الأخ وديع الفرنسيسكانيّ
«الإشارات الكتابيّة في سيرة أثناسيوس العربيّة»
Awad WADI
Biblical allusions in the Arabic life of St. Athanasius
2016
http://wadiawad.blogspot.com.eg/
ملحوظة: لتحميل النسخة pdf اضغط على الرابط:
https://goo.gl/dCAl3G
مقدّمة
منذ بداية إقامتي في المركز الفرنسيسكانيّ للدراسات الشرقيّة المسيحّة (الأوّل من يونيو ١٩٨٦) لفت نظري مخطوطٌ يتضمّن سيرة القدّيس أثناسيوس الرسوليّ (٣٧٣)، ويحمل رقم ٤٦ من مجموعة المركز. وبعد الانتهاء من العمل في تحقيق «مجموع أُصول الدين ومسموع محصول اليقين» للمؤتمن بن العسّال، ودراسته (طُبِع هذا العمل في خمسة مجلّدات، بين السنوات ١٩٩٧ و١٩٩٩، بهمّة الأب ليبيرو كروشاني)، عكفت على تحقيق هذه السيرة، وانتهيت منها في السابع عشر من اغسطُس ١٩٩٥. بعد ذلك لفت نظري الصديق الدكتور وهيب قزمان، مشكورًا، باحتفاظ دير الأنبا أنتونيوس بالصحراء الشرقيّة بقرب البحر الأحمر بنسختَين من السيرة.
أُدرج في هذه النشرة الورقة المتبقيّة من ترجمة قديمة لسيرة القدّيس أثناسيوس، مختلفة عن الترجمة المنشورة هنا، وأنشر نصّ هذه الورقة كما هو، في مكانه الموافق له، ببنط أسود Bold، في الفصل الثالث، الخاصّ بهرب القدّيس أثناسيوس إلى مدينة أخميم، بصعيد مصر (محافظة سوهاج حاليًا)، وتنكُّره في ثياب عامل، الأرقام ١٠١-١١٥. وكان المرحوم القمُّص متّى المسكين، باعث نهضة الرهبنة القپطيّة، في العصر الحديث، قد نشر النصّ، وأورد صورة له، في كتابه «حقبة مضيئة في تاريخ مصر، القدّيس أثناسيوس الرسوليّ البابا العشرون (٢٩٦-٣٧٣م)، سيرته، دفاعه عن الإيمان ضد الأريوسيين، لاهوته» (وادي النطرون، دير أنبا مقار، ١٩٨١، الورقتان الثانية والثالثة بعد العنوان، ص ١٩-٢٤). وتحوي الورقة كلمات يونانيّة فوق الكلمات العربيّة، وقد أوردتها في النشرة بين قوسَين مربّعين مسبوقة بعلامة الإضافة فوق السطر [±]. وحالة الورقة غير جيّدة، وقد تعرّضت لترميم، ولكن الكتابة مقروءة. ويعتقد القمُّص متّى المسكين (ص ١٨) أنّ الورقة تعود إلى القرن الحادي عشر، أو الثاني عشر. وأشكر نيافة الأنبا ابيڤانيوس اسقف ورئيس دير أنبا مقار العامر لمنحي صورة جديدة للورقة، وسماحه باستخدامها ونشرها.
مخطوطات النشرة
١) القاهرة، المركز الفرنسيسكانيّ للدراسات الشرقيّة المسيحيّة، رقم ٤٦، ورمزه م
٢) البحر الأحمر، دير الأنبا أنتونيوس، تاريخ ١٨٣، رمزه أ
٣) البحر الأحمر، دير الأنبا أنتونيوس، تاريخ 126 ( قديم ١٠٨)، رمزه ب
4) وادي النطرون، دير أنبا مقار، الورقة ١١٩جـ-١١٩ظ، الرمز أنبا مقار
مخطوطات أُخرى لسيرة القدّيس أثناسيوس
١) البحر الأحمر، دير الأنبا پولا، تاريخ٧٥، ٢٢٣/ ١٠٩، ٧٥/ ٧٥أ٣١ت، ورقة ١٣٩-١٥٥
٢) البحر الأحمر، دير الأنبا أنتونيوس، تاريخ ١٢٢
٣) القاهرة، كنيسة ابو سرجه، تاريخ
الإشارات الكتابيّة حسب ورودها في السيرة
سأحاول كلّما سمح السياق الإشارة إلى التشابهات بين الآيات الواردة في السيرة وترجمة ڤان دايك.
