملوا بها.
قال أيضًا رسول الحقّ: «إنّ خلاف ضوء الشمس خلاف ضوء القمر»، وبين الكواكب أيضًا ميزة في مجدها. وليس يعني بذلك هذه للشمس، ولا هذا القمر، ولا هذه الكواكب للظاهرة، لكنه يتكلّم بسبب القدّيسين للأطهار والصالحين للأبرار [٣٢/ ١٦ظ] فإنّ ليس لهم مساواة واحدة في يوم الدينونة.
لكن منهم من يضيء كمثل الشمس، على قدر فعالهم، ومنهم مَن لم يبلغ فعل هاولاء، فهم يضون بضوء كمثل القمر، ومنهم أيضًا مَن لم يقدر على بلوغ فعل هاولاء فهم يضون مثل للكواكب.
ويقول أيضًا: «وإنّ بين كواكب وكواكب ميزة في بهائه»، ومعنى ذلك أنّ كلّ واحد من الصالحين يضيء في السماء على قدر أفعاله التي أقامها، في للدنيا.
والنجوم وهي كلّها في السماء تضيء وتنوّر، كذلك الصالحين كلّهم يكونو يضون [٣٣/ ١٧جـ] في السماء في أجسادهم التي عملوا الأعمال الصالحة فيها، وصاروا كاملين بها فهولا يكونوا كمثل [+ - مجد جسد] جسد ربّنا يسوع المسيح.
كذلك يقول الحكيم رسول الحقّ پولس: «إنّا نترقّب مخلّصنا وربّنا يسوع المسيح، هذا الذي يبدّل أجساد للأطهار».
هاكدًا أيضًا يقول يوحنّا للإنجيليّ: «إنّه إذا ظهر نكون مثله».
بالملائكة يجمع القدّيسين كلّهم ويقيموهم في أجسادهم [٣٤/ ١٧ظ] للتي لا تفسد أمام الملك الإله ديّان الحقّ للخلق كلّه، كما هو مكتوب أنّه يجمع إليه القدّيسون كلّهم الذين ثبتوا ميثاقه على قرانبين».
والقرابين الآن هي الأفعال الحسنة التي فعلوها القدّيسون بأمانة.
ويقف مجمع القدّيسون ليس هم لابسوا ثيابًا، ولا كسوة نُسِجَت، لكنهم لابسوا فعالهم البهيّة التي فعلوها عند كونهم بين العالم، في هذه الدنيا، وليس يكون الآن ذهبًا، ولا فضّة، ولا ثياب، ولا شيء من هذه الفعال هناك؛ لأنّ النار المهولة التي تحرق كلّ ذلك، [٣٥/ ١٨جـ] وتحرق جميع وسخ دنس للأرض.
وكما أنّ آدم لم يكن عليه، وقت كونه في الفردوس ثيابًا، وكذلك حوّاء، لكن بهاء للربّ الذي يحفظهما، ويشملهما هاكدًا أيضًا في يوم للدينونة.
وأقوّي أيضًا قولي عندكم أنّه كما انبعث سيّدنا وللاهنا من بين الأموات، ووجدت للثياب موضوعة في المقبرة، وتجلاّ ببهائه، ونور لاهوته، فلهذا الآن طبيب نفوسنا إنّه عند قيامنا في يوم الدينونة أنّه لا قميصًا ولا كساٍا [هكذا] لكن عوض القميص كلّ واحد [٣٦/ ١٨ظ] من القدّيسين لابس دينه القيّم الصالح، وفعاله الحسنة المقبولة وللآثمون والمذنبون المدحضون يكونوا لابسين أفعالهم النجسة المدلهمة.
اسمعوا هذا، ا مَن يلبس ثياب كثيرة مختلفة للأموات أكفانًا لكن نفوسهم لا تعلم أنّ الثياب تبلا، وتتقطّع، وأجسادهم معًا.
والذين يفعلون هاكدًا أنّهم يسخطون الله.
وقد كان يحقّ عليكم أنْ تعطوا من زائد هذا الذ يذهب إلى الفساد للفقراء والمحتاجين، وهم عراة، لنجد معشر الأحبّاء رحمة يوم للدينونة.
فالقدّيسون الآن [٣٧/ ١٩جـ] يقومون في أجسادهم من غير فساد، ولا موت، وهم في طهر وبهاء، وهم يمجّدون، ويسبّحون مع الجنود للروحانيّة، التي هي ملائكة السماء، ويقف القدّيسون أمام ملك للسماء يسوع المسيح ربّنا بمسرّة، لا تُدْرَك، وجذل لا ينصرم، على رووسهم التيجان بأكاليل الحقّ، غير البالية، على قدر فعال وتعب كلّ واحدًا منهم.
كمثل ملك عليه تاج، مكلّلاً بدرر سنيّة، لا يعرف قيمتها، لكنّها كلّها تضيء بالبهاء، ويعجب منها كلّ الناظرين إليها.
هاكدا الصالحين [٣٨/ ١٩ظ] يقبلون لباس التاج من للربّ يسوع المسيح، وأكاليلهم تكون مضية، ويكون فعل كلّ واحد منهم يضيء بالنور.
وأكليل الآباء الأوائل الپطاركة تضيء بسبب استماعهم للربّ، وأمانتهم به.
وأكليل الأنبياء يضيء بالبهاء بسبب نبوّتهم المضية المنيرة.
وأكليل الحواريون والرسل الأطهار يضيء بالبهاء بسبب دعوتهم للناس إلى معرفة الله: اآب، والابن، وروح القدس، مع العذاب الذي نالهم، والأوصاب التي لحقتهم من عبدة الأصنام، بسبب سيّدنا وإلاهنا يسوع المسيح [٣٩/ ٢٠جـ] وأكاليلهم مضية بالنور والبهاء،
وأكاليل الشهداء مضية بسبب ما لقوه من أنواع العذاب وسفك دماهم في محبّة ربّنا يسوع المسيح.
فتلك الفعال هي المضية المنيرة على أكاليلهم.
وأكاليل الآباء الأساقفة تضيء بآدابهم من فمهم الطاهر، وعرفهم فجزائهم يضيء بالنور على أكاليلهم.
وأكاليل الأطهار والقدّيسين تضيء بالبهاء وبطهارتهم وحرصهم لأجسادهم يضيء على أكاليلهم.
وإكليل المقيمين في الأمانة المعترفين يضيء بالبهاء وتكون طهارتهم وثبوتهم على أمانتهم مضية على أكاليلهم.
[٤٠/ ٢٠ظ] وأكاليل الرهبان الأطهار تكون تضيء بالبهاء على أكاليلهم لأجل انعكافهم وصلواتهم، والأعمال الصالحة منهم، وسهرهم بدعاء وتسبيح، وصبرهم يضيء بالبهاء على أكاليلهم.
وإكليل الرحماء وكلّ مَن يعمل البرّ والخير يضيء وتكون رحمتهم وصلاح أعمالهم يضيء على أكاليلهم.
فمن القادر على وصف المسرّة والنعيم التي تكون الملائكة الذين في السماء كلّهم عند مشاهدتهم حسن البشر في أجسادهم يمجّدوهم معهم في السماء، يسبّحون، ويقدّسون الربّ على فعاله كلّها.
ومَن لا يتعجّب، ويسبّح، ويبارك، ويسجد لمراحم الرب [٤١/ ٢١جـ] وهو الإله ملك الكلّ الذي يكون معه مسرّة ويسر، إذا شاهدنا نحن صنع يديه نكون معه في السماوات، ونكون ملوكًا من قِبَله، إذا شاهد الربّ أكاليل النور التي من الفعال على واحد واحد سيسرّ إذا رآنا وابنه الحبيب يأتي بنا إليه هديّة وتمجيد.
سيسرّ الآب والابن وروح القدس إذا رآنا معشر البشر في ملكوت السماء أحبابًا للملائكة، وإخوانًا للمسيح، ونكون أبناء الله، ونكون ورثة القدّيسين في هذه الكرامة العظيمة الآن، لا تجوعون [٤٢/ ٢١ظ] ولا يضمون [يظمأون]، ولا يتعبون، ولا ينامون، ولا يأكلون من طعام أرضيّ، ولا يشربون، ولا يهجعون [؟]، ولا تقلق قلوبهم، ولا يشتهون شيًا من أُمور هذه الدنيا.
ولا يكون نهارًا، ولا ليلاً، ولا برد، ولا حرّ، من بعد الدينونة، ولا يكون شيًا من هذه الفعال التي نشاهدها في الدنيا.
وقد كنت بدأت في القول، في الميمر الذي قبل هذا بسبب الملائكة، وكذلك يكون الأطهار القديسين فإنّهم يكونو أقويا أحبّا بالشعاع المضيء عليهم من بعد [؟] الاهوت المقدّس، ويكونو فرحين جذلين مسرورين [٤٣/ ٢٢جـ] بربّهم، الذي يكفل حيوتهم.
ويتمّ هناك قول السليح پولس رسول الحقّ هاكدًا لنكون الربّ هو لكلّ في كلّ.
والربّ الآن يكون طعامً وشراب وشبعًا ومسرّة، وجذلاً، وقوّة، ورحة، ومنحة كاملة للأطهار كلّهم.
ألا ترى إلى شجرة مغروسة على المياه، فإنّ الماء يكون قوامها، وطعامها، وحسنها، وقوّتها، وإذا كان ذلك هاكدًا الشجرة ثابتة على المياه فكم بالحريّ الربّ القادر الماسك الكلّ بقوّة لاهوته المقدّس، كما هو مكتوب: «إنّني [٤٤/ ٢٢ظ] أُسرّ بالربّ».
فهذا الذي قلناه على قدر قوّتنا بسبب القدّيسين الأطهار كلّهم الذين يسرّ الله بهم.
فللنظر الآن إلى ما هو موضوع للآثمين والخطأة المذنبين.
قد قلنا آنفًا: في اليوم الأخير المهول يأمر الربّ مخلّصنا بآخر صوت القرن المستمع في كلّ مكان، عند مجيء سيّدنا وإلاهنا يسوع المسيح بالقوّة العالية التي لأبيه وللروح القدس.
ففي دقيقة بطرفة عين يقوم كلّ الأموات والأحياء، كما هو مكتوب: «إنّه يدين الأحياء والأموات» [٤٥/ ٢٣جـ] كمثل ملك يذهب إلى مدينته فيتلقّاه أحبّاه الحافظون لوصيّته، ويتسرّعون إليه عند مجيه، وهم لابسون فخر ثيابهم، فرحون جذلون بعلمهم بما يلقونه منه لحفظهم وصاياه وعلمهم بما يوافق رضاه،
فهاكدا هو يشبه ما يكون للصالحين وللأطهار المتّقين عند مجيء ملكهم ربّنا يسوع المسيح، في يوم لدينونة، وإنّهم يتبادرو إليه وكلّ واحدًا منهم لابس لأفعاله الحسنة المضية، ويكونو معه وهو يدين كلاً،
وهاكدًا أيضًا [٤٦/ ٢٣ظ] مثل الخطأة والعصاة المذنبين إنّه كمثل ملك وصل إلى مدينته، فإنّ المجرمين بخوف ورعدة شديدة، إذا سمعوا أنّ الملك قد جاء لعلمهم بما قدموا عليه من الجرائم، وعند ذلك تخاصمهم عقولهم، وتوجب عليهم استحقاق الموت، هو شبه الخطأة المذنبين، إذا سمعوا صوت القرن الأعظم بمجيء ملك المجد، الأكرم، ربّنا يسوع المسيح، سيكونوا قلقين هلعين، لا يعرفون لهم مهربًا، ولا ملجأً؛ لكثرة خطاياهم، وذنوبهم، التي صنعوها، فإنّ أفكارهم تؤدّبهم [٤٧/ ٢٤جـ]، وتنكر عليهم أنّهم أعداء الوصاايا للربّ.
فهاولاء الآن يكونون في أنواع من العذاب، وأليم من العقاب، الذي لا انقضا لها.
سيجيء الربّ الديان يسوع المسيح؛ ليدين الأحياء والأموات.
ويجب علينا أنْ نعلم مَن هم الأحياء، ومَن هم الأموات.
فالأحياء الآن هم الذين ذكرتهم، إنّهم القدّيسون والصحالحون الذين أصغدا [سيك] إليه قرابينًا حيّة مقدّسة مستحقّة، وهي الفعال التي أقاموها عند مقامهم في الدنيا.
والأموات الذين نقول إنّه يدينهم هو المذنبون الاثمون [٤٨/ ٢٤ظ] كلّهم، هاولا الذين أقاموا زمانهم كلّه في فعال منتّنة مرذولة نجسة، منتّنة بالإثم الذي يفعلونه.
فلنرجع الآن فنتأمّل المعنا الآخر لنفس هذا الكلام: «إنّه يأتي ليدين الأحياء والأموات»، ففي ذلك دعاء لنفس الناس كلّهم وليس الأنفس الخارجة من الأجساد تموت البتّة، ولا تقبل الفساد، ولا الاستحالة إلى الأبد؛ لأنّها ليست رياح، لكنّها غير مائتة، بل هي ناطقة عالمة، والأموات الذين عينهم [عنيهم] هي الأجساد [* الـ] الناس كلّهم التي يدينها من بعد المَحْق والتبدّدفي الأرض، والماء والنار، والهواء، فقبل يوم القيامة [٤٩/ ٢٥جـ]، وفي ذلك اليوم يقيمهم الله كلّهم بأمره القاهر، القادر، وكذلك الذين يبقون إلى آخر ساعة من الدينا.
ويقوم كلّ من هابيل أوّل مَن مات، وإلى آخر مَن يؤمن مَن انفسد جسده، في التراب ، وغير التراب، بطول الأزمان، ويقوم الأوّل والآخر معًا، في وقت بطرفة عين، من مشارق الأرض إلى مغاربها، ومن شمالها إلى جنوبها. وتنتظم كلّ نفس إلى جسدها، من غير افتراق، ولا استحالة، كما قال سيّدنا وربّنا، في إنجيله المقدّس، كذلك يكون في آخر [٥٠/ ٢٥ظ] الأزمان يبعث ابن البشر ملائكته ليجمعوا كلّ المرذولين، وفاعلي الخطيه، فيجعلوا في أتون النار مكان البكاء وصرير الأسنان.
ففي هذا المكان يسمّي مجيه الثاني، في يوم الدينونة ملكوته، والمرذولين الذين يسمّيهم، ويعني أنّ ملائكته تجمعهم في ملكه هم محبوا الفرقة بين الناس، الذين ينمّون، ويطرحون الشرّ من [؟] بينهم، ويفرّقون بين الجموع في الأمانة المستقيمة.
هاولاء الذين يجمعهم في ملكه، يوم الدينونة، ويجعلون في النار التي لا تطفا.
هأكدا [٥١/ ٢٦جـ] يقول أيضًا في الإنجيل المقدّس إنّ الملك يقول، في ذلك اليوم، للقاسين القلوب: «اخرجوا عنّي، يا ملاعين، إلى النار الأبديّة المعدّة لابليس وجنوده».
والذي لا يجد عليه كسوة وليمة العرس يخرجهم إلى الظلمة القصوا مكان البكاء وثرير الأسنان.
فكسوة وليمة العرس الآن هي الدين المستقيم، والذين لا يوجدوا لابسيه ، في اليوم الأخير، كما يقول في الإنجيل المقدس، إنّ الملك يقول للخدّام وهم الملائكة، بسبب مَن لم يوجد عليهم [+ - عليه] ثياب ولييمة العرس [٥٢/ ٢٦ظ] أوثقوا هذا بيديه ورجليه، واجعلوه خارجًا، مكان الظلمة القصوا، وصرير الأسنان، والبكاء.
يقول أيضًا ربّنا: «اجمعوا الزوان، واحزموه حزمًا، واحرقوه بالنار».
فهل يجمع الله، في الأرض، الزوان، ويحرق بالنار كلا، إذ ليس هذا معنا الكلام، لكن الزوان اليذ يعنيهم الهراطقة المخالفون.
وكما أنّ الزوان ينبت، ويصعد من الأرض مع الحنطة، ويوجد سنبل الزوان طويلاً يساوي البزور ويشابهها، وليس بتحقيق؛ لأنّ ليس في سنبل الزوان ثمرة محيية للناس، [٥٣/ ٢٧جـ] بل ظارة لهم إذا أكلوا منها.
هاكدا أيضًا الهراطقة المخالفون، وإن كان عندهم التشبّه بخيريّة المسيحيين؛ فإنّهم جاحدون القوّة، كما قال السليح رسول الحقّ: «فالناس الآن الذين [- + مذهبهم] ومقالتهم مرذولة يحزمون حزمًا، ويحرقون بالنار»، ومعنا ذلك أنْ يحرقوا إلى الأبد.
يقول أيضًا ربنا والاهنا بسبب العبد السكّير إنّه يحضر سيّد ذلك العبد، في اليوم الذي لا يعرفه، وفي الساعة التي لا يتوقّعها، فيشقّه، ويجعله اثنين، ويكون نصيبه مع المرائين، مكان [٥٤/ ٢٧ظ] يكون البكاء وصرير الأسنان».
فيحقّ علينا أنْ نعرف ما هو الشقّ من وسطه، هل يشقّ جسمه؟ كلاّ، لكن الذي يعنيه هو هذا أنْ يفرقه من نعمة روح القدس، الذي قبله في المعموديّة، ومعنا القول أنّه يجعل نصيبه مع المرائين؛ لأنّ المرائين الآن هم الهراطقة المخالفين القايلين برياهم إنّهم، على ما في الكُتُب، وليس يؤمنون بقصد الحقّ، لكن على أفكار قلوبهم المرذولة، ويبدّلون الكلام الإلهيّ الذي في الكُتُب المقدّسة، وينزلوا الأمر فيها على شهوات نفوسهم، وقلوبهم.
يقول أيضًا [٥٥/ ٢٨جـ] بسبب العبد الذي لم يدفع الفضّة إلى أصحاب الموائد: «خذوا منه الكيس، وادفعوه إلى صاحب العشرة الأمناء. فمن كان له سيعطا أيضًا، ويفضل معه، ومَن ليس له سيؤخذ ما يكون معه. وذلك العبد سيُجْعَل في مكان الظلمة الخارجة، حيث يكون البكاء، وصرير الأسنان».
فيحقّ علينا أنْ نعرف مَن هو المرذول، وما هي الفضّة التي لم يعطها لأصحاب الموائد، وما هو المن الذي أُخِذ منه، وأُعطى لصاحب العشرة.
فالعبد المرذول هو اسقف مدحوض، أو قسّ، أو شمّاس [٥٦/ ٢٨ظ] الذين استحقّوا موهبة روح القدس، من الله - سبحانه، ولم يصنعوا الرب، لكنّهم جلسوا بكسل، لا يعملون بأوامر الربّ، والفضّة التي هي الوصايا التي لم يوصوا بها الشعب؛ لينجوا في يوم الدينونة.
فالرب يدع من يأخذ المن من هو هاكدي، وهي المنحة التي أعطاهم إيّاها، ويخرجهم إلى الظلمة القصوا، هاكدي يقول رسول الحق پولس السليح: «إنّه إذا أذنبنا بإرادتنا من بعد معرفتنا للحقّ، لم يبقَ الآن قربان، بسبب الخطيه، لكن انتظار الدينونة مهولة، ومن النار تحرق وتأكل [٥٧/ ٢٩جـ] مضادديه».
فمن لا يجزع إذا سمع هذا الوعيد، ويرتعد بخوف شديد، ومَن فيه اذنا فكرًا لله، لا يبكي، وينتحب، ويدع قلبه يبكي هاهنا من قبل الموت. وما الظنّ تتيك النيران في جهنم هي مائة سنة أو ألف عام، لكن العذاب أبديّ سرمديّ.
كما قال الإنجيل المقدّس: «إنّ هاولاي يمضوا إلى عذاب أبديًا، والصالحين إلى حياة خالدة أبديّة».
يقول ؤشعيا النبيّ أيضًا هأكدا: «إنّ دودهم لا يموت، ولا يهدا، ونارهم لا تنصرم، ولا يطفا».
[٥٨/ ٢٩ظ] فتلك النار تسما جهنّم، التي لا تطفا، لكنّها تغلي غليانًا، في كلّ وقت، وفي كلّ زمانًا، لا تفننا نيرانها.
ولعلّ قائل يقول إنّ كيف يقدر انسانًا أنْ يعيش إلى الأبد في تلك النار، لِمَ لا يستحيل؟
فليعلم المعيب أنّ الله الذي له القدرة في كلّ أمر بهذا أنْ لا تستحيل الأجساد، ولا النفوس، في النيران، إلى الأبد، لأنّه مقيم من غير استحالة، لئلاّ يستحيل الجسد والنفس في النار.
ولهذا أضرب لك مثلاً: نحن نشاهد القدر المملوه بالماء، في مستوقد [٥٩/ ٣٠جـ] الحمّام يوقد تحتها ليل ونهار بالنيران، فلا تستحيل، ولا تنفسد، على أنّ طبيعة الرصاص إذا قرب من النار ذاب واستحال، لكن القدر ما دامت مملوه بالماء فليس تستحيل، ولا تذوب البتّة، وإنّ دام الوقيد تحتها.
هاكدي أنزل الأمر على معنا النفس والجسد بمعنا الماء في القدر، ومعنا القدور تركه على الجسد.
فعلى هذا المعنا تكون نفوس الآثمين وأجسادهم في النار، التي لا تطفا إلى الأبد، من غير استحالة للأجساد، ولا النفوس.
ونرجع أيضًا [٦٠/ ٣٠ظ] أنّه عندما تكون القماقم النحاس والفخّار مملوهً من الماء، ويوقد تحتها بالنار، فإنّها لا تستحيل ولا تفنا.
كذلك الآثمون في كلّ وقت هم في النار خالدين، لا ينفسدون، ولا يستحيلون.
وكما أنّ القدّيسين والصالحين هم في ملكوت السماء ملوكًا مع السيّد المسيح خالقهم، في أجسادهم إلى الأبد، هاكدي الآثمون يكونون في جهنّم بأجسادهم خالدين إلى الأبد؛ لأنّهم خالفوا أوامر الربّ، وأفسدوا وصاياه.
وليس جهنّم للمذنبين الخطأة [٦١/ ٣١جـ] واحدة بمساواة لهم، لكن بين ذلك تباين، على أنّهم كلّهم قد بعدوا عن ملكوت الربّ. لكن بين نيرانهم ميزة: فمنهم مَن ينزل قعر جهنّم كما قال الربّ: «إنّ مَن قال لأخيه: "يا جنن"، يستحقّ قعر جنّهم».
فلا تظنّ أنّ اسماعك لصديقك هو شيء حقير ، لا تفكّر فيه، أو هو كلام حقير، أو سماع يسير، إذا قلت: «يا جنن». أتريد أنْ تعلم أنّ ليس هو كلام حقير، أو لا خفيف؟ أنا أعلمك ثقله والجزاء عليه.
فالذي يقول لأخيه: «يا جنن»، يعني بذلك أيْ أنّه بعد [٦٢/ ٣١ظ] من منحه الله، أيْ أنّك بعدت من مجد الإله، كمثل البهيمة، أو فرس جموح شرود آبق يهربان من أربابهما، ولا ينعطفا، ولا يتألّفا. فإنّ هذا يسما جنن.
كذلك مَن يقول لمؤمن مسيحيّ، هذا الذي صار أخًا للمسيح من قبل الأمانة والمعموديّة: «يا جنن»، لم يشبهه بالبهائم الشرودة، يعني أنّه هرب من ربّه المسيح، وصار بعيدًا منه.
فهل ترا يجعل مَن قال هذا لصاحبه في قعر جهنّم، أوْ لا يقول أيضًا إنّه إذا نضرت عينك للمناضر شهوةً [٦٣/ ٣٢جـ] فاقلعها، وأبعدها منك، فحسن أنْ تفسد عضوًا من جسمك خيرًا من أنْ تنزل جسدك قعر جهنّم. كذلك يقول أيضًا عن اليد اليمنا.
أتظنّ أنّه أمرنا أنْ تقطع عنا أعضاينا؟ كلاّ! لكن العين التي قالها يعنيها أنْ نقلع ونطرح هي الشهوة المرذولة يرد أنْ نقلعها من عيون قلوبنا. واليد اليمنا التي يعنيها هو أنْ نقطع عنّا الغضب والظلم، وليس يعني هذا وحده، لكنه يأمرنا أنّه إذا كان لنا أخ، أو صديق، يحسن لنا [٦٤/ ٣٢ظ] ذميم فعالنا، وهو مثل أعيننا، أو أيدينا، ويشوّقنا إلى امورًا داعية للإثم، وإلى ما يسخط الله، أو يشوّقنا إلى نقالات ومذاهب، أعني هاولايك الإخوة والأصدقاء المرذولين في سيرتهم وفعالهم.
فيحقّ علينا أنْ نستأصل ذكرهم من قلوبنا، ونمحا الفكر بهم من أبصارنا؛ لأنّهم ارديا لنا؛ لئلاّ نترك جسدنا كلّه. معنا ذلك نحن وهم إلى قعر جهنّم.
ومن الآثمين أيضًا قومًا يبعث بهم إلى نارًا مخالفة، ومنهم مَن يُبْعَث [٦٥/ ٣٣جـ] بهم إلى الظلمة القاصية، ومنهم إلى النار المعدّة لابليس وجنوده.
فليس بارذل من تبك [؟] النار، فهناك أنواع العذاب لا يحصا، ولا يمكن ذكر جميعه.
وبين جهنّم ميزة لمن يُعَذَّب فيها، وإنْ أردت أنْ تطيّب قلبك، أنا أضرب لك مثلاً على مَن يُعَذَّب في جهنّم: إنّه كمثل أتون نار يوقَد فيها بحطب، فالحطب الذي يُتْرَك فيها، وفي وسطها، يجوز أنْ يحترق بأسره، ومنهم مثل ما يكون نصفه يُتْرَك فيها، وليس يجري مجرا ما تُرِك جميعه، في وسطها [٦٦/ ٣٣ظ] فيحوط به النار من كلّ جانب، ومن الحطب أيضًا ما تُجْعَل أطرافه في النار، فإنّه لا يجري مجرى الأوّل، ولا الثاني، ووقوع الفعل على الكلّ أنّه في أتون النار، وبين ذلك ميزة، وتباين،
فبين ما جميعه في النار، وبين ما وسطه فيها ميزة، وبين ما وسطه في النار، وبين ما أطرافه فيها ميزة. كذلك ليكن ظنّك بمن هو في النار، وفي جهنّم.
وانظر أيضًا إلى قومًا أعلاّء بالحما [بالحمّى]، فمنهم مَن حماته صلبة شديدة صعبة، ومنهم من هو متوسّط، ومنهم مَن هو دون ذلك [٦٧/ ٣٤جـ] وعليه الحما جامعة لهم، وربّما كان مع الحما لكلّ واحدًا منهم علّة تخالف علّة صاحبه.
فلتفكّر في مَن هو في جهنّم هاكدي، فعلى قدر ثقل ذنوب كلّ إنسان يكون عذابه، إلى الأبد.
فبين جهنّم الملاعين، وعبدة الأوثان، وبين [+* ا] جهنّم الهراطقة والمخالفين ميزة، وبين جهنّم مَن يتحرّز في كثير فيوم [فيقوم] بذنب وبين مَن يذنب في كثير ميزة. وبين جهنّم القاتولين، وجهنّم الفسقة ميزة، وكذلك جهنّم الزناة بينها وبين جهنّم مَن أقام عمره في الشرب [٦٨/ ٣٤ظ] والتنعّم الزائل، وهم يسخطون الربّ، وماتوا في فعلهم ميزة، وهم يعذّبون في جهنّم إلى الأبد، والفايزون يسرّون الله.
نحن صنعة يديه يرانا أنّا قد فزنا إلى السماء معه، ويغضب على الذين أسخطوه بفعالهم، التي تمسّكوا بها، ولم يتوبوا إليه البتّة، لكنّهم جلسوا يسخطونه.
فلذلك يقول النبيّ: «الذي إذا نظر إلى السماء، ارتعدت أمامه.
فمنهم الآثمون الذين أقاموا زمانهم كلّّه في آثامهم، ونجّس الأرض، ولم يريدوا فعال الربّ، بسبب فعالهم المرذولة، فإنّ الربّ [٦٩/ ٣٥جـ] يدعهم يرتعدون في جهنّم.
قال النبيّ: «الذي إذا نظر إلى الجبال تركها كالدخّان».
فإنْ سمعت هذا، فلا تظنّ أنّه يعني الجبال الحجارة، التي على الأرض، لكنّه يتكلّم بسبب الجبال المظلمة، وهو ابليس وجنوده فهاولاء الذين يجعلهم الله كالدخّان في النار، التي لا تطفا يوم الدينونة.
وفي هذا الموضع أيضًا سما الملوك الملاعين والجبابرة الآثمين الذين كانوا في التعظيم والأمر الجسيم، أيْ الجبال المظلمة؛ لأنّ هاولايك كانوا متعظّمين على الأرض، آخذين بالوجوه [٧٠/ ٣٥ظ] كمثل الجبال العالية على الأرض كلّها.
فاولايك الملوك الذين كانوا هم جبال الخطيه يخوّفون الناس، ويدعونهم إلى جحود [+* دلك] الربّ.
فلهذا قال الله أنْ يكونوا دخّانًا في النار التي لا تطفا يوم الدينونة.
أتريد أنْ تعرف أسماء الجبال العالية في الخطيه
رجيعام ابن عبده ملك إسرائيل هو جبال الخطيه، وكلّ مَن يشبهه
يوليانوس الجاحد الكافر هو أيضًا جبل الخطيه.
ديقلاطيانوس الكافر هو جبل الخطيه، وكلّ مَن يشبهه [٧١/ ٣٦جـ] بسبب خطاياهم وأعمالهم السوء التي صنعوها.
فالربّ يدفعهم إلى النار التي لا تطفا، ويجعلهم كالدخّان فيها، مع ابليس وجنوده، إلى الأبد.
وهذه النار التي يجعل فيها هاولاء ومَن يشبههم، ويجري في العتو والطغيان مجراهم ليس فيها نورًا لكن ظلمة مدلهّمة.
وفي هذا أيضًا سما الأساقفة الملاعين أطوارًا وجبالاً؛ لأنّهم علوا على الشعب كلّه، كمثل الجبال العالية على الأرض كلّها، وبسبب كلامهم الكاذب الذي يوديون [يؤذون] به [٧٢/ ٣٦ظ] أولاد البشر، هم يفسدون نفوسهم، ويضلّونهم، ولأعمالهم المرذولة وآدابهم المفسودة يدفعهم الله إلى جهنّم، في النار خالدين إلى الأبد، ويخرج من أفواههم الدخّان.
فقد قلنا الآن وذكرنا الجبال والأطوار النجسة الخاطيه، التي ينظر الربّ إليها، فتصير دخّانًا في جهنّم، وهو ابليس وجنوده، وديقليظيانوس ومَن يشبهه من الملوك الملاعين والجبابرة العاتيين، والأساقفة، والقسّيسيين المخالفين في الأمانة.
وهناك أيضًا أطوارًا مقدّسة طاهرة، كما قال داوود النبيّ في المزمور.
إنّ [٧٣/ ٣٧جـ] الأطوار تهلك، أمام وجه الربّ؛ لأنّه يأتي فيدين الأرض.
فهاولا الأطوار التي يعنيها الآن أنّها تتهلّل أمام وجه الربّ، عند اتيانه ليدين الأرض، هم الأنبياء، والحواريون، والرسل، ومؤدّبو الكنيسة الأطهار، هم الذين يهلّلون في المجيء الثاني للدينونة.
فلذلك يقول حزقيال النبيّ: «إنّني أحكم بين كبش وكبش، وبين كبش وحمل».
فإنْ سمعت مثل هذا، فلا تظنّ بالله أنّّه يحكم بين الكباش، الدي لا نطق لها، ولا علم عندها، كلاّ! لأنّه - سبحانه اعنا [٧٤/ ٣٧ظ] بالكباش التي ذكرها، على فم نبيه، أنّهم الناس العلمانيون الذين يدينهم، مع أصحابهم.
يقيم الله هابيل، الذي صار حملاً طاهرًا، من قِبَل أفعاله، وأفعال أخيه، هذا الذي صار كبشًا ملعونًا، بأفعاله الملعونة، وينكر على قائين كيف لم يكن قدّيسًا مثل هابيل أخيه.
ويقيم إبراهيم ولوط الدين صاروا كاملين طاهرين بفعالهم الحسنة، مع أهل سادوم وغامورا، ويقول لهم: «كيف لم تكونوا صدّيقين مثل إبراهيم ولوط، الدين كانا ساكنين بين أظهركم، في الأرض.
ويقيم يعقوب هذا الذي صار حملاً طاهرًا [٧٥/ ٣٨جـ] بفعاله المستحسنة، ويقيم العيص أخاه، الذي صار كبشأ مدحوضًا ، وينكر عليه إذ لم يعجبه مثل يعقوب أخيه من أُمّه وأبيه.
يقول أيضًا: «إنّه يحكم بين كبش وكبش».
فالكباش، على ظاهر الأمر، هم الأقوياء، وهم أرفع من النعاج؛ لأنّك تجد قرون الكباش مباينة لقرون النعاج.
كذلك أيضًا ملوك الأرض هم في العزّ اعلا من الناس كلّهم؛ فهم الذين يعنيهم أنّه «يحكم بين كبش وكبش».
ويقيم داوود الحمل الطاهر، هذا الذي صار ملكًا قدّيسًا، ويقيم شاوول [٧٦/ ٣٨ظ]، الذي صار كبشًا ملعونًا، وملكًا فاجرًا، وإنّ الله لينكر على شاوول، ويقول له إنّ كيف لم يكن صدّيقًا مثل داوود، وحفظ وصايا الربّ، وصار ساجدًا له، وممجّدًا لاسمه المقدّس، ليلاً ونهارًا، وأدّب الشعب، الذي هو مَلَك عليه، ليسبّح، ويسجد لله. ووقع شاوول في يديه مرارًا كثيرة، فلم يقتله، لكنّه تركه لله. وشاوول حاد عن سبيل الله المستقيمة، ولم يحفظ وصايا الربّ، بل قتل كهنته، وطرد داوود، وحاول قتله.
ويقيم أيضًا آحاز [٧٧/ ٣٩جـ]؛ لأنّه ترك عنه ربّه، الذي خلقه، وصنع أصنام للشياطين، وأقامهم، وعبدهم كمثل آلهة، ونجّس هيكل الربّ بالأصنام، وترك الشعب كلّه، الذي هو ملك عليهم، يعبدون الأصنام مثله. وهشّم ابنه حزقيا الأصنام التي أقامها أبوه، وفتح أبواب هيكل الربّ، وترك الشعب، الذي هو ملك عليهم يعبدون الربّ، بمسرّة، ورفضوا بالأصنام.
ويدين الله أيضًا رجبعام [رحبعام] ابن عبد، وآحاب، وكلّ مَن هو مثلهما، الكباش الملاعين، الذين تركوا الله، وصنعوا لهم آلهة، عجاجيل [جمع: عجل] وأصنامًا كثيرة، وأقاموها، وعبدوها، [٧٨/ ٣٩ظ]، إنّها عندهم آلهة.
تركوا عشرة الأسباط التي لإسرائيل الداخلة في ملكهم، أنْ يتركو عنهم عبادة الله، ويعبدوا الشياطين.
فالربّ الآن يحكم بين هاولا الكباش الملاعين، وبين يوسيا الحمل الطاهر؛لأنّ هاولايك تركو الله عنهم، ويوسيا عمل الصلاح، أمام الربّ، وهشّم الأصنام التي أقاموها، وأحرقها بالنار. وترك الشعب كلّه، الذي هو ملك عليهم أنْ يخافوا من الربّ ويعبدوه، بكله قلوبهم، بحقّ ومسرّة.
فالله القادر يدين كلّ جيل الملوك الملاعين، مع شعوبهم الملاعين [٧٩/ ٤٠جـ]، الذين تركوا الله عنهم، ورفضوا بوصاياه، ويدفعهم إلى جهنّم، إلى الأبد. والملوك الصالحين، وشعوبهم الأطهار معهم، يدفعهم إلى الملكوت الأبديّة.
ويحكم الربّ بين الأنبياء الصادقين وبين الأنبياء الكاذبين؛ لأنّ الأنبياء الصادقين تنبوا صدقًا باسمه، وخاصموا كلّ أحد؛ لكي يحفضوا سبل الربّ. والأنبياء الكذبة تنبوا بالكذب، وضلّوا أُناسًا كثيرة عن السبل المستقيم [سيك). وأنبياء الحقّ يكونا [سيك] بكرامة في الملكوت، والأنبياء الكذبة يكونون بمهانة في جهنّم خالدين.