ليس في مخطوطات السيرة أيّة تقسيمات، وقد قسّمتها إلى ثمانية فصول، بترقيم متتابع للفقرات، وبعد النصّ العربيّ كلّ فقرة متبوعة بالنصّ القپطيّ إذا وُجِد، لأنّ هذا النصّ وصل إلينا في شذرات وهناك نصوص كثيرة ساقطة، ويعود الفضل في تجميعها ونشرها إلى العلاّمة تيتو أُرْلَنْدي. يدور الفصل الأوّل في السيرة حول سنوات القدّيس الأُولى، والثاني حول سنوات الپطريركيّة الأولى، والأخير حول السنوات الأخيرة، والخمسة الباقية يدور كلّ منها حول واحد من مرّات النفي. ومن الملاحظ أنّ الإشارات الكتابيّة في سيرة القدّيس أثناسيوس كثيرة جدًّا، وتستند على أرضيّة النظر إليه كـ«رسوليّ»، وهي صفة ترد في الأصل القپطيّ الصعيديّ للسيرة العربيّة، ولكن لا ترد في تاريخ روفينُس (ولكنّه يشير إلى أنّ الرهبان في عهد القدّيس شابهوا الرسل، وأُضيف أنا: فكم بالأحرى هو)، ولا ترد في «السيرة الناقصة البداية» Historia acephala ولا في المؤرخين الأقدمين.
يعرض الفصل الأوّل سيرة أثناسيوس قبل الپطريركيّة. في المقدّمة (٢) هناك إشارة أنّ أثناسيوس «أكمل سعيه الحسن» {انظر٢ تيموثاوس ٤، ٧}، وهنا نرى تشبيه أثناسيوس بالقدّيس پولس. ومن الملفت للنظر أنّ كلمتين في هذا النصّ تردان في ترجمة ڤان دايك Van Dyke، وهما «السعي»، و«الحسن». بعد ذلك بقليل (٣) هناك إشارة پولسيّة أُخرى {انظر رومانيين ١٣، ١٢}. وتنتهي المقدّمة (٤) بدعاء أنْ نكون من خراف المسيح الموضوعين على اليمين {انظر متّى ٢٥، ٣٣}، ويطلب المؤلُّف الحصول على الإضاءة للكتابة، مع داود في مزموره «أنت، يا ربّ، تضيء سراجي، إلهي تنير ظلمتي» {مزمور ١٨، ٢٩}. ونشير هنا أيضًا أنّ النصّ قريب جدًّا من ترجمة ڤان دايك. في طفولة القدّيس (٨) هناك إشارة إلى اختيار الشاب أثناسيوس كما اختار الله الشاب داود للمحاربة من أجل الإيمان {انظر ١ صموئيل ١٧، ٥٥-٥٨؛ ١٨، ٢). وهنا نرى أنّ مؤلِّف السيرة غير دقيق في ايراد قصّة الشاب داود، لأنّه يؤكّد أنّ شاول «أرسل خلف يسى» يطلب بقاء داود. والنصّ الكتابي يشير فقط إلى سؤال شاول عن داود «ابن من هو؟». ونجد طلب شاول من