ويحكم الربّ أيضًا بين الحواريين [٨٠/ ٤٠ظ] الاثني عشر القدّيسين، وبين الاثني عشر سبط إسرائيل.
كذلك يقول الربّ: «إنّه عند جلوس ابن البشر على كرسي مجده، سيجلسكم أنتم أيضًا على اثني عشر كرسيًا؛ لتدينوا اثني عشر سبط إسرائيل».
فإنْ سمعتم هذا فلا تظّنوا أنّ الحواريين يجلسوا على كراسي من خشب، أو كراسي من حجارة، أو من ذهب، أو من فضّة، أو غير ذلك، لا يكون ذلك في المجيء الثاني الذي لربّنا يسوع المسيح، ولا يجلس أحدًا مع ابن الله، إلاّ الآب وروح القدس.
فأمّا أهل السماوات والأرض، ومن هو في التخوم [٨١/ ٤١جـ] السافلة سيركعون، ويسجدون للثالوث المقدّس.
فالكراسي التي اعنا بجلوس الحواريين عليها هي أنْ يكونوا في مجدًا يفوق العقول بكرامة من مجد ابن الله، في يوم الدينونة، ويقيمون في هذا المجد، وفي هذه الكرامة، إلى الأبد، إذ ليس في سائر [+ ويكشط الاجساد؟] القدّيسين، ولا الصالحين من هو أقرب إلى الله من الحواريين الأطهار، وكذلك مَن يشبههم، ويعمل علم قوله لهم: «إنّكم تدينو اثني عشر سبط إسرائيل»، لكرامتهم.
كما قال عن أهل نينوا: «إنّهم يقومون، فيدينون هذا الجيل»، يعني بني إسرائيل العتاة، الذين لم يقبلوه [٨١ب/ ٤١ظ]، بل رفضوا به، وصلبوه.
فواحد هو الآن الديّان، وهو الابن الوحيد، باتّحادًا من الله، ومن الروح القدس، كما يقول پولس السليح رسول الحقّ.
وهأكدا أيضًا يقول ربّنا: «إنّ الآب لا يدين أحد، لكنّ القضاء كلّه أعطاه للابن».
وقوله أيضًا للحواريين: «إنّكم تدينون الاثني عشر سبط»، هو هاكدًا، أيْ أنّهم من جنس إسرائيل، وأنّهم كانوا قومًا فقراء، ليس لهم ذلك الجدل، ولا ذلك اللسان المنطلق، فآمنوا بالمخلّص المسيح، وأحبّوه، بكلّ قلوبهم، وبأعمالهم الصالحة، أعادوا العالَم من عبادة الأصنام إلى نور الإيمان [٨٢/ ٤٢جـ] بالله ومعرفته، وإلى الأعمال الصالحة.
واليهود الذين كانوا معلّمي الناموس، ويدرسون كُتُب الأنبياء، في كلّ السبوت، فلم يقنعهم تركهم الأمانة بالمسيح، على ما في كُتُبهم، لكنّهم تغتوا [؟] على صلبه على خشبة، وقتله.
فلهذا قال ربّنا المسيح لليهود الملاعين: إنّ الحواريين يدينونهم، معنى ذلك أنّهم آمنوا بي، وأنتم جحدتموني، وهو أحبّوني، وصنعوا مسرّتي، فلذلك اليهود يذهبون إلى جهنّم، المكان الذي فيه ابليس وجنوده، إلى الأبد.
ويدين الله أيضًا الملوك المسيحيين، ويحكم بين مَن صنع فيهم أوامره، وحفظ وصاياه [٨٣/ ٤٢ظ]، وبين مَن رفض بذلك، وتركه عنه متمّم.
ويحكم الربّ أيضًا بين الأساقفة الملاعين، الذين رعوا قطيع المسيح، بظلم، ولم يعلّموهم إنهاج السبل الصالحة، وبين مَن حفظ أوامر الربّ، وعلّم الشعب حفظ وصاياه، وعمل بطاعته، في يوم الدين، وينكروا على مَن خالف ولم يحفظ.
وكذلك يحكم بين الكهنة السوء، وبين الكهنة الصالحين.
ويحكم أيضًا على الرهبان السوء، الذين نجّسوا أجسادهم بالزنا، وتفرّغوا لعمل الأعمال الزائلة، ومالوا إلى السُكْر، وكسلوا عن عبادتهم، وينكر على هاولاء من قِبَل الرهبان الأخيار [٨٤/ ٤٣جـ] الأطهار، الذين تموا عبادتهم بطهارة، وعبادة كثيرة، تامّين في كلّ فعالهم.
والذين قلناه للآن إنّما هو عن ما قيل: «إنّه يحكم بين كبش وحمل، وبين كبش وتيس».
ويجب أنْ نقول أيضًا ما قيل: «إنّه يحكم بين كباش وكباش».
معنى ذلك أنّه يدين من العلمانيين والنساء من مَن مات، وهو في أنواع كثيرة من الآثام.
فمنهم مَن مات، وليس فيه رحمة، ومنهم مَن مات في زناه، ومنهم مَن مات في فسقه، ومنهم مَن مات في نميمته، ومنهم مَن مات وهو نجس، في مضاجعتهم للذكور، ومنهم [٨٥/ ٤٣ظ] القتلة، ومنهم السرّاق، ومنهم مَن مات في ظلمة وغشمة، ومنهم مَن يغتاب صاحبه، ويبغض بعضهم بعضًا، وليس فيهم رحمة.
وأقول بحقّ، وأقطع أنّ الله يدين الخاطئين كلّهم، من قِبَل الصالحين، ومن قِبَل الرحماء الصدّيقين، ومَن حفظ جسده بالطهارة، وعمل الأعمال الصالحة.
فلهذا الصالحون والقدّيسون هم بنو الله، كما قال الإنجيل المقدّس، وإنّهم سيسبّحون بتسبحة الظفر مع جنود السماء كلّهم.
عند ذلك يُدْخِل المسيح، ينبوع الحياة، الصالحين كلّهم هديّةً لأبيه، ويرثون ملكوت الله [٨٦/ ٤٤جـ]، بمعنا أنّهم بنوه، وكلّ واحدًا نهم يكون في مجده كمقدار فعاله الحسنة، وأعماله البهيّة.
والخطأة والأثمة المذنبون يكونون في أسافل جهنّم، إلى الأبد، كما هو مكتوب في الإنجيل المقدّس: «إنّ اثنين يكونان في الحقل، فواحد يؤخَذ، وآخر يُتْرَك».
فواجب علينا أنْ نعرف من هم هذان الاثنان اللذان اعناهما الإنجيل الطاهر: إنّهما في مكانًا واحد، فيؤخَذ أحدهما، ويُتْرَك الآخر.
فالحقل هي الدنيا، والاثنان اللذان فيه فهما رتبتا الإنسانيّة، وإنّ إحدى الرتبتين الصالحين كلّهم، والأخرى هم الخطأة [٨٧/ ٤٤ظ] كلّهم.
والمكان الذي يؤخَذ نعلم ذلك من قول الإنجيل المقدّس للأطهار، الذين يُصْعَد بهم إلى السماء، وإنّهم إحدى الرتبتين.
والمذنبون فهم الرتبة الاخر الذين يتركونهم في جهنّم إلى الأبد.
يقول روح القدس في داوود [+ - مزمور RM6] النبيّ هاكدى: «إنّ الله ليعلي الجزائر».
معنا أنّه يمضي بالقدّيسين إلى السماء، وينكّس الخاطئين إلى أسافل الأرض. معنا ذلك أنّه يدخل الآثمين جهنّم، يكونون فيها خالدين.
يقول أيضًا سيّدنا والاهنا يسوع المسيح في إنجيله المقدّس: «إنّ اثنين على سريرًا واحد [٨٨/ ٤٥جـ]، فواحد يؤخَذ، وآخر يُتْرَك».
ولم يقول ذلك بسبب الدكك والأسرّة، التي ترقد الناس عليها، لكنّه - سبحانه - اعنا بذلك الأغنياء، والسرير فهو الغنا، والاثنان اللذان هما على السرير، الواحد فهما غنيّان يكونان في مدينة واحدة، وقرية واحدة، يكون أحدهما حنون رحيم، يفرّق على الضعفاء، ويعطي الفقراء، ويحفظ وصايا الربّ، ويعمل بها، وإنّ في يوم الدينونة سيؤخَذ، معنا ذلك إنّ الله يدخله إلى الملوك.
والآخر إذا كان لا رحمة فيه ولا خيرًا [٨٩/ ٤٥ظ] عنده، بل يكون ظلومًا غشومًا جامعًا للأموال على الأموال، فهو مذنب كتير الخطايا، سيُتْرَك، كما قال، معنا ذلك أنّه يُتْرَك في يوم الدينونة، في جهنّم، إلى الأبد خالدًا.
يقول أيضًا ربّنا في إنجيله المقدّس: «إنّ اتنين تطحنان في طاحونة واحدة، فواحدة تؤخَذ، واخر تُتْرَك».
معنا ذلك أنّ الطاحون هو الفقر؛ لأنّ الفقراء هم طول أعمارهم يطحنون، فإذا كان فيهم قوم يخافون الربّ، ويشكرونه، من كلّ قلوبهم، على فقرهم، ويحفظون أجسادهم من دنس الزنا، ويبتهلون إلى الله، على قدر طاقتهم [٩٠/ ٤٦جـ]، فهذا الفقير الواحد يدخلهم يوم الدينونة إلى ملكوت السماء، كما هو مكتوب: «إنّ واحدة تؤخَذ»، وهم الفقراء الرحماء الشاكرون الصالحون، الصابرون على فقرهم، بشكرهم عليه لربـّهم.
والواحدة الأُخرى الدي ذكر أنّها تُتْرَك، فيجب علينا أنْ نعرف من هي التي تُتْرَك، وفي أيّ مكان تُتْرَك؟ الذي يقوله هو هاكدًا: «إنّه إذا كان قومًا من الفقراء لا يشكرون الربّ على فقرهم، بل يكونوا زناة، ولا يبتهلون إلى الله بقوّتهم، فإنّ هذه الفرقة من الفقراء يتركها الله في جهنّم [٩١/ ٤٦ظ؛ هذه الصفة ملصوق عليها carta velina ولكنّها مقروءة] خالدة إلى أبد الأبدين، في يوم الدينونة، كما هو مكتوب: «إنّ واحدة تُتْرَك».
لكن هناك قومًا يقولون: «إنّ كيف إذا أذنب الإنسان زمانًا قريبًا يُتْرَك في جهنّم إلى الأبد؟ وإنّ كيف يكون هذا حكم حقّ، ودينونة عدل؟».
فنحن الآن نجيب هاولا القائلين لهذا القول المغشّ للحقّ: إنّ ابليس الذي أضلّ آدم وحوّاء هو أيضًا الذي أضلّكم، وأعطاكم قساوة هذه القلوب؛ حتّى لا تؤمنوا بما قاله الربّ في الكُتُب المقدّسة.
وأقول لكم بتحقيق ذلك: إنّه إذا متنا [٩٢/ ٤٧جـ] في ذنوبنا، سنُجْعَل في جهنّم خالدين فيها. وأنا أحضر لكم الاستشهاد من قِبَل آدم أوّل البشر، وحوّاء زوجته، إنّه بسبب وصيّة واحدة خالفا فيها، وقلّ استماعهما، ولم يحذراه لكنّهما عصياه فيها، وأُخْرجا من الفردوس، وحصلا تحت حتف [؟] الموت، وحكمه، وتحت الفساد، والعين، وملكهما الموت، بقلّة استماعهما، ومن قِبَلهما دخل الموت إلى جنس البشر، وصاروا تحت حكم الموت، وأجسادهم تفسد، وتستحيل إلى اليوم الأخير، فيقيمهم الله مرّةً اخرا [٩٣/ ٤٧ظ] في يوم الدينونة.
فإذا كانت لقلّة الاستماع من وصيّة واحدة لحق آدم وحوّاء هذا التعب العظيم، هاكدًا وجميع جنسهما معهما، فماذا يصنع بمن كفر، ليس بوصيّة واحدة لكن بجميع الوصايا، التي سمعوها من الناموس، ومن الأنبياء، ومن الأناجيل، ومن وصايا الحواريون الأطهار، والقدّيسين بعدهم، والتابعين لهم.
وكما أنّهم كفروا بجميع هذه الوصايا، فحقّ واجب عليهم أنْ ينزلهم الله إلى جهنّم، خالدين فيها.
والذين آمنوا به، وعملوا بوصاياه، وأتبعوا مرضاته باتّباعهم [٩٤/ ٤٨جـ] أوامره، وصنيعهم مسرّته، وإرادته، سيصعد بهم السماوات، ويرثوا ملكوته إلى أبد الآبدين.
فلأجلنا هبط من السماء، وصار إنسان، وتألّم، وأُرْذِل، ورُفِع على الصليب، ومات بناسوته، وانبعث من بين الأموات.
فمن أجل قبوله الموت، وانبعاثه، منحنا التشبّه به، من غير موت، فيما بعد؛ لنكون بمعنا حسن صورته المقدّسة، ويمضي بنا إلى السماء، مكان أبيه.
والذين أظلمت قلوبهم، وعميت أبصارهم، ولم يومنو به، ولا عملوا بوصاياه، لكنّهم التفتوا إلى فعل ما هو زائل، ورفضوا وحدهم بجنونهم، [٩٥/ ٤٨ظ] وحصلوا على فعال ابليس، وصانعي مسرّته، وتبعوا إرادته، وإراد جنوده.
فمنهم مَن يدخل إلى الحنيفيّة، ويميل إلى ما لا يدريه، ومنهم مَن يذهب إلى شريعة، ويميل إلى مقالة مدحوضة، وإذا خوطبوا على ذلك، لم يرتّدوا، ولم يودو الاستماع من أحدًا، لكنّهم يقيمون في العثرة، البي وقعوا فيها، والضلالة التي دخلوا إليها، وسريرتهم مع ذلك تكابرهم عليها.
وقومًا أيضًا إذا ارتدّوا من شريعة، ولم يثبتوا في المقام المستقيم، لكنّهم يرجعون إلى ورائهم، كمثل الكلب الراجع في قيّه.
وقومًا أيضًا هم دهرهم لا [٩٦/ ٤٩جـ] يفترون من القتل، لم يرجعوا إلى الله، فيتوبو إليه، لكنّهم بقوا في عثرتهم إلى حين خروجهم.
وقومًا أيضًا نجّسوا أجسادهم بالزنا، ولم يتوبو إليه إلى أنْ ماتوا.
وآخرون أيضًا إنْ أقلعوا وقت ما، ثمّ يعودون إلى نجسهم، كمثل خنزيرًا، إذا عاد إلى وسخه.
وقومًا أيضًا صاروا لصوص هجّامين ظلمة، يكونون في اتامًا كثيرة، ولم يتوبو، لكنّهم ماتوا في ذنوبهم.
أفلا ترى الآن حكم الله ودينونته إنّه حمن حقّ، وقضاء عدل، في دفع هاولا إلى جهنّم، وتركهم فيها خالدين إلى الأبد؛ لاستماعهم من ابليس [+* واصا] واصطناعهم [٩٧/ ٤٩ظ] فعاله، واتّباعهم مسرّته، وإسخاطهم خالقهم، الذي دفع نفسه إلى الموت، بسببهم، محبّةً لهم، وشرّع لهم ملكوت السماء، فصاروا أعداءً له، يسخطونه بقبيح فعالهم، وشنيع أعمالهم.
فنحن الآن نرا أنّ حكم الله - شبحانه - ودينونته، حكم حقّ، وقضاء عدل واجب؛ إذ يدفع الذين هم هاكدي إلى جهنّم، إلى الأبد؛ لأنّه، إذا كان بسبب وصيّة واحدة، خالف فيها آدم وحوّاء، فسلّط الله الموت عليهما، وعلى ذرّيتهما، ولم يكتفي بألف سنة، ولا بخمسة آلاف سنة، ليرفع الموت عن الجنس كلّه، لكن بسبب الوصيّة الواحدة [٩٨/ ٥٠جـ] التي بمخالفة آدم، من ذلك اليوم الذي خالف فيه، استطعم البشر كلّّه الموت، بسبب مخالفة الوصيّة الواحدة، وإنّ الموت دخل الدنيا من اليوم الذي خالف فيه آدم، إلى اليوم الأخير، بسبب المعصية الواحدة، التي لم تُحْفَظ، ولم تكن هذه السنين كلّها أنْ ترفع الموت عنهم، فكم بالحريّ يجب على مَن خالف الوصايا كلّهاسيُدْفعون إلى جهنّم، إلى أبد الأبدين.
ثمّ نعود أيضًا إلى إعلامكم أنّه بحكم حقّ من الله - جلّ وعزّ - وعدل منه بدفع الخطأة إلى جهنّم، وبتركهم فيها خالدين إلى الأبد [٩٩/ ٥٠ظ]، ألم يقتل قائين هابيل أخاه، الذي يشاهده كلّ يوم، وأذهب بخبره من على الأرض، وابعث أخاه إلى أبواب الجحيم؟ فهل قدر على أنْ يقيمه؟ أو لم يمحي حيوته من على الأرض إلى الأبد؟
وكيف لا يكون هذا حقًّا أنْ يكون هذا قائين القاتل لأخيه، في جهنّم، إلى الأبد.
وهاكدي أيضًا القتلة كلّّهم، الذي محو حيوة الناس من على الأرض، إلى الأبد.
وإنْ كانوا قدروا على أنْ يقيموا من قتلوه، ويعيدوه إلى حيوة الدنيا مرّةً أُخرى، فإنّ الله يعيد القتلة من جهنّم، على قدر كلامهم، ويعيدهم من حهنّم إلى الحياة [١٠٠/ ٥١جـ] الأبديّة.
فلذلك بحكم حقّ من الله - سبحانه - أنْ يترك الآثمين في جهنّم، إلى الأبد، خالدين، يُعَذّبون فيها، لأنّههم الذين عذّبون أصحابهم بالقتل.
هاكدي أيضًا الزناة الذين دنّسوا أجسادهم إلى آخر يوم مدّتهم، وأنفيهم إلى أزواج الزناة، وجعلو أعظاوهم [أعضاءهم] الطاهرة بالمسيح أعضاء للزناة، وتركوا عنهم الطهارة.
فلماذا لا يكون دفع هاولاء إلى جهنّم بحقّ، إلى الأبد؟
وكذلك أيضًا الذين معهم الأموال، ولا يصرفوها في البرّ، بعين رحمة غنيّة، لكنّهم يشاهدون [١٠١/ ٥١ظ] الفقراء، بضيق شديد، ويسمعون منهم أصوات خفيفة، لما هم فيه من المسكنة، فلا يعينوهم، ولا يرحموهم، لكنّهم يتربّصون على الأموال إلى آخر يومهم، بغير رحمة، وتركوا الفقراء الذين هم أبناء الله، في ضيق الفقر، وعدم القوت.
فلماذا لا يكون حقًّا أنْ يُدْفَع هاولا إلى جهنّم، خالدين فيها؟
كذلك أيضًا الظلمة الغاصبين الذين قهروا البائس، وأخذوا أموال الناس، ولم يعيدوها عليهم، إلى آخر عمرهم، ولا أوصوا بدفعها لهم.
وكذلك أيضًا مَن جحد دين ربّنا المسيح [١٠٢/ ٥٢جـ] والأمانة، وذهبوا إلى مقالات عدّة، فواجب أنْ يجحدهم الربّ، ويذهبوا إلى جهنّم، إلى الأبد.
وكذلك كلّ مَن يذنب ويأثم إلى آخر يوم من عمره، ويموت من غير توبة، لكنّه يسخط الربّ دائمًا بقبيح فعاله.
فلماذا ليس هو حقّ أنْ يذهب هاولاء إلى جهنّم، خالدين فيها، إلى الأبد؟
فأنا أدعوكم ، وأتلطّف بكم، وأرغب إليكم، معشر مَن هو في الخطايا أنْ تتوبوا توبةً طاهرة، مقبولة، وتدعوا إلى الله من كلّ قلوبكم، ليلاً ونهارًا، أنْ [١٠٣/ ٥٢ظ] تكونوا باغضي الذنوب كلّهل، وجميع النجس، وأنْ تفعلوا أفعال مسيحيّة لله.
فإنّكم إنْ فعلتم ذلك سيقبلكم الله الذي يريد نجاة كلّ البشر، وتفرح بكم كلّ جنود السماء، على عودتكم.
وهأكدا أرغب، وأضرع إلى كلّ مَن أذنب من قبل هذا اليوم بأنْ لا ينقطع عن التوبة، والابتهال، بخشوع من قلبه ، ويقيم من نفسه يدعوا إلى الله - سبحانه - بتسابيح، يرجو أنّ الله يقبله.
فإنّ زناة كثيرين، وعشّارين، وقتلة، وآثمين، رجعوا إلى الله [١٠٤/ ٥٣جـ]، وتابو إليه، بدموع، وفعال تامّة للتوبة، أرضو بها الربّ فقبلهم الله، وأحبّهم.
فنحن نذكر هاولاء، يا أحبّاي، ونتكلّم بها مع أصحابنا، بتثبيت، وتصحيح، بزفكار حسنة، وأفعال مقبولة، أمام الربّ.
الربّ أيضًا يقيمنا في اليوم الأخير، الذي للدينونة، مع القدّيسين ، ويعيلنا في ملكوته السماييه، ليتمّ علينا كلام النبيّ المكتوب هاكدا: «يسرّ الربّ بأفعالنا كلّها».
فالمسيح ربّنا - له المجد، والكرامة، والعظمة، مع الآب [١٠٥/ ٥٣ظ]، والروح القدس المحيي المتّحد به من قبل الأزمان، إلى أبد الآبدين، ودهر الداهرين. آمين
نجز الميمر
الذي وضعه الاب القديس ماري يوحنا اسقف البرلس من اجل قيامه الموات وبعتهم ويوم الدين بسلام من الرب.امين امين
والسبح لله دايمًا ابدًا
وكان الفراغ منه يوم الخميس الثامن عشر من برموده سنة تسعايهاربعه وتلتين للشها الاطهار
برسم خزانه الاب الاوحد الفاضل العالم [١٠٦/ ٥٤جـ] [من هنا أحمر] المعلم القس المكمل بالحمن ابو البقا [إلى هنا أحمر] ابن الاب الطاهر والجوهر الفاخر الاب القديس اسقف مدينه دندره
وما معها نيح الله نفسه وزرقنا بركاته امين
رحم الله من قرا ودعا لناسخه بالرحمه المسكين الفقير من الحسنات المملو من السييات دانيال ابن زخارياس اسقف مدينه قوص نيح الله نفسه ونيح انفس جميع ابنا المعموديه اجمعين
[وبغط مغاير] رحم الله القاري والمقتني والناسخ الخاطي امين
[١٠٧/ ٥٤ظ] [كتابة لاتينيّة بخط دقيق صغير]
120
Sanctii Joannei epice Priles De Resurrectione et mortione [?] mortuorum eudodie [?] dedicy
ثم ختم المكتبة
90 Arabo
تمّ النسخ في مڤ بحمد الله في العاشرة صباح الأربعاء، ٢٥ يناير ٢٠١٢، اهتداء القدّيس بولس، والذكرى الأولى لبدء الثورة الشبابيّة في مصر]
تمّ بحمد الله وضع هذا النصّ على المدوّنة كباكورة للنشر على الانترنت، وأقدّم الشكر للمهندس صموئيل سليمان على إعداد المدوّنة.
الاثنين، ٤ يوليو ٢٠١٦
الاثنين، ٩ يناير ٢٠١٢
يُحنّا أسقف الپرلّس
«قيامة الأموات يوم الدين»
عن مخطوط ڤَتيكان عربي ٩٠
نشرة مؤقّتة طبق الأصل (نشرة دِپْلُماسيّة)
أعدّها الأخ وديع الفرنسيسكانيّ
٢٠١٦
wadiawad.blogspot.com.eg
Giovanni vescovo di Parallos (Egitto)
Sulla risurrezione dei morti e il giorno del giudizio
Testo arabo (edizione diplomatica)
di
Awad WADI
2016
wadiawad.blogspot.com.eg
وصف المخطوط
مخطوط صغير الحجم، غلاف جلد أبيض اللون، وعلى الكعب شعاران ورقم المخطوط. هناك ترقيم ابقطي أصليّ للصفحات، في أعلى الصفحة، وعربي غربي للأوراق في أعلى الورقة، وآخر أحدث في أسفل الورقة، ولم يتّم ترقيم ورقة ٨ في أعلاها، وتابع الترقيم، وحدث بعد ذلك اختلاف بين الترقيمين الغربيين، وأُورد الترقيم الأبقطي، يتبعه العربي الغربي الوارد في أسفل الورقة. كثير من الأوراق مرمّمة ولا سيّما في البداية، وبعض الأوراق منفصلة. الكتابة واضحة ولكن ليس جميلة، وبعض النقاط تنقص، ومرّات كثيرة يكتب الألف ملصوقة في اللام، ولن نعتبر ذلك خطأ إملائيّ.
[وجه الورقة الثانية المضافة عند التجليد، هي بيضاء:
42 vat
nov. XC.
90. Arabo
[١/ ١جـ] بسم الآب والابن وروح القدس إله واحد
[بالمداد الأحمر] ميمر وضعه الأب القدّيس ماري يحنّا أسقف الپرلّس عن قيامة الأموات يوم الدين [إلى هنا بالأحمر]
في أوّل يوم ذكرت لكم لأجل التسبيح الذي قاله لكم الروح القدس على فم داوود المزمّر إذ يقول: «ليفرح الربّ بأعماله» [كلمة ناقصة بسبب خرم]. والذي منحني الربّ إيّاه، هو الذي أقوله، واكتب به. وصعوبة أيضًا رأتها لاذكر اذه هذه الدنيا ونجاة القدّيسين والصالحين [٢/ ١ظ] عند قيامهم في أجسادهم، وصعودهم إلى السماوات وفرح الربّ بهم. وعظيم هو قولي بسبب تأنّي [أو ثاني] مجيء سيّدنا يسوع المسيح، ومعه كلّ جنود الملائكة والبشر.
الآن، إذا ذكروا تمجيد وعظمة ذلك اليوم، نتقاصر، ونرتعد، ويصعب عليّ أيضًا إنْ لم أذكر فعل الله- سبحانه -.
فلهذا أقول قد استبان لعقولنا منحه الله- سبحانه - على ما تقوله [كلمة غير واضحة] الكتب المقدّسة.
فنحن الآن نذكر لكم عجائب اللّه، أيّها السامعون، بخوف، وشهوة، لتكونوا متوقّعي مِنَح الملكوت، [٣/ ٢جـ] ولتبعدو عنكم الأفكار الردية، والأفعال السيئة، وتعتمدوا الأعمال الطاهرة؛ فلذلك أرغب إليكم، أيّها الأحباء الأطهار، أنْ تستمعوا الكلام، بخوف وتأمُّل، وتقبلوه بكل قلوبكم.
فإنّ الكلام هو طعام حيّ روحانيّ، كمثل البهائم، التي تُصْعِد من أجوافها العلف الذي كانو قد فرغو منه بأكلهم إيّاه، فتشتر [فتجترّ] عليه، مرّةً أُخرى، فيكون بداخلهم بذلك راحة.
كذلك أنتم أيضًا كونوا صاغين بكلام اليوم الأعظم، الذي يأتي مجيء سيّدنا ومخلّصنا يسوع المسيح - له المجد والسبح - من قلوبكم.
وجدّدو الكلام وردّدوه [٤/ ٢ظ] في أفكاركم، واذكروه بأفواهكم، واشترّو [واجترّور] أنتم أيضًا عليه معناه، بأنْ تذكّروه بعضكم مع بعض، وتقولوا هذا الكلام المملوا أهوالاً؛ لتكونو كاملين، بكلّ الفعال، وكلّ الأعمال، في هذه الدنيا.
وتكونوا في قيامة الأموات تامّين في أجسادكم، وتَصْعَدوا إلى السماء، وتسبّحو مع الملائكة الأطهار، ويفرح الربّ خالق الكلّ بكم.
فنحن الآن نؤمن بما في الإنجيل الطاهر، ونثق بما قاله الحواريون، والآباء الأطهار المتقدّمون أنّ عند انقضاء الأزمان، التي قرّرها الآب والابن والروح القدس، قبل الأزمان والدهور، سيجيء ابن الفساد، [٥/ ٣جـ] أعني الدجّال، الذي يتعظّم على الأرض، ويُظْهِر أنّه هو إله، هذا الذي يُهْلِكه الروحُ القُدُسُ.
فإنّ جميع من بقى من البشر، بطرفة عين [؟].
وعند ذلك تسقط نجوم السماء، كمثل ورق شجر التين، وتُحوّل السماوات، معنا ذلك أنّ اللهيبدّلها ويجدّدها، بأُعجوبة، كما لم تزل عجائبه.
وكما قال الروح القدس، في المزمور: «السماوات عَمَلُ يديك تُحَوَّل، وأنتَ باقٍ، وتَبْلا كلّها، كَمِثْل ثَوْبٍ، وكَمِثْلِ رِداءٍ تَطْويها، وتَتَغيّر».
هاكذى أيضًا يقول سَمْعونُ پُطْرُسُ السَليحُ: «إنّ الأرْضَ، وما عَلَيْها، تَحْتَرِقُ».
[٦/ ٣ظ] ثُمّ قالَ: «كُونُوا مُتَحَذِّرينَ ومُتَرَقِّبينَ أمامَ مَجيء الربِّ، هذا الذي مِنْهُ تَحْتَرِقُ السماوات، وتُحَوّل، وتَكونُ سَماءٌ جَديدٌ، وأرْضٌ جَديدَ، حَسَبْ ما وَعَدَ الذي ننتضره، كمثل ذهب، أو فضّة، أو نحاس، إذا دخلوا إلى النار، فإنّها تتنقّى من الدنس، وتتجدّد».
هاكذا أيضًا السماوات، والأرض، تتجدّد، بمرّة، بأُعجوبة، في اليوم الآخر.
وتضيء السماوات كثيرًا، بتجدّدها، وتتطهّر الأرض.
عند ذلك تترجرج السماوات، من كثرة عظمة ارتفاع مجد سيّدنا يسوع المسيح، الذي لا تحتويه الأفكار، الذي يظهر به، مع الخوف المهول الذي لمجيه [٧/ ٤جـ] الباهر للكلّ.
عند ذلك تضرب الملائكة بالقرون الكثيرة، فينهز كلاً.
ومن بعد يصوّت مقدّم الملائكة بالقرن الأعظم المهول جدًا [دانيال].
عند ذلك تجتمع جنود ملائكة السماء، وهم حاملون علامة صليب ابن اللهالحيّ، وهو يضيء بالنور.
ويعلم كلّ أحد أنّ المسيح سيّدنا، الذي صُلب بإرادته، هو الربّ الآتي، الجالس عن يمين أبيه، يسوع المسيح. وليس يأتي كمثل ما كان في مجيه الأوّل، إذ هبط من السماء، بلا جسد، بلا هول، ولا إظهار عظمة، لكن باتّضاع.
ومجيه الثاني، [٨/ ٤ظ] في آخر الزمان، يأتي بجسده الطاهر المقدّس، الذي أخذه من البتول الطاهرة، وصعد به إلى السماوات، عند انبعاثه من بين الأموات، متّحد به، من غير افتراق، ولا استحالة، من وقت أخذه من البتول الطاهرة مرتمريم، هو واحد، متّحد بجسده، إلى أبد الأبدين.
فيسوع المسيح ابن اللّه، الآن، فثاني مجيه، ليس تخلو منه السماوات، وعند صعوده أيضًا، هو يملأ كلّ مكان، السماوات والأرض، هو جالس عن يمين أبيه.
وليس مجيه [الثاني] باتّضاع، كمجيه الأوّل، لكن بعلوّ لاهوته، وبعظمة [٩/ ٥جـ] وبهاء، وتمجيد، وسلطان، لا يقدر على وصفه، بقدر ملكه، مع جنوده النيّرة، التي لا يُقْدَر عَلَى وصفها واحْصائها.
وملائكته الأطهار يصوّتون، ويقولون: «قدّوس هو الآتي باسم الربّ».
ويكون بين يديه نهر من نار يمشي أمامه، كما قال دانيال في رؤياه.
ويقول أيضًا المزمور: «إنّه يأتي الربّ بإعلان. إلاهنا لا يسكت، والنار تأكل أمامه، وتحوط به رياح كثيرة».
ويقول المزمور أيضًا: «نارًا مملوءة أمامه تأكل أعدايه الحائطين به».
فمن الآن أعداء الله- سبحانه - الذين تأكلهم النار، إلاّ مَن هو ظاهر [١٠/ ٥ظ] لنا انّه إبليس وجنوده الشياطين المردة الملاعين.
فتلك النار المهولة المملوءة تأكل، في البداية، إبليس وشياطينه كلّهم، في يوم الدَيْنونة.
وعِظَمُ تلك النار تُغْرِقُ الشَياطين وآباهُم.
ثمّ منْ بَعْدُ يظهر مَجْمَعُ الپَطارِكَةِ، والأنْبياءِ، والحواريون، والشُهَداءِ، والصالِحون، ويتبادرون لاستقبال ربّنا يسوع المسيح، في مَجيه.
ويأمُرُ الخالِقُ الكُلّ، بقوّته، ويقول: «لتَقُمْ الأمْواتُ! ليَقُمْ كلُّ مَنْ فِي القُبُور!»،
كما قال اللّه، عند الخِلْقَةِ: «ليَكونَ نيّرين، ونجوم»، وكَثْرَة الخَليقَةِ.
فبإرادته كان كلّ شيء، كذلك أيضًا بإرادة ابنه [١١/ ٦جـ] ومعونة الروح القدس، يـأمُرُ الربّ المسيح ابن الله أنْ تقوم أجْسادُ البَشَرِ كلّهم، مِنْ آدم وحوّاء، إلى آخرِ ساعة.
اليوم الأخير يقومون، بطرفة عين، الرجال، والنساء، والأطفال، الذين يرضعون، وتقوم الصغار، والكبار، ويقوم مَنْ قُتِلَ بالسَيْفِ، ويقوم مَنْ ماتَ محروقًا، ومَنْ أكَلَهُ الوَحْشُ، ومَنْ ماتَ بأيّ موتة كانت، في آخر ساعة من اليوم الأخير.
وتقوم سائر أجساد البشر، ونفوسهم، بقوّة أمر الربّ، في تلك الساعة.
وتقوم نفوس الصالحين والخطأة، وترجع كلّ نفس إلى جسدها، النفس الطاهرة إلى [١٢/ ٦ظ] جسدها الطاهر، والنَفْسُ النَجِسَةُ إلى جَسَدها النجس، الذي صنعوا فيه كلّ رَذيلَةُ.
ولا يمكن أنْ تدع نفس جسدها، الذي تركته، في الأرض، وتعودُ إلى جسدِ غيره.
ولا يأخذ الرب تراب، في اليوم الآخِرِ، فَيَخْلِقُ أجساد للأموات، وينفخ في وجوههم روح الحياة، كما فعل في بداية خليقته لآدم وحوّاء.
ولكن سيّدنا يسوع المسيح ابن الله يأمُرُ أنْ تَقومُ أجساد البشر، ونفوسهم، ولا يمكن نفس أنْ تأخذ جسد غريبًا، عِوَض من جسدها الأوّل.
ولا الأطهار يدعوا عنهم أجسادهم، الذي قبلوا فيها سائر العذاب، [١٣/ ٧جـ] على اسم المسيح، ويأخذو أجسادا عوض منها، فيقبلو التمجيد فيها؛ لكن الأجساد التي احتملت العذاب هي التي تقبل التمجيد فيها.
كذلك الاتمين ليس يتركون أجسادهم الدي زنوا فيها، وهوو، وعملوا الفواحش، ويأخذوا أجساد لم تأثم، ولم تذنب، ولم تظلم، فيقبلو العذاب فيها؛ إذْ كان الله - جلّ وعزّ - أعدل من هذا.
لكن الأجساد التي أذنبت، وآثمت، هي التي تقبل العذاب، والأوصاب، مع نفوسها، في نار جهنم، التي لا تطفأ؛ فنفس كلّ واحد منّا، إمّا صالح، وإمّا آثم، تتّحد بجسدها الأوّل.
فبطرفة عين، في آخر ساعة، كمثل واحد يعرف صديقه، [١٤/ ٧ظ] بعد غيبته عنه، في غربة، وفي موضع بعيد. ثمّ من بعد زمان عاد صديقه، فلقيه، وعرفه، فاعتنقا.