يسّى أن يبقي داود معه يرد في سياق آخر، وهو الذي ينطبق عليّ كلمات شاول: «فأرسل شاول رسلاً إلى يسّى وقال له: أرسل إليّ داود ابنك الذي مع الغنم» (١ صموئيل ١٦، ١٩). ثم هناك (١٢) إشارة إلى الاختيار المسبق كاختيار ارميا { انظر ارميا ١، ٤-٥}. وباختياره (٢٣) يغدو أثناسيوس أبًا لأُمم كثيرة كابراهيم أبي الآباء {انظر تكوين ١٧، ٤-٥؛ رومانيين ٤، ١٧}. وفي نمو الشاب أثناسيوس في النعمة، تحت قيادة البابا ألِكْسَنْدْرُس (٣١)، يكون مثل الشاب صموئيل في بيت الربّ {انظر ١ صموئيل ٢-٢٥}. ونقابل هذا التشبيه كذلك في سيرة القدّيس پِطْرُس خاتم الشهداء. وبعد رسامة أثناسيوس أنَجْنُسْتُس (في النصّ «اغنسطس») (٣٣-٣٦) يجري أولى معجزاته، وتدخلنا هذه المعجزة في بداية البشارة الرسوليّة، عندما قام الرسولان پِطْرُس ويوحنّا بشفاء مقعد أمام هيكل اورشليم {انظر أعمال ٣، ١-١٠؛ انظر كذلك معجزة لپولس في أعمال ١٤، ٨-١٠}. ونرى مسار المعجزة يتشابه مع معجزة الرسولين، ويضيف نصّ سيرتنا أنّ صاحب المعجزة كان «يعدو مثل الغزال». ومن معجزة الشفاء لشخص واحد تنقلنا السيرة (٣٥) إلى معجزات شفاء جماعيّة كالمعجزات التي جرت على يد القدّيس پِطْرُس {انظر أعمال ٥، ١٥-١٦}. وتعقِّب السيرة على هذه المعجزات بقول المؤلِّف (٣٦): «واعلموا هذا: إنّني لم أغلط في ما تقدّمت به من القول عن أنبا أثناسيوس، لأنّي قلت: إنّه رسوليّ؛ فإنّي عاينت العجائب، التي كانت منه؛ فإنّ أفعاله التي فعلها كأفعال الرسولَين پِطْرُس ويوحنّا». وينتهي الفصل الأوّل (٣٩-٤٢) بمعجزة للقدّيس أثناسيوس، بها إشارة كتابيّة واحد، وهي تشبيه الغنيّ الظالم بفرعون (٤٠) {انظر خروج ٥، ١-٢}، ويمكن أنْ نرى في المعجزة إحالات على مواضيع كتابيّة، مثلاً تعدّي الملك أخاب على كَرْم نابوت، وتدخُّل ايليا (١ ملوك ٢١)، وكذلك موت حنانيا وسافيرا بسبب بخلهما، في سفر أعمال الرسل (أعمال ٥/ ١-١١). وبشكل عام الكتاب المقدّس ممتلئ بتدخلاّت وتنديدات رجال الله ضدّ الظلم الذي يقع على الفقراء ونهاية الظالمين المأساويّة (مثلنا الشعبيّ: «لكلّ ظالم نهاية»).