كذلك الأنفس كلّها تعتنق بأجسادها، كلّ نفس بجسدها تتّحد به، في يوم الدينونة، كما كانت أوّلاً، وليس تكون من بعد الأجساد تستحيل، ولا تموت، ولا تكون باتّضاع، ولا بأعضاء ناقصة، ضعيفة، ولا مهينة، ولكن النفس والجسد يكونان بقوّة ومجد، من غير فساد.
هاكدا يؤدّبنا السليح پولس الرسول الذي يتكلّم المسيح فيه، يقول عن قيامة الأموات: «إنّها تطرح بفساد، وتقوم من غير فساد، وتطرح بائتهان، [١٥/ ٨جـ] وتقوم بمجد؛ تزرع بضعف، وتقوم بقوّة».
فما معنا قوله: «إنّها تطرح بفساد أو بضعف، أو بائتهان؟». هو أنّه إذا مات الإنسان، ودُفن في الأرض، نتّن، وتقطّع، وتبدّد، وفسد، وتلاشا، والربّ يقيمه، يوم البعث، وهو تامّ كامل، من غير فساد، ولا استحالة، ولا موت من بعد.
وإذا مات أيضًا قَوْمٌ، وهم في حال ضعف، وائتهان، ونقص في الأعضاء، أمّا يصير من عما عينيه، أو أعرجًا من رجليه، أو أفقد من يديه، أو أنّه قطع بعض أعضائه، أو يكون أبرص، أو أجذم، أو أصمّ، أو أحدب، أو قصير، أو صغيرًا [١٦/ ٨ظ] أو غير ذلك من سائر النقصان، والعاهات للاحقة بالأجساد الاوله، فإنّها إذا ماتت، وتهرّت في الأرض، فليست تقوم ناقصة للأعضاء، هاكدا كلا، لكن يقومون بمجد قوّة، كما قال السليح.
فالقوّة والمجد اللذان يقومون بهما هو هذا انهم ليس يقومون بعما الاعين، ولا بعرج الرجلين، ولا بفقد لليدين، ولا بحدب، ولا ببرص، ولا بجذام، ولا بقصر، ولا بصمم، ولا بصغر، ولا بخرص، ولا بشي من بقية العوارض للاحقة بالاجساد، في سائر أعضائه، تامّ بجسد صحيح، لا ينظرون إلى طبائع، ولا إلى شهوات، [١٧/ ٩جـ] ولا يتشبّّه لهم مثال ذكور ولا اناث، ولا الذكور تتشبه لهم أعضاء الذكور، لكنهم كمثل آدم وحوّاء، وقت كونهما في الفردوس، قبل المخالفة، فإنّهما كانا عراة، لا يحتشم بعضهم من بعض، ولا يعلمان أنّهما عراة، ولا يفكّران في أمور مرذولة.
وكانت المنحة [الحيّة ؟] تلحقهما وهي التي لبست الموت.
فإذا كان هذا قد كان قبل القيامة، في بدي الخليقة، فكم بالحرا يوم قيامة الموتا، ليس يكون هناك فكر الشهوات، بل ترتفع عن سائر الذكور والاناث، ولا تجتمع الاجساد بين الذكور والاناث، [١٨/ ٩ظ] ولا تتحرّك الأجساد، ولا يكون في الانفس فكرًا مرذول، إلى الأبد، لكن الصالحين يكونوا كمثل الملائكة إلى الأبد.
هاكذا يقول سيدنا والاهنا في إنجيله المقدّس: «في يوم الدينونة، لا يتزوّجون، ولا يزوّجون، لكنهم يكونوا كمثل ملائكة الله، في السماء».
ويقول أيضًا ربّنا والاهنا في إنجيله المقدّس: «إنّ أولاد هذا الزمان يأخذون، ويعطون، والذين استحقّوا ذلك للأبد، ويوم القيامة لا يأخذون، ولا يعطون، ولا يكن [يمكن؟] بعد أنْ يموتوا؛ لمساواتهم بالملائكة، وهم أبناء الله، وأبناء ليوم القيامة.
[١٩/ ١٠جـ] فبحق إنّه يقوم سائر أجساد البشر ونفوسهم، من هابيل أوّل مَن مات، إلى مَن يموت في آخر ساعة الدنيا.
في تلك الساعة تخرج النفوس كلّها من أماكن التي تُحْفَظ فيها أنفس الأطهار والصالحين تخرج من الفردوس، ومن مظال مقدّسة؛ وأنفس الآثمين [تخرج] من أماكن مظلمة مسجونة، وتنظم [وتنضمّ] كلّ نفس إلى جسدها المتعارف لها، فتتّحد به من غير افتراق، إلى الأبد.
ثمّ يبعث الله ملائكته، فيجمعون له قدّيسيه، من الأربعة أرياح من أقطار الأرض إلى أقطار السماء، كما يقول في إنجيله.
على هذا المنوال، [٢٠/ ١٠ظ] وعلى هذا الفكر الذي نقوله هاكذا: «إنّ كلّ إنسان مات، في مكان كان فيه: إمّا من وحش أكله، أو من سمك، أو غير ذلك، أو مَن من أحرق بالنار، فعلى أيّ حال كان، فإنّ الأجساد كلّها التي ماتت بكلّ داء، وبكلّ علّة، وكلّ سبب تحت السماء، أو من وحش، أو من سمك، مع استحالة الوحش والسمك أيضًا من على الأرض؛
فإنّ الله العارف بكلّ شيء، والحائط به علمًا، من قبل كونه، وهو العالم بكلّ موضع [٢١/ ١١جـ] تبدّدوا فيه، وكلّ مكان أوو إليه أعني أجساد البشر، أمّا في الأرض، هو العالم بها، أو في المياه، هو العالم بمكانها، أو في الهواء، هو العالم بمواضعها.
وأقول بقطعًا أنّه بأيّ موت كان يأخذ الإنسان، وأجسادهم مبدّدة في الخلق كلّه تحت السماء، من الأربعة الأرياح التي يذكرها الإنجيل المقدّس، والأربعة الاستقصات وهي: النار، والهواء، والأرض، والماء؛ أو من أربعة أركان الأرض، بل الخلق كلّه الذي تحت للسماء، فإنّ الربّ [٢٢/ ١١ظ] الآمر لجميعها بإخراج ما فيها من الأجساد، فتقوم بسرعة، وبطرفة عين.
وليس تقوم بشيء من الوحش، ولا البهائم، ولا الهوام، ولا الدواب، ولا الأسماك، في يوم القيامة، ولا يكون شيء منها؛ لأنّ نفس هذه الموصوفة دمويّة مستحيلة.
والذي يقوله الكتاب: «إنّ الخلق كلّه سيحضر دينونة الربّ»؛
ليس يعني بذلك البهائم، ولا الوحوش، ولا الهوام، ولا الطائر، ولا الأسماك؛ إذ أنّ الله يقيمها، ويطالبها بمن أكلته [٢٣/ ١٢جـ] كلّه [؟]؛ إذ كنّا قد قلنا إنّ الله الخالق هو العالم بكلّ من أكله هاولا، والإنسان وحده هو الذي يقيمه، ويحضره الدينونة؛ لأنّ الإنسان مخلوق، والوحش، والبهائم، والهوام وغيرها، ما ذُكِر، وما لم يُذكَر، على الأرض، وفي المياه، فيكون، هاكدا قال الله في التوراه: «لنخلق إنسانًا بشبهنا، ومثالنا».
وبسبب الهوام، والوحش، والبهائم، والدواب، والطير، والأسماك، لم يقل: «لنخلقها»، لكن قال: «لتخرج للأرض نفسًا حيّة من كلّ جنس، فكان كذلك».
[٢٤/ ١٢ظ] وبين الخلق الآن والتكوين ميزة، فالمكوَّن لا يحضر الدينونة، ولا يقيمه أيضًا؛ والمخلوق وحده هو الذي يحضره الحساب، وهو الإنسان، الذي يقيمه بقوّة الربّ الخالق.
فإذا كان من لا كوّن، وأراد الربّ فكان كلّ شييء بإرادته، أيضًا يقيم البشّر كلّهم، هاولاء الذين تبدّدت أجسادهم، في البريّة كلّها، يقيمهم كلّهم؛
كما قال پولس الرسول: «إنّه بدقيقة، وبطرفة عين يُضْرَبُ بالقرن، فتقوم الأموات، من غير فساد».
فيحقّ لنا الآن أنْ نعلم ما الذي قاله إنّه تتبدّل، [٢٥/ ١٣جـ] هو الآن هذا الرسول، ومَن يشبهه في فعله؟
والقدّيسون كلّّهم يبدّلون.
فالتبديل هو أنْ تتبدّل أجسادهم، فتضيء بالنور، والبهاء، كمثل الشمس، كما يقول الإنجيل المقدّس: «إنّ الصالحين يضون مثل الشمس، في مُلْك أبيهم».
ويقول في دانيال النبيّ: «إنّ الذين يفهمون، يضون كضياء الجوّ».
ويقول أيضًا الرسول: «إنّا نقوم كلّنا، وليس نبدّل كلّنا»، معنى ذلك إنّه ليس تبدّل الخطأة، في يوم الآخرة، ولا يكونو في بهاء مجد القدّيسين.
يقول الحكيم پولس [٢٦/ ١٣ظ] رسول الحقّ: «كلّ الأجساد هذا الجسد ليس هو هذا الجسد، لكن بين أجساد للناس ميزة».
معنى ذلك أنّ في يوم الدينونة، بين الأجساد الذين حفضوا الصورة التي خلقهم الله به، وصاروا كاملين في كلّ أفعالهم، في دين الارثذكسيّة، وبين غيرهم ميزة، فكذلك صارت أجسادهم مضيه، في يوم الدينونة.
ويقول أيضًا: «خلاف أجساد للبهائم»، فهل يتكلّم بسبب للبهائم التي لا تنطق؟ كلاّ! إذ كنّا قد قلنا أيضًا إنّ البهائم لا تقوم [٢٧/ ١٤جـ] أعني بسبب العالم المشبّه للبهائم الناظرة إلى الفعال للأرضيّة والشهوات البهيميّة، وعقولهم مربوطة فيها، ولانّهم [؟] ينظرون إلى الفعال للتي تعدّت ملكوت للسماء، لكن بإرادة قلوبهم وشهواتهم دفعوا نفوسهم إلى فعال الإثم، والدنس، وللأفكار، البهيميّة.
فلهذا شُبّهوا بالبهائم التي لا نطقًا فيها، ولا علم عندها.
يقول النبيّ: «لأجل أنّهم تشبّهون بالخيل الذكور المشتهية للإناث».
ويقول أيضًا: «إذا كان [٢٨/ ٤ظ] إنسان في كرامة، ولا يعرفها، فهو يشبه البهائم، ويماثلها».
قال أيضًا الرسول السليح: «إنّ خلاف أجساد الطائر».
فهل يكون الطائر في مجمع للدينونة؟ كلاّ! لكنّه أعنا بذلك الناس الدي تطير قلوبهم، وتجذبهم مثل أجنحة الطائر، من المرسا الحسن الذي للميراث الارثذكسيّ، فيمضون إلى أماكن مرذولة للهراطقة المخالفين، أمّا بسبب تمنم [؟] أو لتمجيد زائل وشيكًا يطلبونه.
فسما للناس الخارجين عن الحقّ الطائر؛ لأنّ الطائر لا مستقرّ له [٢٩/ ١٥جـ] في مكان، كذلك للناس السوء؛ فإنّهم لا يثبتون البتّة في المكان المستقيم.
فلذلك قال للنبيّ إنّه صاح صائتًا وجمع ما له يكن منهم، وتركهم في فسادهم».
يقول أيضًا: «إنّه خلاف أجساد الأسماك»، فليس الآن يتكلّم بسبب للأسماك المستحيلة إنّ بين أجسادها ميزة، إذ ليس تقوم في يوم الدينونة، لكنـّه يتكلّم بسبب للناس العائشين في المياه المالحة للتي هي أفكار القلب المرذولة، والفعال النجسة، وعبادة للأوثان، فهم غاطسون في للآثام والفعال المظلمة [٣٠/ ١٥ظ] المدلهمة، كمثل الأسماك، التي هي غاطسة، غير ظاهرة، في المياه.
كذلك الآثمون هم أيضًا غاطسون في ذنوبهم، وابليس هو المالك عليهم، كما يقول الربّ لأيّوب الصدّيق: «إنّه الملك على ما في المياه»، أعني بذلك ابليس، إنّه المالك على الآثمين.
يقول أيضًا پولس، القدّيس المستحقّ للطوبا: «إنّ أجسادًا للسماء، وأجسادًا للأرض»، يعني في هذا الموضع أجساد الصالحين للأطهار أنّهم أجساد السماء، من قِبَل فعالهم الحسنة المقبولة، وإنّ أجسادهم تكون كمثل كواكب السماء، ويصعد بالأطها إلى للسماء.
فلذلك [٣١/ ١٦جـ] يسبّح داوود النبيّ قائلاً: «إنّه يصوّت للسماء فما فوق» ا [مشطوبة] يعني بذلك أنّ الناس القديسين الذين افكروا فيما للسماء وللدينونة والأجساد التي عنيها [أو: غيّبها] للأرض يعني أجساد الآثمين النجسين الذين افكروا في فواحش للأرض فعملوا بها.
قال أيضًا رسول الحقّ: «إنّ خلاف ضوء الشمس خلاف ضوء القمر»، وبين الكواكب أيضًا ميزة في مجدها. وليس يعني بذلك هذه للشمس، ولا هذا القمر، ولا هذه الكواكب للظاهرة، لكنه يتكلّم بسبب القدّيسين للأطهار والصالحين للأبرار [٣٢/ ١٦ظ] فإنّ ليس لهم مساواة واحدة في يوم الدينونة.
لكن منهم من يضيء كمثل الشمس، على قدر فعالهم، ومنهم مَن لم يبلغ فعل هاولاء، فهم يضون بضوء كمثل القمر، ومنهم أيضًا مَن لم يقدر على بلوغ فعل هاولاء فهم يضون مثل للكواكب.
ويقول أيضًا: «وإنّ بين كواكب وكواكب ميزة في بهائه»، ومعنى ذلك أنّ كلّ واحد من الصالحين يضيء في السماء على قدر أفعاله التي أقامها، في للدنيا.
والنجوم وهي كلّها في السماء تضيء وتنوّر، كذلك الصالحين كلّهم يكونو يضون [٣٣/ ١٧جـ] في السماء في أجسادهم التي عملوا الأعمال الصالحة فيها، وصاروا كاملين بها فهولا يكونوا كمثل [+ - مجد جسد] جسد ربّنا يسوع المسيح.
كذلك يقول الحكيم رسول الحقّ پولس: «إنّا نترقّب مخلّصنا وربّنا يسوع المسيح، هذا الذي يبدّل أجساد للأطهار».
هاكدًا أيضًا يقول يوحنّا للإنجيليّ: «إنّه إذا ظهر نكون مثله».
بالملائكة يجمع القدّيسين كلّهم ويقيموهم في أجسادهم [٣٤/ ١٧ظ] للتي لا تفسد أمام الملك الإله ديّان الحقّ للخلق كلّه، كما هو مكتوب أنّه يجمع إليه القدّيسون كلّهم الذين ثبتوا ميثاقه على قرانبين».
والقرابين الآن هي الأفعال الحسنة التي فعلوها القدّيسون بأمانة.
ويقف مجمع القدّيسون ليس هم لابسوا ثيابًا، ولا كسوة نُسِجَت، لكنهم لابسوا فعالهم البهيّة التي فعلوها عند كونهم بين العالم، في هذه الدنيا، وليس يكون الآن ذهبًا، ولا فضّة، ولا ثياب، ولا شيء من هذه الفعال هناك؛ لأنّ النار المهولة التي تحرق كلّ ذلك، [٣٥/ ١٨جـ] وتحرق جميع وسخ دنس للأرض.
وكما أنّ آدم لم يكن عليه، وقت كونه في الفردوس ثيابًا، وكذلك حوّاء، لكن بهاء للربّ الذي يحفظهما، ويشملهما هاكدًا أيضًا في يوم للدينونة.
وأقوّي أيضًا قولي عندكم أنّه كما انبعث سيّدنا وللاهنا من بين الأموات، ووجدت للثياب موضوعة في المقبرة، وتجلاّ ببهائه، ونور لاهوته، فلهذا الآن طبيب نفوسنا إنّه عند قيامنا في يوم الدينونة أنّه لا قميصًا ولا كساٍا [هكذا] لكن عوض القميص كلّ واحد [٣٦/ ١٨ظ] من القدّيسين لابس دينه القيّم الصالح، وفعاله الحسنة المقبولة وللآثمون والمذنبون المدحضون يكونوا لابسين أفعالهم النجسة المدلهمة.
اسمعوا هذا، ا مَن يلبس ثياب كثيرة مختلفة للأموات أكفانًا لكن نفوسهم لا تعلم أنّ الثياب تبلا، وتتقطّع، وأجسادهم معًا.
والذين يفعلون هاكدًا أنّهم يسخطون الله.
وقد كان يحقّ عليكم أنْ تعطوا من زائد هذا الذ يذهب إلى الفساد للفقراء والمحتاجين، وهم عراة، لنجد معشر الأحبّاء رحمة يوم للدينونة.
فالقدّيسون الآن [٣٧/ ١٩جـ] يقومون في أجسادهم من غير فساد، ولا موت، وهم في طهر وبهاء، وهم يمجّدون، ويسبّحون مع الجنود للروحانيّة، التي هي ملائكة السماء، ويقف القدّيسون أمام ملك للسماء يسوع المسيح ربّنا بمسرّة، لا تُدْرَك، وجذل لا ينصرم، على رووسهم التيجان بأكاليل الحقّ، غير البالية، على قدر فعال وتعب كلّ واحدًا منهم.
كمثل ملك عليه تاج، مكلّلاً بدرر سنيّة، لا يعرف قيمتها، لكنّها كلّها تضيء بالبهاء، ويعجب منها كلّ الناظرين إليها.
هاكدا الصالحين [٣٨/ ١٩ظ] يقبلون لباس التاج من للربّ يسوع المسيح، وأكاليلهم تكون مضية، ويكون فعل كلّ واحد منهم يضيء بالنور.
وأكليل الآباء الأوائل الپطاركة تضيء بسبب استماعهم للربّ، وأمانتهم به.
وأكليل الأنبياء يضيء بالبهاء بسبب نبوّتهم المضية المنيرة.