في الفصل الثاني الخاصّ بسنوات الپطريركيّة الأُولى هناك قول للمسيح (٤٨) بخصوص الاختيار: «كلّ غرس لا يغرسه أبي السمائيّ يُقلَع» {يوحنّا ١٥، ٢}. وبشير النصّ إلى أنّ الله لم يختر للمُلْك الياب أكبر أبناء يسّى، بل داود الأصغر {انظر ١ صموئيل ١٦}؛ ولم يختر للبكوريّة روبيل (اقرأ: روبين) أكبر أبناء يعقوب، بل «اختار الله الغير من سبط بنيامين». وهنا الإشارة غير واضحة، قد تشير إلى ما ورد في سفر القضاة بخصوص اختيار إهود بن حِيرا البنياميني الذي قتل عِجْلون ملك مواب {انظر قضاة ٣، ١٥؛ ٥، ١٤)؛ وربّما تكون الإشارة إلى اختيار شاول البنياميني للمُلْك (١ صموئيل ٩، ١-٢}، ولا يكون التشبيه هنا موفّقًا لأنّ شاول بعد ذلك رُذِل. ربّما كان يجب الإشارة إلى تملّك سبط افرام ابن يوسف، وهو، وإن لم يكن الأصغر بين أبناء يعقوب فهو الابن قبل الأخير. بعد ذلك من جديد يعود النصّ إلى التأكيد (٤٩) أنّ أثناسيوس هو «خليفة الرسل الأطهار». ونقرأ في النصّ (٥٢) أنّ القدّيس أثناسيوس كان يعلِّم الشعب لثلاث وثلاثين سنة، وهذا الرقم ذو مغزى لأنّه يشير إلى عدد سني حياة المسيح، كما يُعْتَقد، وبخصوص الهراطقة (٥٥) هناك تذكير بقول داود في سفر المزامير {مزمور ٣٥، ٦} «إنّ طرقهم تكون ظلمة وزلقة عليهم، وملاك الله يطاردهم». ونرى ذات الكلمات الواردة في ترجمة ڤان دايك، وكذلك في الترجمة البيروتيّة اليسوعيّة. تلي إشارة أُخرى (٥٧) إلى سفر المزامير {مزمور ١٠٧، ٦-٧}. وبخصوص بشارة أثناسيوس يدعوه النصّ (٥٩) «ثالث عشر الحواريين» (وقد حُفِظ الأصل القپطيّ لهذه الجملة mpmeàmntéomte napostolos) . ولكي نبقى في مجال التشبيهات، نرى القدّيس أثناسيوس يُشَبّه بموسى النبيّ:هو «موسى الثاني» (٦٥، ٦٦)، وهناك تذكير بأمر موسى للشعب بعدم الاقتراب من الجبل ({انظر خروج ١٩، ١٢}، وتذكير بأمرٍ خاصّ بالدواب {راجع خروج ٩/ ١٩-٢١}. وهناك قصّة إقامة شاب من الموت كان يعمل في بناء كنيسة (٧٣-٧٩)، وليس بها إشارات كتابيّة، وقد نشير إلى إقامة المسيح لابن أرملة نائين (انظر لوقا ٧، ١١-١٧)، وإقامة پولس لشاب سقط ميتًا (أعمال ٢٠، ٧-١٢). وقصّص إقامة أموات يعملون في بناء الكنائس ترد في سير القدّيسين والشهداء. وتنتهي القصة بجملة من نشيد زكريا بعد مولد ابنه يوحنّا «وصرت لنا قرن خلاص!» {راجع لوقا ١/ ٦٩}. وتكتب ترجمة ڤان دايك والترجمة البيروتيّة اليسوعيّة القديمة «أقام لنا قرن خلاص»، أمّا الترجمة البيروتيّة اليسوعيّة الحديثة فقد كتبت «فأقام لنا مخلِّصًا قديرًا»، وأوردت اللفظ في الحاشية. ومن التشبيهات الأُخرى للقدّيس أثناسيوس (٨٢) أنّه «فنحاس الجديد» {انظر عدد ٣٥، ٧-١٠}. وبالعودة إلى ارتباط القدّيس أثناسيوس ببشارة الرسل نراه (٨٣) يعمِّد ثلاثة آلاف نفس، كعدد الذين تعمّدوا بعد بشارة پِطْرُس الأُولى {انظر أعمال ٢، ٤١}، وبجانب التعليم والتعميد، يقوم أثناسيوس بإخراج الشياطين (٨٤) تمثلاً بالمسيح (أماكن عديدة) والرسل {انظر متّى ٨، ٢٩}. وبقرب نهاية الفصل يعود أثناسيوس من منفاه (٨٧)، ويجري تشبيه هذه العودة برجوع داود منتصرًا من حرب ابنه ابشالوم «وكان في ذلك اليوم فرحٌ عظيم كمِثْل اليوم، الذي رجع فيه داود إلى محلّه، عند هروبه من وجه ابيشالوم ولده» {انظر ٢ صموئيل ١٩، ٣}. وهنا نلاحظ أنّ نصّ السيرة يتخطّى المقابل الكتابيّ، بل يتعارض معه؛ لأنّ داود لم يعد إلى اورشليم فرحًا بالانتصار، بل عاد حزينًا باكيًا: «وتسلّل الشعب ... كما يتسلّل الشعب الخجل، إذا هرب في القتال» (آيه٤). وقد وبّخ يوآبُ قائدُ الجيش داودَ على هذا التصرُّف (الآيات ٥-٧). ويورد النصّ مقولة لا أعرف مصدرها وهي تقابل المثل «الطيور على أشكالها تقع»: «إنّ الطائر يسكن عند الطائر مثله، وكمن يشبهه». وينتهي الفصل الثاني بموت ظالم (٨٩-٩٣)، وتتشابه قصّته بالقصّة الواردة في الفصل الأوّل، وليس هناك إشارات كتابيّة في القصّة.