وأكليل الحواريون والرسل الأطهار يضيء بالبهاء بسبب دعوتهم للناس إلى معرفة الله: اآب، والابن، وروح القدس، مع العذاب الذي نالهم، والأوصاب التي لحقتهم من عبدة الأصنام، بسبب سيّدنا وإلاهنا يسوع المسيح [٣٩/ ٢٠جـ] وأكاليلهم مضية بالنور والبهاء،
وأكاليل الشهداء مضية بسبب ما لقوه من أنواع العذاب وسفك دماهم في محبّة ربّنا يسوع المسيح.
فتلك الفعال هي المضية المنيرة على أكاليلهم.
وأكاليل الآباء الأساقفة تضيء بآدابهم من فمهم الطاهر، وعرفهم فجزائهم يضيء بالنور على أكاليلهم.
وأكاليل الأطهار والقدّيسين تضيء بالبهاء وبطهارتهم وحرصهم لأجسادهم يضيء على أكاليلهم.
وإكليل المقيمين في الأمانة المعترفين يضيء بالبهاء وتكون طهارتهم وثبوتهم على أمانتهم مضية على أكاليلهم.
[٤٠/ ٢٠ظ] وأكاليل الرهبان الأطهار تكون تضيء بالبهاء على أكاليلهم لأجل انعكافهم وصلواتهم، والأعمال الصالحة منهم، وسهرهم بدعاء وتسبيح، وصبرهم يضيء بالبهاء على أكاليلهم.
وإكليل الرحماء وكلّ مَن يعمل البرّ والخير يضيء وتكون رحمتهم وصلاح أعمالهم يضيء على أكاليلهم.
فمن القادر على وصف المسرّة والنعيم التي تكون الملائكة الذين في السماء كلّهم عند مشاهدتهم حسن البشر في أجسادهم يمجّدوهم معهم في السماء، يسبّحون، ويقدّسون الربّ على فعاله كلّها.
ومَن لا يتعجّب، ويسبّح، ويبارك، ويسجد لمراحم الرب [٤١/ ٢١جـ] وهو الإله ملك الكلّ الذي يكون معه مسرّة ويسر، إذا شاهدنا نحن صنع يديه نكون معه في السماوات، ونكون ملوكًا من قِبَله، إذا شاهد الربّ أكاليل النور التي من الفعال على واحد واحد سيسرّ إذا رآنا وابنه الحبيب يأتي بنا إليه هديّة وتمجيد.
سيسرّ الآب والابن وروح القدس إذا رآنا معشر البشر في ملكوت السماء أحبابًا للملائكة، وإخوانًا للمسيح، ونكون أبناء الله، ونكون ورثة القدّيسين في هذه الكرامة العظيمة الآن، لا تجوعون [٤٢/ ٢١ظ] ولا يضمون [يظمأون]، ولا يتعبون، ولا ينامون، ولا يأكلون من طعام أرضيّ، ولا يشربون، ولا يهجعون [؟]، ولا تقلق قلوبهم، ولا يشتهون شيًا من أُمور هذه الدنيا.
ولا يكون نهارًا، ولا ليلاً، ولا برد، ولا حرّ، من بعد الدينونة، ولا يكون شيًا من هذه الفعال التي نشاهدها في الدنيا.
وقد كنت بدأت في القول، في الميمر الذي قبل هذا بسبب الملائكة، وكذلك يكون الأطهار القديسين فإنّهم يكونو أقويا أحبّا بالشعاع المضيء عليهم من بعد [؟] الاهوت المقدّس، ويكونو فرحين جذلين مسرورين [٤٣/ ٢٢جـ] بربّهم، الذي يكفل حيوتهم.
ويتمّ هناك قول السليح پولس رسول الحقّ هاكدًا لنكون الربّ هو لكلّ في كلّ.
والربّ الآن يكون طعامً وشراب وشبعًا ومسرّة، وجذلاً، وقوّة، ورحة، ومنحة كاملة للأطهار كلّهم.
ألا ترى إلى شجرة مغروسة على المياه، فإنّ الماء يكون قوامها، وطعامها، وحسنها، وقوّتها، وإذا كان ذلك هاكدًا الشجرة ثابتة على المياه فكم بالحريّ الربّ القادر الماسك الكلّ بقوّة لاهوته المقدّس، كما هو مكتوب: «إنّني [٤٤/ ٢٢ظ] أُسرّ بالربّ».
فهذا الذي قلناه على قدر قوّتنا بسبب القدّيسين الأطهار كلّهم الذين يسرّ الله بهم.
فللنظر الآن إلى ما هو موضوع للآثمين والخطأة المذنبين.
قد قلنا آنفًا: في اليوم الأخير المهول يأمر الربّ مخلّصنا بآخر صوت القرن المستمع في كلّ مكان، عند مجيء سيّدنا وإلاهنا يسوع المسيح بالقوّة العالية التي لأبيه وللروح القدس.
ففي دقيقة بطرفة عين يقوم كلّ الأموات والأحياء، كما هو مكتوب: «إنّه يدين الأحياء والأموات» [٤٥/ ٢٣جـ] كمثل ملك يذهب إلى مدينته فيتلقّاه أحبّاه الحافظون لوصيّته، ويتسرّعون إليه عند مجيه، وهم لابسون فخر ثيابهم، فرحون جذلون بعلمهم بما يلقونه منه لحفظهم وصاياه وعلمهم بما يوافق رضاه،
فهاكدا هو يشبه ما يكون للصالحين وللأطهار المتّقين عند مجيء ملكهم ربّنا يسوع المسيح، في يوم لدينونة، وإنّهم يتبادرو إليه وكلّ واحدًا منهم لابس لأفعاله الحسنة المضية، ويكونو معه وهو يدين كلاً،
وهاكدًا أيضًا [٤٦/ ٢٣ظ] مثل الخطأة والعصاة المذنبين إنّه كمثل ملك وصل إلى مدينته، فإنّ المجرمين بخوف ورعدة شديدة، إذا سمعوا أنّ الملك قد جاء لعلمهم بما قدموا عليه من الجرائم، وعند ذلك تخاصمهم عقولهم، وتوجب عليهم استحقاق الموت، هو شبه الخطأة المذنبين، إذا سمعوا صوت القرن الأعظم بمجيء ملك المجد، الأكرم، ربّنا يسوع المسيح، سيكونوا قلقين هلعين، لا يعرفون لهم مهربًا، ولا ملجأً؛ لكثرة خطاياهم، وذنوبهم، التي صنعوها، فإنّ أفكارهم تؤدّبهم [٤٧/ ٢٤جـ]، وتنكر عليهم أنّهم أعداء الوصاايا للربّ.
فهاولاء الآن يكونون في أنواع من العذاب، وأليم من العقاب، الذي لا انقضا لها.
سيجيء الربّ الديان يسوع المسيح؛ ليدين الأحياء والأموات.
ويجب علينا أنْ نعلم مَن هم الأحياء، ومَن هم الأموات.
فالأحياء الآن هم الذين ذكرتهم، إنّهم القدّيسون والصحالحون الذين أصغدا [سيك] إليه قرابينًا حيّة مقدّسة مستحقّة، وهي الفعال التي أقاموها عند مقامهم في الدنيا.
والأموات الذين نقول إنّه يدينهم هو المذنبون الاثمون [٤٨/ ٢٤ظ] كلّهم، هاولا الذين أقاموا زمانهم كلّه في فعال منتّنة مرذولة نجسة، منتّنة بالإثم الذي يفعلونه.
فلنرجع الآن فنتأمّل المعنا الآخر لنفس هذا الكلام: «إنّه يأتي ليدين الأحياء والأموات»، ففي ذلك دعاء لنفس الناس كلّهم وليس الأنفس الخارجة من الأجساد تموت البتّة، ولا تقبل الفساد، ولا الاستحالة إلى الأبد؛ لأنّها ليست رياح، لكنّها غير مائتة، بل هي ناطقة عالمة، والأموات الذين عينهم [عنيهم] هي الأجساد [* الـ] الناس كلّهم التي يدينها من بعد المَحْق والتبدّدفي الأرض، والماء والنار، والهواء، فقبل يوم القيامة [٤٩/ ٢٥جـ]، وفي ذلك اليوم يقيمهم الله كلّهم بأمره القاهر، القادر، وكذلك الذين يبقون إلى آخر ساعة من الدينا.
ويقوم كلّ من هابيل أوّل مَن مات، وإلى آخر مَن يؤمن مَن انفسد جسده، في التراب ، وغير التراب، بطول الأزمان، ويقوم الأوّل والآخر معًا، في وقت بطرفة عين، من مشارق الأرض إلى مغاربها، ومن شمالها إلى جنوبها. وتنتظم كلّ نفس إلى جسدها، من غير افتراق، ولا استحالة، كما قال سيّدنا وربّنا، في إنجيله المقدّس، كذلك يكون في آخر [٥٠/ ٢٥ظ] الأزمان يبعث ابن البشر ملائكته ليجمعوا كلّ المرذولين، وفاعلي الخطيه، فيجعلوا في أتون النار مكان البكاء وصرير الأسنان.
ففي هذا المكان يسمّي مجيه الثاني، في يوم الدينونة ملكوته، والمرذولين الذين يسمّيهم، ويعني أنّ ملائكته تجمعهم في ملكه هم محبوا الفرقة بين الناس، الذين ينمّون، ويطرحون الشرّ من [؟] بينهم، ويفرّقون بين الجموع في الأمانة المستقيمة.
هاولاء الذين يجمعهم في ملكه، يوم الدينونة، ويجعلون في النار التي لا تطفا.
هأكدا [٥١/ ٢٦جـ] يقول أيضًا في الإنجيل المقدّس إنّ الملك يقول، في ذلك اليوم، للقاسين القلوب: «اخرجوا عنّي، يا ملاعين، إلى النار الأبديّة المعدّة لابليس وجنوده».
والذي لا يجد عليه كسوة وليمة العرس يخرجهم إلى الظلمة القصوا مكان البكاء وثرير الأسنان.
فكسوة وليمة العرس الآن هي الدين المستقيم، والذين لا يوجدوا لابسيه ، في اليوم الأخير، كما يقول في الإنجيل المقدس، إنّ الملك يقول للخدّام وهم الملائكة، بسبب مَن لم يوجد عليهم [+ - عليه] ثياب ولييمة العرس [٥٢/ ٢٦ظ] أوثقوا هذا بيديه ورجليه، واجعلوه خارجًا، مكان الظلمة القصوا، وصرير الأسنان، والبكاء.
يقول أيضًا ربّنا: «اجمعوا الزوان، واحزموه حزمًا، واحرقوه بالنار».
فهل يجمع الله، في الأرض، الزوان، ويحرق بالنار كلا، إذ ليس هذا معنا الكلام، لكن الزوان اليذ يعنيهم الهراطقة المخالفون.
وكما أنّ الزوان ينبت، ويصعد من الأرض مع الحنطة، ويوجد سنبل الزوان طويلاً يساوي البزور ويشابهها، وليس بتحقيق؛ لأنّ ليس في سنبل الزوان ثمرة محيية للناس، [٥٣/ ٢٧جـ] بل ظارة لهم إذا أكلوا منها.
هاكدا أيضًا الهراطقة المخالفون، وإن كان عندهم التشبّه بخيريّة المسيحيين؛ فإنّهم جاحدون القوّة، كما قال السليح رسول الحقّ: «فالناس الآن الذين [- + مذهبهم] ومقالتهم مرذولة يحزمون حزمًا، ويحرقون بالنار»، ومعنا ذلك أنْ يحرقوا إلى الأبد.
يقول أيضًا ربنا والاهنا بسبب العبد السكّير إنّه يحضر سيّد ذلك العبد، في اليوم الذي لا يعرفه، وفي الساعة التي لا يتوقّعها، فيشقّه، ويجعله اثنين، ويكون نصيبه مع المرائين، مكان [٥٤/ ٢٧ظ] يكون البكاء وصرير الأسنان».
فيحقّ علينا أنْ نعرف ما هو الشقّ من وسطه، هل يشقّ جسمه؟ كلاّ، لكن الذي يعنيه هو هذا أنْ يفرقه من نعمة روح القدس، الذي قبله في المعموديّة، ومعنا القول أنّه يجعل نصيبه مع المرائين؛ لأنّ المرائين الآن هم الهراطقة المخالفين القايلين برياهم إنّهم، على ما في الكُتُب، وليس يؤمنون بقصد الحقّ، لكن على أفكار قلوبهم المرذولة، ويبدّلون الكلام الإلهيّ الذي في الكُتُب المقدّسة، وينزلوا الأمر فيها على شهوات نفوسهم، وقلوبهم.
يقول أيضًا [٥٥/ ٢٨جـ] بسبب العبد الذي لم يدفع الفضّة إلى أصحاب الموائد: «خذوا منه الكيس، وادفعوه إلى صاحب العشرة الأمناء. فمن كان له سيعطا أيضًا، ويفضل معه، ومَن ليس له سيؤخذ ما يكون معه. وذلك العبد سيُجْعَل في مكان الظلمة الخارجة، حيث يكون البكاء، وصرير الأسنان».
فيحقّ علينا أنْ نعرف مَن هو المرذول، وما هي الفضّة التي لم يعطها لأصحاب الموائد، وما هو المن الذي أُخِذ منه، وأُعطى لصاحب العشرة.
فالعبد المرذول هو اسقف مدحوض، أو قسّ، أو شمّاس [٥٦/ ٢٨ظ] الذين استحقّوا موهبة روح القدس، من الله - سبحانه، ولم يصنعوا الرب، لكنّهم جلسوا بكسل، لا يعملون بأوامر الربّ، والفضّة التي هي الوصايا التي لم يوصوا بها الشعب؛ لينجوا في يوم الدينونة.
فالرب يدع من يأخذ المن من هو هاكدي، وهي المنحة التي أعطاهم إيّاها، ويخرجهم إلى الظلمة القصوا، هاكدي يقول رسول الحق پولس السليح: «إنّه إذا أذنبنا بإرادتنا من بعد معرفتنا للحقّ، لم يبقَ الآن قربان، بسبب الخطيه، لكن انتظار الدينونة مهولة، ومن النار تحرق وتأكل [٥٧/ ٢٩جـ] مضادديه».
فمن لا يجزع إذا سمع هذا الوعيد، ويرتعد بخوف شديد، ومَن فيه اذنا فكرًا لله، لا يبكي، وينتحب، ويدع قلبه يبكي هاهنا من قبل الموت. وما الظنّ تتيك النيران في جهنم هي مائة سنة أو ألف عام، لكن العذاب أبديّ سرمديّ.
كما قال الإنجيل المقدّس: «إنّ هاولاي يمضوا إلى عذاب أبديًا، والصالحين إلى حياة خالدة أبديّة».
يقول ؤشعيا النبيّ أيضًا هأكدا: «إنّ دودهم لا يموت، ولا يهدا، ونارهم لا تنصرم، ولا يطفا».
[٥٨/ ٢٩ظ] فتلك النار تسما جهنّم، التي لا تطفا، لكنّها تغلي غليانًا، في كلّ وقت، وفي كلّ زمانًا، لا تفننا نيرانها.
ولعلّ قائل يقول إنّ كيف يقدر انسانًا أنْ يعيش إلى الأبد في تلك النار، لِمَ لا يستحيل؟
فليعلم المعيب أنّ الله الذي له القدرة في كلّ أمر بهذا أنْ لا تستحيل الأجساد، ولا النفوس، في النيران، إلى الأبد، لأنّه مقيم من غير استحالة، لئلاّ يستحيل الجسد والنفس في النار.
ولهذا أضرب لك مثلاً: نحن نشاهد القدر المملوه بالماء، في مستوقد [٥٩/ ٣٠جـ] الحمّام يوقد تحتها ليل ونهار بالنيران، فلا تستحيل، ولا تنفسد، على أنّ طبيعة الرصاص إذا قرب من النار ذاب واستحال، لكن القدر ما دامت مملوه بالماء فليس تستحيل، ولا تذوب البتّة، وإنّ دام الوقيد تحتها.
هاكدي أنزل الأمر على معنا النفس والجسد بمعنا الماء في القدر، ومعنا القدور تركه على الجسد.
فعلى هذا المعنا تكون نفوس الآثمين وأجسادهم في النار، التي لا تطفا إلى الأبد، من غير استحالة للأجساد، ولا النفوس.
ونرجع أيضًا [٦٠/ ٣٠ظ] أنّه عندما تكون القماقم النحاس والفخّار مملوهً من الماء، ويوقد تحتها بالنار، فإنّها لا تستحيل ولا تفنا.
كذلك الآثمون في كلّ وقت هم في النار خالدين، لا ينفسدون، ولا يستحيلون.
وكما أنّ القدّيسين والصالحين هم في ملكوت السماء ملوكًا مع السيّد المسيح خالقهم، في أجسادهم إلى الأبد، هاكدي الآثمون يكونون في جهنّم بأجسادهم خالدين إلى الأبد؛ لأنّهم خالفوا أوامر الربّ، وأفسدوا وصاياه.
وليس جهنّم للمذنبين الخطأة [٦١/ ٣١جـ] واحدة بمساواة لهم، لكن بين ذلك تباين، على أنّهم كلّهم قد بعدوا عن ملكوت الربّ. لكن بين نيرانهم ميزة: فمنهم مَن ينزل قعر جهنّم كما قال الربّ: «إنّ مَن قال لأخيه: "يا جنن"، يستحقّ قعر جنّهم».
فلا تظنّ أنّ اسماعك لصديقك هو شيء حقير ، لا تفكّر فيه، أو هو كلام حقير، أو سماع يسير، إذا قلت: «يا جنن». أتريد أنْ تعلم أنّ ليس هو كلام حقير، أو لا خفيف؟ أنا أعلمك ثقله والجزاء عليه.
فالذي يقول لأخيه: «يا جنن»، يعني بذلك أيْ أنّه بعد [٦٢/ ٣١ظ] من منحه الله، أيْ أنّك بعدت من مجد الإله، كمثل البهيمة، أو فرس جموح شرود آبق يهربان من أربابهما، ولا ينعطفا، ولا يتألّفا. فإنّ هذا يسما جنن.
كذلك مَن يقول لمؤمن مسيحيّ، هذا الذي صار أخًا للمسيح من قبل الأمانة والمعموديّة: «يا جنن»، لم يشبهه بالبهائم الشرودة، يعني أنّه هرب من ربّه المسيح، وصار بعيدًا منه.