ويدور الفصل الثالث حول عيش القدّيس أثناسيوس هاربًا متنكِّرًا في مدينة أخميم. في بداية القصّة يشير المؤلِّف إلى تواضع القدّيس أثناسيوس كمعلِّمه المسيح (٩٥) الذي هرب أمام اضطهاد هيرودُس {انظر متّى ٢، ١٣-١٥}. وفي إقامة القدّيس في صعيد مصر ماثل يوسف ابن يعقوب (٩٨-٩٩) الذي أعال مصر بعد أنْ كان عبدًا غريبًا {انظر تكوين ٣٩-٥٠}، وشابه كذلك «التلاميذ الأطهار (١٠١). ويدور قسمٌ من هذا الفصل حول خراب «پِرْبا» (معبد مصريّ قديم) (١١٠-١٢٤). والحوار الذي يدور في هذه القصّة (التي لا يجب أنْ نأخذها حرفيًّا؛ لأنّ الحرب غير الأدبيّة على الوثنيّة ومعابدها بدأت بعد أثناسيوس)، يشبه حوار التلاميذ مع المسيح بخصوص دمار هيكل اورشليم. وفي نصّ ورقة دير أنبا مقار (١١٣) يُشَبّه القدّيس أثناسيوس بـ«ايلياس الجديد»، والمقصود بـ«ايلياس» ايليا النبيّ الذي قضى على أنبياء البعل (انظر ١ ملوك ١٨، ٤٠). ويُشَبّه أثناسيوس كذلك بتابوت العهد (١١٩-١٢٠)، الذي سقطت أمامه آلهة الفلسطينيين {١ صموئيل ٥}، ولذا فالقدّيس هو «التابوت بالحقيقة غير الزائل». أخيرًا عندما جاء كهنة من الاسكندريّه يبحثون عن القدّيس، بعد أنْ أعلمهم القدّيس أنتونيوس أنّه هناك، قابلوه في الطريق «وعلى كتفه جرّة ماء» (١٣٢). ألا تذكّرنا هذه الصورة بقول المسيح للتلميذين اللذين ذهبا لإعداد مكان أكل الفصح: «فيلقاكما رجل يحمل جرّة ماء (مرقس ١٤، ١٣). ويُعْتَقَد أنّ حامل الجرّة هذا هو القدّيس مرقس، ابن أُسرة أصحاب علّيّة عشاء الفصح. وفي عودة القدّيس من المنفى إلى الاسكندريّه يجري استقباله (١٤٦) بـ«المباخر، وقلوب السعف، وأغصان الزيتون». وهذه ذات صورة دخول المسيح اورشليم (مع استبعاد المباخر بالطبع) {انظر متّى ١٢، ١-١٠}. والجملة الأخيرة في هذا الفصل تُنَبِر دون كلل على رسوليّة أثناسيوس: « لمّا جاز في وسط المدينة، صار المرضى متكاثرين عليه، حتّى أنّهم [كانوا] يتزاحمون عليه، ولو صار إلاّ ظلّه عليهم، [كانوا] يبرأون من سائر أوجاعهم، بقوّة السيِّد المسيح» {انظر أعمال ٥، ٢٥}.