فهل ترا يجعل مَن قال هذا لصاحبه في قعر جهنّم، أوْ لا يقول أيضًا إنّه إذا نضرت عينك للمناضر شهوةً [٦٣/ ٣٢جـ] فاقلعها، وأبعدها منك، فحسن أنْ تفسد عضوًا من جسمك خيرًا من أنْ تنزل جسدك قعر جهنّم. كذلك يقول أيضًا عن اليد اليمنا.
أتظنّ أنّه أمرنا أنْ تقطع عنا أعضاينا؟ كلاّ! لكن العين التي قالها يعنيها أنْ نقلع ونطرح هي الشهوة المرذولة يرد أنْ نقلعها من عيون قلوبنا. واليد اليمنا التي يعنيها هو أنْ نقطع عنّا الغضب والظلم، وليس يعني هذا وحده، لكنه يأمرنا أنّه إذا كان لنا أخ، أو صديق، يحسن لنا [٦٤/ ٣٢ظ] ذميم فعالنا، وهو مثل أعيننا، أو أيدينا، ويشوّقنا إلى امورًا داعية للإثم، وإلى ما يسخط الله، أو يشوّقنا إلى نقالات ومذاهب، أعني هاولايك الإخوة والأصدقاء المرذولين في سيرتهم وفعالهم.
فيحقّ علينا أنْ نستأصل ذكرهم من قلوبنا، ونمحا الفكر بهم من أبصارنا؛ لأنّهم ارديا لنا؛ لئلاّ نترك جسدنا كلّه. معنا ذلك نحن وهم إلى قعر جهنّم.
ومن الآثمين أيضًا قومًا يبعث بهم إلى نارًا مخالفة، ومنهم مَن يُبْعَث [٦٥/ ٣٣جـ] بهم إلى الظلمة القاصية، ومنهم إلى النار المعدّة لابليس وجنوده.
فليس بارذل من تبك [؟] النار، فهناك أنواع العذاب لا يحصا، ولا يمكن ذكر جميعه.
وبين جهنّم ميزة لمن يُعَذَّب فيها، وإنْ أردت أنْ تطيّب قلبك، أنا أضرب لك مثلاً على مَن يُعَذَّب في جهنّم: إنّه كمثل أتون نار يوقَد فيها بحطب، فالحطب الذي يُتْرَك فيها، وفي وسطها، يجوز أنْ يحترق بأسره، ومنهم مثل ما يكون نصفه يُتْرَك فيها، وليس يجري مجرا ما تُرِك جميعه، في وسطها [٦٦/ ٣٣ظ] فيحوط به النار من كلّ جانب، ومن الحطب أيضًا ما تُجْعَل أطرافه في النار، فإنّه لا يجري مجرى الأوّل، ولا الثاني، ووقوع الفعل على الكلّ أنّه في أتون النار، وبين ذلك ميزة، وتباين،
فبين ما جميعه في النار، وبين ما وسطه فيها ميزة، وبين ما وسطه في النار، وبين ما أطرافه فيها ميزة. كذلك ليكن ظنّك بمن هو في النار، وفي جهنّم.
وانظر أيضًا إلى قومًا أعلاّء بالحما [بالحمّى]، فمنهم مَن حماته صلبة شديدة صعبة، ومنهم من هو متوسّط، ومنهم مَن هو دون ذلك [٦٧/ ٣٤جـ] وعليه الحما جامعة لهم، وربّما كان مع الحما لكلّ واحدًا منهم علّة تخالف علّة صاحبه.
فلتفكّر في مَن هو في جهنّم هاكدي، فعلى قدر ثقل ذنوب كلّ إنسان يكون عذابه، إلى الأبد.
فبين جهنّم الملاعين، وعبدة الأوثان، وبين [+* ا] جهنّم الهراطقة والمخالفين ميزة، وبين جهنّم مَن يتحرّز في كثير فيوم [فيقوم] بذنب وبين مَن يذنب في كثير ميزة. وبين جهنّم القاتولين، وجهنّم الفسقة ميزة، وكذلك جهنّم الزناة بينها وبين جهنّم مَن أقام عمره في الشرب [٦٨/ ٣٤ظ] والتنعّم الزائل، وهم يسخطون الربّ، وماتوا في فعلهم ميزة، وهم يعذّبون في جهنّم إلى الأبد، والفايزون يسرّون الله.
نحن صنعة يديه يرانا أنّا قد فزنا إلى السماء معه، ويغضب على الذين أسخطوه بفعالهم، التي تمسّكوا بها، ولم يتوبوا إليه البتّة، لكنّهم جلسوا يسخطونه.
فلذلك يقول النبيّ: «الذي إذا نظر إلى السماء، ارتعدت أمامه.
فمنهم الآثمون الذين أقاموا زمانهم كلّّه في آثامهم، ونجّس الأرض، ولم يريدوا فعال الربّ، بسبب فعالهم المرذولة، فإنّ الربّ [٦٩/ ٣٥جـ] يدعهم يرتعدون في جهنّم.
قال النبيّ: «الذي إذا نظر إلى الجبال تركها كالدخّان».
فإنْ سمعت هذا، فلا تظنّ أنّه يعني الجبال الحجارة، التي على الأرض، لكنّه يتكلّم بسبب الجبال المظلمة، وهو ابليس وجنوده فهاولاء الذين يجعلهم الله كالدخّان في النار، التي لا تطفا يوم الدينونة.
وفي هذا الموضع أيضًا سما الملوك الملاعين والجبابرة الآثمين الذين كانوا في التعظيم والأمر الجسيم، أيْ الجبال المظلمة؛ لأنّ هاولايك كانوا متعظّمين على الأرض، آخذين بالوجوه [٧٠/ ٣٥ظ] كمثل الجبال العالية على الأرض كلّها.
فاولايك الملوك الذين كانوا هم جبال الخطيه يخوّفون الناس، ويدعونهم إلى جحود [+* دلك] الربّ.
فلهذا قال الله أنْ يكونوا دخّانًا في النار التي لا تطفا يوم الدينونة.
أتريد أنْ تعرف أسماء الجبال العالية في الخطيه
رجيعام ابن عبده ملك إسرائيل هو جبال الخطيه، وكلّ مَن يشبهه
يوليانوس الجاحد الكافر هو أيضًا جبل الخطيه.
ديقلاطيانوس الكافر هو جبل الخطيه، وكلّ مَن يشبهه [٧١/ ٣٦جـ] بسبب خطاياهم وأعمالهم السوء التي صنعوها.
فالربّ يدفعهم إلى النار التي لا تطفا، ويجعلهم كالدخّان فيها، مع ابليس وجنوده، إلى الأبد.
وهذه النار التي يجعل فيها هاولاء ومَن يشبههم، ويجري في العتو والطغيان مجراهم ليس فيها نورًا لكن ظلمة مدلهّمة.
وفي هذا أيضًا سما الأساقفة الملاعين أطوارًا وجبالاً؛ لأنّهم علوا على الشعب كلّه، كمثل الجبال العالية على الأرض كلّها، وبسبب كلامهم الكاذب الذي يوديون [يؤذون] به [٧٢/ ٣٦ظ] أولاد البشر، هم يفسدون نفوسهم، ويضلّونهم، ولأعمالهم المرذولة وآدابهم المفسودة يدفعهم الله إلى جهنّم، في النار خالدين إلى الأبد، ويخرج من أفواههم الدخّان.
فقد قلنا الآن وذكرنا الجبال والأطوار النجسة الخاطيه، التي ينظر الربّ إليها، فتصير دخّانًا في جهنّم، وهو ابليس وجنوده، وديقليظيانوس ومَن يشبهه من الملوك الملاعين والجبابرة العاتيين، والأساقفة، والقسّيسيين المخالفين في الأمانة.
وهناك أيضًا أطوارًا مقدّسة طاهرة، كما قال داوود النبيّ في المزمور.
إنّ [٧٣/ ٣٧جـ] الأطوار تهلك، أمام وجه الربّ؛ لأنّه يأتي فيدين الأرض.
فهاولا الأطوار التي يعنيها الآن أنّها تتهلّل أمام وجه الربّ، عند اتيانه ليدين الأرض، هم الأنبياء، والحواريون، والرسل، ومؤدّبو الكنيسة الأطهار، هم الذين يهلّلون في المجيء الثاني للدينونة.
فلذلك يقول حزقيال النبيّ: «إنّني أحكم بين كبش وكبش، وبين كبش وحمل».
فإنْ سمعت مثل هذا، فلا تظنّ بالله أنّّه يحكم بين الكباش، الدي لا نطق لها، ولا علم عندها، كلاّ! لأنّه - سبحانه اعنا [٧٤/ ٣٧ظ] بالكباش التي ذكرها، على فم نبيه، أنّهم الناس العلمانيون الذين يدينهم، مع أصحابهم.
يقيم الله هابيل، الذي صار حملاً طاهرًا، من قِبَل أفعاله، وأفعال أخيه، هذا الذي صار كبشًا ملعونًا، بأفعاله الملعونة، وينكر على قائين كيف لم يكن قدّيسًا مثل هابيل أخيه.
ويقيم إبراهيم ولوط الدين صاروا كاملين طاهرين بفعالهم الحسنة، مع أهل سادوم وغامورا، ويقول لهم: «كيف لم تكونوا صدّيقين مثل إبراهيم ولوط، الدين كانا ساكنين بين أظهركم، في الأرض.
ويقيم يعقوب هذا الذي صار حملاً طاهرًا [٧٥/ ٣٨جـ] بفعاله المستحسنة، ويقيم العيص أخاه، الذي صار كبشأ مدحوضًا ، وينكر عليه إذ لم يعجبه مثل يعقوب أخيه من أُمّه وأبيه.
يقول أيضًا: «إنّه يحكم بين كبش وكبش».
فالكباش، على ظاهر الأمر، هم الأقوياء، وهم أرفع من النعاج؛ لأنّك تجد قرون الكباش مباينة لقرون النعاج.
كذلك أيضًا ملوك الأرض هم في العزّ اعلا من الناس كلّهم؛ فهم الذين يعنيهم أنّه «يحكم بين كبش وكبش».
ويقيم داوود الحمل الطاهر، هذا الذي صار ملكًا قدّيسًا، ويقيم شاوول [٧٦/ ٣٨ظ]، الذي صار كبشًا ملعونًا، وملكًا فاجرًا، وإنّ الله لينكر على شاوول، ويقول له إنّ كيف لم يكن صدّيقًا مثل داوود، وحفظ وصايا الربّ، وصار ساجدًا له، وممجّدًا لاسمه المقدّس، ليلاً ونهارًا، وأدّب الشعب، الذي هو مَلَك عليه، ليسبّح، ويسجد لله. ووقع شاوول في يديه مرارًا كثيرة، فلم يقتله، لكنّه تركه لله. وشاوول حاد عن سبيل الله المستقيمة، ولم يحفظ وصايا الربّ، بل قتل كهنته، وطرد داوود، وحاول قتله.
ويقيم أيضًا آحاز [٧٧/ ٣٩جـ]؛ لأنّه ترك عنه ربّه، الذي خلقه، وصنع أصنام للشياطين، وأقامهم، وعبدهم كمثل آلهة، ونجّس هيكل الربّ بالأصنام، وترك الشعب كلّه، الذي هو ملك عليهم، يعبدون الأصنام مثله. وهشّم ابنه حزقيا الأصنام التي أقامها أبوه، وفتح أبواب هيكل الربّ، وترك الشعب، الذي هو ملك عليهم يعبدون الربّ، بمسرّة، ورفضوا بالأصنام.
ويدين الله أيضًا رجبعام [رحبعام] ابن عبد، وآحاب، وكلّ مَن هو مثلهما، الكباش الملاعين، الذين تركوا الله، وصنعوا لهم آلهة، عجاجيل [جمع: عجل] وأصنامًا كثيرة، وأقاموها، وعبدوها، [٧٨/ ٣٩ظ]، إنّها عندهم آلهة.
تركوا عشرة الأسباط التي لإسرائيل الداخلة في ملكهم، أنْ يتركو عنهم عبادة الله، ويعبدوا الشياطين.
فالربّ الآن يحكم بين هاولا الكباش الملاعين، وبين يوسيا الحمل الطاهر؛لأنّ هاولايك تركو الله عنهم، ويوسيا عمل الصلاح، أمام الربّ، وهشّم الأصنام التي أقاموها، وأحرقها بالنار. وترك الشعب كلّه، الذي هو ملك عليهم أنْ يخافوا من الربّ ويعبدوه، بكله قلوبهم، بحقّ ومسرّة.
فالله القادر يدين كلّ جيل الملوك الملاعين، مع شعوبهم الملاعين [٧٩/ ٤٠جـ]، الذين تركوا الله عنهم، ورفضوا بوصاياه، ويدفعهم إلى جهنّم، إلى الأبد. والملوك الصالحين، وشعوبهم الأطهار معهم، يدفعهم إلى الملكوت الأبديّة.
ويحكم الربّ بين الأنبياء الصادقين وبين الأنبياء الكاذبين؛ لأنّ الأنبياء الصادقين تنبوا صدقًا باسمه، وخاصموا كلّ أحد؛ لكي يحفضوا سبل الربّ. والأنبياء الكذبة تنبوا بالكذب، وضلّوا أُناسًا كثيرة عن السبل المستقيم [سيك). وأنبياء الحقّ يكونا [سيك] بكرامة في الملكوت، والأنبياء الكذبة يكونون بمهانة في جهنّم خالدين.
ويحكم الربّ أيضًا بين الحواريين [٨٠/ ٤٠ظ] الاثني عشر القدّيسين، وبين الاثني عشر سبط إسرائيل.
كذلك يقول الربّ: «إنّه عند جلوس ابن البشر على كرسي مجده، سيجلسكم أنتم أيضًا على اثني عشر كرسيًا؛ لتدينوا اثني عشر سبط إسرائيل».
فإنْ سمعتم هذا فلا تظّنوا أنّ الحواريين يجلسوا على كراسي من خشب، أو كراسي من حجارة، أو من ذهب، أو من فضّة، أو غير ذلك، لا يكون ذلك في المجيء الثاني الذي لربّنا يسوع المسيح، ولا يجلس أحدًا مع ابن الله، إلاّ الآب وروح القدس.
فأمّا أهل السماوات والأرض، ومن هو في التخوم [٨١/ ٤١جـ] السافلة سيركعون، ويسجدون للثالوث المقدّس.
فالكراسي التي اعنا بجلوس الحواريين عليها هي أنْ يكونوا في مجدًا يفوق العقول بكرامة من مجد ابن الله، في يوم الدينونة، ويقيمون في هذا المجد، وفي هذه الكرامة، إلى الأبد، إذ ليس في سائر [+ ويكشط الاجساد؟] القدّيسين، ولا الصالحين من هو أقرب إلى الله من الحواريين الأطهار، وكذلك مَن يشبههم، ويعمل علم قوله لهم: «إنّكم تدينو اثني عشر سبط إسرائيل»، لكرامتهم.
كما قال عن أهل نينوا: «إنّهم يقومون، فيدينون هذا الجيل»، يعني بني إسرائيل العتاة، الذين لم يقبلوه [٨١ب/ ٤١ظ]، بل رفضوا به، وصلبوه.
فواحد هو الآن الديّان، وهو الابن الوحيد، باتّحادًا من الله، ومن الروح القدس، كما يقول پولس السليح رسول الحقّ.
وهأكدا أيضًا يقول ربّنا: «إنّ الآب لا يدين أحد، لكنّ القضاء كلّه أعطاه للابن».
وقوله أيضًا للحواريين: «إنّكم تدينون الاثني عشر سبط»، هو هاكدًا، أيْ أنّهم من جنس إسرائيل، وأنّهم كانوا قومًا فقراء، ليس لهم ذلك الجدل، ولا ذلك اللسان المنطلق، فآمنوا بالمخلّص المسيح، وأحبّوه، بكلّ قلوبهم، وبأعمالهم الصالحة، أعادوا العالَم من عبادة الأصنام إلى نور الإيمان [٨٢/ ٤٢جـ] بالله ومعرفته، وإلى الأعمال الصالحة.
واليهود الذين كانوا معلّمي الناموس، ويدرسون كُتُب الأنبياء، في كلّ السبوت، فلم يقنعهم تركهم الأمانة بالمسيح، على ما في كُتُبهم، لكنّهم تغتوا [؟] على صلبه على خشبة، وقتله.
فلهذا قال ربّنا المسيح لليهود الملاعين: إنّ الحواريين يدينونهم، معنى ذلك أنّهم آمنوا بي، وأنتم جحدتموني، وهو أحبّوني، وصنعوا مسرّتي، فلذلك اليهود يذهبون إلى جهنّم، المكان الذي فيه ابليس وجنوده، إلى الأبد.
ويدين الله أيضًا الملوك المسيحيين، ويحكم بين مَن صنع فيهم أوامره، وحفظ وصاياه [٨٣/ ٤٢ظ]، وبين مَن رفض بذلك، وتركه عنه متمّم.
ويحكم الربّ أيضًا بين الأساقفة الملاعين، الذين رعوا قطيع المسيح، بظلم، ولم يعلّموهم إنهاج السبل الصالحة، وبين مَن حفظ أوامر الربّ، وعلّم الشعب حفظ وصاياه، وعمل بطاعته، في يوم الدين، وينكروا على مَن خالف ولم يحفظ.
وكذلك يحكم بين الكهنة السوء، وبين الكهنة الصالحين.
ويحكم أيضًا على الرهبان السوء، الذين نجّسوا أجسادهم بالزنا، وتفرّغوا لعمل الأعمال الزائلة، ومالوا إلى السُكْر، وكسلوا عن عبادتهم، وينكر على هاولاء من قِبَل الرهبان الأخيار [٨٤/ ٤٣جـ] الأطهار، الذين تموا عبادتهم بطهارة، وعبادة كثيرة، تامّين في كلّ فعالهم.
والذين قلناه للآن إنّما هو عن ما قيل: «إنّه يحكم بين كبش وحمل، وبين كبش وتيس».
ويجب أنْ نقول أيضًا ما قيل: «إنّه يحكم بين كباش وكباش».
معنى ذلك أنّه يدين من العلمانيين والنساء من مَن مات، وهو في أنواع كثيرة من الآثام.
فمنهم مَن مات، وليس فيه رحمة، ومنهم مَن مات في زناه، ومنهم مَن مات في فسقه، ومنهم مَن مات في نميمته، ومنهم مَن مات وهو نجس، في مضاجعتهم للذكور، ومنهم [٨٥/ ٤٣ظ] القتلة، ومنهم السرّاق، ومنهم مَن مات في ظلمة وغشمة، ومنهم مَن يغتاب صاحبه، ويبغض بعضهم بعضًا، وليس فيهم رحمة.
وأقول بحقّ، وأقطع أنّ الله يدين الخاطئين كلّهم، من قِبَل الصالحين، ومن قِبَل الرحماء الصدّيقين، ومَن حفظ جسده بالطهارة، وعمل الأعمال الصالحة.
فلهذا الصالحون والقدّيسون هم بنو الله، كما قال الإنجيل المقدّس، وإنّهم سيسبّحون بتسبحة الظفر مع جنود السماء كلّهم.
عند ذلك يُدْخِل المسيح، ينبوع الحياة، الصالحين كلّهم هديّةً لأبيه، ويرثون ملكوت الله [٨٦/ ٤٤جـ]، بمعنا أنّهم بنوه، وكلّ واحدًا نهم يكون في مجده كمقدار فعاله الحسنة، وأعماله البهيّة.
والخطأة والأثمة المذنبون يكونون في أسافل جهنّم، إلى الأبد، كما هو مكتوب في الإنجيل المقدّس: «إنّ اثنين يكونان في الحقل، فواحد يؤخَذ، وآخر يُتْرَك».
فواجب علينا أنْ نعرف من هم هذان الاثنان اللذان اعناهما الإنجيل الطاهر: إنّهما في مكانًا واحد، فيؤخَذ أحدهما، ويُتْرَك الآخر.
فالحقل هي الدنيا، والاثنان اللذان فيه فهما رتبتا الإنسانيّة، وإنّ إحدى الرتبتين الصالحين كلّهم، والأخرى هم الخطأة [٨٧/ ٤٤ظ] كلّهم.
والمكان الذي يؤخَذ نعلم ذلك من قول الإنجيل المقدّس للأطهار، الذين يُصْعَد بهم إلى السماء، وإنّهم إحدى الرتبتين.
والمذنبون فهم الرتبة الاخر الذين يتركونهم في جهنّم إلى الأبد.
يقول روح القدس في داوود [+ - مزمور RM6] النبيّ هاكدى: «إنّ الله ليعلي الجزائر».
معنا أنّه يمضي بالقدّيسين إلى السماء، وينكّس الخاطئين إلى أسافل الأرض. معنا ذلك أنّه يدخل الآثمين جهنّم، يكونون فيها خالدين.
يقول أيضًا سيّدنا والاهنا يسوع المسيح في إنجيله المقدّس: «إنّ اثنين على سريرًا واحد [٨٨/ ٤٥جـ]، فواحد يؤخَذ، وآخر يُتْرَك».
ولم يقول ذلك بسبب الدكك والأسرّة، التي ترقد الناس عليها، لكنّه - سبحانه - اعنا بذلك الأغنياء، والسرير فهو الغنا، والاثنان اللذان هما على السرير، الواحد فهما غنيّان يكونان في مدينة واحدة، وقرية واحدة، يكون أحدهما حنون رحيم، يفرّق على الضعفاء، ويعطي الفقراء، ويحفظ وصايا الربّ، ويعمل بها، وإنّ في يوم الدينونة سيؤخَذ، معنا ذلك إنّ الله يدخله إلى الملوك.
والآخر إذا كان لا رحمة فيه ولا خيرًا [٨٩/ ٤٥ظ] عنده، بل يكون ظلومًا غشومًا جامعًا للأموال على الأموال، فهو مذنب كتير الخطايا، سيُتْرَك، كما قال، معنا ذلك أنّه يُتْرَك في يوم الدينونة، في جهنّم، إلى الأبد خالدًا.
يقول أيضًا ربّنا في إنجيله المقدّس: «إنّ اتنين تطحنان في طاحونة واحدة، فواحدة تؤخَذ، واخر تُتْرَك».
معنا ذلك أنّ الطاحون هو الفقر؛ لأنّ الفقراء هم طول أعمارهم يطحنون، فإذا كان فيهم قوم يخافون الربّ، ويشكرونه، من كلّ قلوبهم، على فقرهم، ويحفظون أجسادهم من دنس الزنا، ويبتهلون إلى الله، على قدر طاقتهم [٩٠/ ٤٦جـ]، فهذا الفقير الواحد يدخلهم يوم الدينونة إلى ملكوت السماء، كما هو مكتوب: «إنّ واحدة تؤخَذ»، وهم الفقراء الرحماء الشاكرون الصالحون، الصابرون على فقرهم، بشكرهم عليه لربـّهم.
والواحدة الأُخرى الدي ذكر أنّها تُتْرَك، فيجب علينا أنْ نعرف من هي التي تُتْرَك، وفي أيّ مكان تُتْرَك؟ الذي يقوله هو هاكدًا: «إنّه إذا كان قومًا من الفقراء لا يشكرون الربّ على فقرهم، بل يكونوا زناة، ولا يبتهلون إلى الله بقوّتهم، فإنّ هذه الفرقة من الفقراء يتركها الله في جهنّم [٩١/ ٤٦ظ؛ هذه الصفة ملصوق عليها carta velina ولكنّها مقروءة] خالدة إلى أبد الأبدين، في يوم الدينونة، كما هو مكتوب: «إنّ واحدة تُتْرَك».
لكن هناك قومًا يقولون: «إنّ كيف إذا أذنب الإنسان زمانًا قريبًا يُتْرَك في جهنّم إلى الأبد؟ وإنّ كيف يكون هذا حكم حقّ، ودينونة عدل؟».
فنحن الآن نجيب هاولا القائلين لهذا القول المغشّ للحقّ: إنّ ابليس الذي أضلّ آدم وحوّاء هو أيضًا الذي أضلّكم، وأعطاكم قساوة هذه القلوب؛ حتّى لا تؤمنوا بما قاله الربّ في الكُتُب المقدّسة.
وأقول لكم بتحقيق ذلك: إنّه إذا متنا [٩٢/ ٤٧جـ] في ذنوبنا، سنُجْعَل في جهنّم خالدين فيها. وأنا أحضر لكم الاستشهاد من قِبَل آدم أوّل البشر، وحوّاء زوجته، إنّه بسبب وصيّة واحدة خالفا فيها، وقلّ استماعهما، ولم يحذراه لكنّهما عصياه فيها، وأُخْرجا من الفردوس، وحصلا تحت حتف [؟] الموت، وحكمه، وتحت الفساد، والعين، وملكهما الموت، بقلّة استماعهما، ومن قِبَلهما دخل الموت إلى جنس البشر، وصاروا تحت حكم الموت، وأجسادهم تفسد، وتستحيل إلى اليوم الأخير، فيقيمهم الله مرّةً اخرا [٩٣/ ٤٧ظ] في يوم الدينونة.
فإذا كانت لقلّة الاستماع من وصيّة واحدة لحق آدم وحوّاء هذا التعب العظيم، هاكدًا وجميع جنسهما معهما، فماذا يصنع بمن كفر، ليس بوصيّة واحدة لكن بجميع الوصايا، التي سمعوها من الناموس، ومن الأنبياء، ومن الأناجيل، ومن وصايا الحواريون الأطهار، والقدّيسين بعدهم، والتابعين لهم.
وكما أنّهم كفروا بجميع هذه الوصايا، فحقّ واجب عليهم أنْ ينزلهم الله إلى جهنّم، خالدين فيها.
والذين آمنوا به، وعملوا بوصاياه، وأتبعوا مرضاته باتّباعهم [٩٤/ ٤٨جـ] أوامره، وصنيعهم مسرّته، وإرادته، سيصعد بهم السماوات، ويرثوا ملكوته إلى أبد الآبدين.
فلأجلنا هبط من السماء، وصار إنسان، وتألّم، وأُرْذِل، ورُفِع على الصليب، ومات بناسوته، وانبعث من بين الأموات.
فمن أجل قبوله الموت، وانبعاثه، منحنا التشبّه به، من غير موت، فيما بعد؛ لنكون بمعنا حسن صورته المقدّسة، ويمضي بنا إلى السماء، مكان أبيه.
والذين أظلمت قلوبهم، وعميت أبصارهم، ولم يومنو به، ولا عملوا بوصاياه، لكنّهم التفتوا إلى فعل ما هو زائل، ورفضوا وحدهم بجنونهم، [٩٥/ ٤٨ظ] وحصلوا على فعال ابليس، وصانعي مسرّته، وتبعوا إرادته، وإراد جنوده.
فمنهم مَن يدخل إلى الحنيفيّة، ويميل إلى ما لا يدريه، ومنهم مَن يذهب إلى شريعة، ويميل إلى مقالة مدحوضة، وإذا خوطبوا على ذلك، لم يرتّدوا، ولم يودو الاستماع من أحدًا، لكنّهم يقيمون في العثرة، البي وقعوا فيها، والضلالة التي دخلوا إليها، وسريرتهم مع ذلك تكابرهم عليها.
وقومًا أيضًا إذا ارتدّوا من شريعة، ولم يثبتوا في المقام المستقيم، لكنّهم يرجعون إلى ورائهم، كمثل الكلب الراجع في قيّه.
وقومًا أيضًا هم دهرهم لا [٩٦/ ٤٩جـ] يفترون من القتل، لم يرجعوا إلى الله، فيتوبو إليه، لكنّهم بقوا في عثرتهم إلى حين خروجهم.
وقومًا أيضًا نجّسوا أجسادهم بالزنا، ولم يتوبو إليه إلى أنْ ماتوا.
وآخرون أيضًا إنْ أقلعوا وقت ما، ثمّ يعودون إلى نجسهم، كمثل خنزيرًا، إذا عاد إلى وسخه.
وقومًا أيضًا صاروا لصوص هجّامين ظلمة، يكونون في اتامًا كثيرة، ولم يتوبو، لكنّهم ماتوا في ذنوبهم.
أفلا ترى الآن حكم الله ودينونته إنّه حمن حقّ، وقضاء عدل، في دفع هاولا إلى جهنّم، وتركهم فيها خالدين إلى الأبد؛ لاستماعهم من ابليس [+* واصا] واصطناعهم [٩٧/ ٤٩ظ] فعاله، واتّباعهم مسرّته، وإسخاطهم خالقهم، الذي دفع نفسه إلى الموت، بسببهم، محبّةً لهم، وشرّع لهم ملكوت السماء، فصاروا أعداءً له، يسخطونه بقبيح فعالهم، وشنيع أعمالهم.
فنحن الآن نرا أنّ حكم الله - شبحانه - ودينونته، حكم حقّ، وقضاء عدل واجب؛ إذ يدفع الذين هم هاكدي إلى جهنّم، إلى الأبد؛ لأنّه، إذا كان بسبب وصيّة واحدة، خالف فيها آدم وحوّاء، فسلّط الله الموت عليهما، وعلى ذرّيتهما، ولم يكتفي بألف سنة، ولا بخمسة آلاف سنة، ليرفع الموت عن الجنس كلّه، لكن بسبب الوصيّة الواحدة [٩٨/ ٥٠جـ] التي بمخالفة آدم، من ذلك اليوم الذي خالف فيه، استطعم البشر كلّّه الموت، بسبب مخالفة الوصيّة الواحدة، وإنّ الموت دخل الدنيا من اليوم الذي خالف فيه آدم، إلى اليوم الأخير، بسبب المعصية الواحدة، التي لم تُحْفَظ، ولم تكن هذه السنين كلّها أنْ ترفع الموت عنهم، فكم بالحريّ يجب على مَن خالف الوصايا كلّهاسيُدْفعون إلى جهنّم، إلى أبد الأبدين.
ثمّ نعود أيضًا إلى إعلامكم أنّه بحكم حقّ من الله - جلّ وعزّ - وعدل منه بدفع الخطأة إلى جهنّم، وبتركهم فيها خالدين إلى الأبد [٩٩/ ٥٠ظ]، ألم يقتل قائين هابيل أخاه، الذي يشاهده كلّ يوم، وأذهب بخبره من على الأرض، وابعث أخاه إلى أبواب الجحيم؟ فهل قدر على أنْ يقيمه؟ أو لم يمحي حيوته من على الأرض إلى الأبد؟
وكيف لا يكون هذا حقًّا أنْ يكون هذا قائين القاتل لأخيه، في جهنّم، إلى الأبد.
وهاكدي أيضًا القتلة كلّّهم، الذي محو حيوة الناس من على الأرض، إلى الأبد.
وإنْ كانوا قدروا على أنْ يقيموا من قتلوه، ويعيدوه إلى حيوة الدنيا مرّةً أُخرى، فإنّ الله يعيد القتلة من جهنّم، على قدر كلامهم، ويعيدهم من حهنّم إلى الحياة [١٠٠/ ٥١جـ] الأبديّة.
فلذلك بحكم حقّ من الله - سبحانه - أنْ يترك الآثمين في جهنّم، إلى الأبد، خالدين، يُعَذّبون فيها، لأنّههم الذين عذّبون أصحابهم بالقتل.
هاكدي أيضًا الزناة الذين دنّسوا أجسادهم إلى آخر يوم مدّتهم، وأنفيهم إلى أزواج الزناة، وجعلو أعظاوهم [أعضاءهم] الطاهرة بالمسيح أعضاء للزناة، وتركوا عنهم الطهارة.
فلماذا لا يكون دفع هاولاء إلى جهنّم بحقّ، إلى الأبد؟
وكذلك أيضًا الذين معهم الأموال، ولا يصرفوها في البرّ، بعين رحمة غنيّة، لكنّهم يشاهدون [١٠١/ ٥١ظ] الفقراء، بضيق شديد، ويسمعون منهم أصوات خفيفة، لما هم فيه من المسكنة، فلا يعينوهم، ولا يرحموهم، لكنّهم يتربّصون على الأموال إلى آخر يومهم، بغير رحمة، وتركوا الفقراء الذين هم أبناء الله، في ضيق الفقر، وعدم القوت.
فلماذا لا يكون حقًّا أنْ يُدْفَع هاولا إلى جهنّم، خالدين فيها؟
كذلك أيضًا الظلمة الغاصبين الذين قهروا البائس، وأخذوا أموال الناس، ولم يعيدوها عليهم، إلى آخر عمرهم، ولا أوصوا بدفعها لهم.
وكذلك أيضًا مَن جحد دين ربّنا المسيح [١٠٢/ ٥٢جـ] والأمانة، وذهبوا إلى مقالات عدّة، فواجب أنْ يجحدهم الربّ، ويذهبوا إلى جهنّم، إلى الأبد.
وكذلك كلّ مَن يذنب ويأثم إلى آخر يوم من عمره، ويموت من غير توبة، لكنّه يسخط الربّ دائمًا بقبيح فعاله.
فلماذا ليس هو حقّ أنْ يذهب هاولاء إلى جهنّم، خالدين فيها، إلى الأبد؟
فأنا أدعوكم ، وأتلطّف بكم، وأرغب إليكم، معشر مَن هو في الخطايا أنْ تتوبوا توبةً طاهرة، مقبولة، وتدعوا إلى الله من كلّ قلوبكم، ليلاً ونهارًا، أنْ [١٠٣/ ٥٢ظ] تكونوا باغضي الذنوب كلّهل، وجميع النجس، وأنْ تفعلوا أفعال مسيحيّة لله.
فإنّكم إنْ فعلتم ذلك سيقبلكم الله الذي يريد نجاة كلّ البشر، وتفرح بكم كلّ جنود السماء، على عودتكم.
وهأكدا أرغب، وأضرع إلى كلّ مَن أذنب من قبل هذا اليوم بأنْ لا ينقطع عن التوبة، والابتهال، بخشوع من قلبه ، ويقيم من نفسه يدعوا إلى الله - سبحانه - بتسابيح، يرجو أنّ الله يقبله.
فإنّ زناة كثيرين، وعشّارين، وقتلة، وآثمين، رجعوا إلى الله [١٠٤/ ٥٣جـ]، وتابو إليه، بدموع، وفعال تامّة للتوبة، أرضو بها الربّ فقبلهم الله، وأحبّهم.
فنحن نذكر هاولاء، يا أحبّاي، ونتكلّم بها مع أصحابنا، بتثبيت، وتصحيح، بزفكار حسنة، وأفعال مقبولة، أمام الربّ.
الربّ أيضًا يقيمنا في اليوم الأخير، الذي للدينونة، مع القدّيسين ، ويعيلنا في ملكوته السماييه، ليتمّ علينا كلام النبيّ المكتوب هاكدا: «يسرّ الربّ بأفعالنا كلّها».
فالمسيح ربّنا - له المجد، والكرامة، والعظمة، مع الآب [١٠٥/ ٥٣ظ]، والروح القدس المحيي المتّحد به من قبل الأزمان، إلى أبد الآبدين، ودهر الداهرين. آمين
نجز الميمر
الذي وضعه الاب القديس ماري يوحنا اسقف البرلس من اجل قيامه الموات وبعتهم ويوم الدين بسلام من الرب.امين امين
والسبح لله دايمًا ابدًا
وكان الفراغ منه يوم الخميس الثامن عشر من برموده سنة تسعايهاربعه وتلتين للشها الاطهار
برسم خزانه الاب الاوحد الفاضل العالم [١٠٦/ ٥٤جـ] [من هنا أحمر] المعلم القس المكمل بالحمن ابو البقا [إلى هنا أحمر] ابن الاب الطاهر والجوهر الفاخر الاب القديس اسقف مدينه دندره
وما معها نيح الله نفسه وزرقنا بركاته امين
رحم الله من قرا ودعا لناسخه بالرحمه المسكين الفقير من الحسنات المملو من السييات دانيال ابن زخارياس اسقف مدينه قوص نيح الله نفسه ونيح انفس جميع ابنا المعموديه اجمعين
[وبغط مغاير] رحم الله القاري والمقتني والناسخ الخاطي امين
[١٠٧/ ٥٤ظ] [كتابة لاتينيّة بخط دقيق صغير]
120
Sanctii Joannei epice Priles De Resurrectione et mortione [?] mortuorum eudodie [?] dedicy
ثم ختم المكتبة
90 Arabo
تمّ النسخ في مڤ بحمد الله في العاشرة صباح الأربعاء، ٢٥ يناير ٢٠١٢، اهتداء القدّيس بولس، والذكرى الأولى لبدء الثورة الشبابيّة في مصر]
تمّ بحمد الله وضع هذا النصّ على المدوّنة كباكورة للنشر على الانترنت، وأقدّم الشكر للمهندس صموئيل سليمان على إعداد المدوّنة.
الاثنين، ٤ يوليو ٢٠١٦
No comments:
Post a Comment