يدور الفصل الرابع حول هرب القدّيس أثناسيوس واختبائه في ضواحي الاسكندريّة، ثمّ في دير طَفْنيس التابع للقدّيس پاخوميوس، وليس به أيّة إشارات كتابيّة.
ويدور الفصل الخامس حول نفي أثناسيوس الرابع، في جزيرة البربر. وفي بداية هذا الفصل (١٦٤) نقرأ جزءًا من نشيد پولُس الانتصاري «أين شوكتك، يا موت، وأين غلبتك، يا جحيم؟» {1 كورينْتُس ١٥، ٥٥}. ويرد النصّ حرفيًّا، في ترجمة ڤان دايك، باستثناء كلمة جحيم» ترد «هاوية».
يتحدّث الفصل السادس عن نفي القدّيس أثناسيوس الخامس، في مدينة روما. ومن المعروف تاريخيًّا أنّ القدّيس أثناسيوس هرب إلى روما في نفيه الثاني، وبخصوص موضوع النفي، كان النفي الأوّل إلى مدينة ترير (Augusta Treverorum) في جاليا، وهي الآن في وسط غرب ألمانيا (Trier). ولا يجري الحديث عن هذا النفي في السيرة. وقد ذكرت هاتين الملحوظتين للتأكيد أنّ السيرة ليست دائمًا وثيقة تاريخيّة، بل يجب أنْ نقرأها على ضوء الوثائق التاريخيّة المعروفة، وهذا ما سأقوم به في دراسة لاحقة. في بداية الفصل هناك إشارة (٢١٠) من سفر المزامير {انظر مزمور ٤٥، ٤؛ في ترجمة ڤان دايك: ٣}. وبعد ذلك قليل (٢١٦) هناك إحالة على خطبة المسيح على الجبل بخصوص الإحسان إلى المسيئين إلينا {انظر متّى ٥، ٤٤}. وفي خروج القدّيس أثناسيوس من السجن الذي ألقاه فيه الامپراتور (٢٢٠)، يُذَكِّر المؤلِّف بخروج الرسول پِطْرُس منه عندما ألقاه هيرودُس فيه {انظر أعمال ١٢، ٦-١١}. ونرى هنا من جديد الربط بين أثناسيوس وبين أحداث في حياة الرسل. وفي علاقة القدّيس أثناسيوس بالحكّام الرومان (٢٢٥) يورد المؤلِّف آيه ترد في مكانين في العهد القديم «لا تلمسوا مسحائي، ولا تمكروا بهم» {1 أخبار ١٦: ٢٢؛ مزمور ١٠٥، ١٥}. وترجمة المكان الأوّل في ڤان دايك: «لا تمسّوا مسحائي، ولا تؤذوا أنبيائي»، وفي الثاني بدلاً من «تؤذوا» هناك «تسيئوا»، ونلاحظ هنا الاختلاف بين السيرة والترجمة في النصّ الثاني من الآية، وتعبير «مكر» قرآنيّ (آل عمران ٣، ٥٤، وأماكن أُخرى)، ممّا يظهر التأثير الإسلاميّ على لغة المترجمين المسيحيين. ونجد اللفظ في طبعة روما للمزامير (١٧٤٤، ص ٣٠٣؛ وطبعة القاهرة، ١٨٩٧، المنقولة عنها، ص ٢٢٥، مزمور ١٠٤، آية ٨). ويخطأ نصّ السيرة بإسقاط كلمة «أنبيائي». تلي نصوص تقطع سياق الأحداث، وتبدو كنبوّات للقدّيس أثناسيوس، وكقوانين يتلقّاها من القدّيس پِطْرُس الرسول، وترد فيها (٢٣٠) إشارة من سفر الأمثال «كما يؤدّب الوالدُ ولدَه» {انظر أمثال ٣، ١١-١٢}، وقول للمسيح عن نهاية الأزمنة «ومَن صبر إلى المنتهى يخلص» {متّى ٢٤، ١٣}، وآخر للقدّيس پولُس «لأنّ تعب هذه الدنيا لا يوازي المجد المزمع أنْ يظهر لنا» {رومانيين 8، 18}. وبعد ذلك بقليل (٢٣٢) هناك على لسان پِطْرُس إشارة لقولٍ للمسيح بخصوص نهاية اورشليم: «نترك لهم بيوتهم» {انظر متّى ٢٣، ٣٨}، وآخر لدانيال النبيّ بخصوص اورشليم أيضًا: «ونمضي إلى راحتنا الأبديّة» {انظر دانيال ١٢، ١٣}، وبعد ذلك (٢٣٣) قول آخر للمسيح: «لأنّ هوذا ملكوت السموات معدَّ لك، ولأصحابك العاملين بعملك» {انظر متّى ٢٥، ٣٤}.
وتكثر في الفقرات التالية الإشارات الكتابية جلّها من العهد الجديد، أذكرها دون تفصيل:
٢٣٥: {انظر لوقا ١٨، ١؛ ١ تسّالونيكي ٥، ١٧} بخصوص الصلاة الدائمة بدون الإيمان بالمسيح.
٢٣٧: {متّى ٢٦، ٢٤}؛ {انظر عبرانيين ٦، ٤-٨}.
٢٣٩: {متّى ١٠، ٣٢-٣٣}، بخصوص إنكار المسيح.
٢٤١: {انظر متّى ١٢، ٧؛ ٢٥، ٣١-٤٠}، بخصوص الصدقة.
٢٤٨: {انظر متّى ٢٥، ٣٥} كأس ماء بارد؛ {انظر رؤيا ٢٠، ٤-٥}، عن المُلْك الألفيّ.
٢٤٩: {انظر أمثال ١٠، ١٢؛ لوقا ١٥، ١٠؛ يعقوب ٥، ٢٠؛ ١ پِطْرُس ٤، ٨}، هداية خاطىء.
٢٥٠: {انظر رومانيين ٦، ١٢-١٤}، التحفُّظ من الخطيئة.
٢٥٤: {انظر دانيال ١٢، ٣؛ متّى ١٣، ٤٣}.
٢٥٨: {انظر خروج ٣٣، ١٨-٢٠}.
٢٥٨: {انظر عبرانيين ١٢، ٢٢-٢٣}.
٢٥٨: {انظر يوحنّا ١٤، ٢٣؛ ١ كورينتُس ٣، ١٦}.
٢٦٦: {انظر ١ كورينتُس ٧، ٣١}.
٢٧١: {انظر أعمال ٨، ٢٠}.
٢٧١: {انظر 1 تيموثاوس ٣، ١-٧}.
٢٧٢: {انظر متّى ١٩، ٢١}.
الفصل السابع يدور حول النفي السادس، في عهد يوليانوس الجاحد، والإشارات الكتابيّة فيه قليلة. أوّل إشارة تذكّر بحقيقة (٣٠٠) ترد في أماكن مختلفة من الكتاب المقدّس في العهدَين القديم والجديد «فإنّ الله هو فاحص القلوب والكُلى» {انظر مزمور ٧، ١٠؛ ارميا ١١، ٢٠؛ رؤيا ٢، ٢٣}. ويعود المؤلِّف إلى موضوع محبّب لديه وهو تشبيه أبطاله بالشخصيّات الكتابيّة، فنرى أثناسيوس يشبّه الملك القادم يوڤيانوس (٣١٠) بيوسف بن يعقوب {انظر تكوين ٤١، ٣٧-٤٥}. تلي (٣١٣) إشارة لقول في سفر طوبيا: « وليس يحسن أنْ يَخْفى عنكم شيء من عظائم الله» {انظر طوبيا ١٢، ٧}. وبخصوص محاولة يوليانوس لإعادة بناء الهيكل (٣١٧) يذكّر بقول المسيح: «إنّه لا يُتْرَك ههنا حجرٌ على حجر، إلاّ ويُنْقَض» {انظر متّى ٢٤، ٢}.
الفصل الثامن والأخير يقّدم سنوات القدّيس أثناسيوس الأخيرة. وفي البداية (٤٢٥) نقابل قولاً لمريم العذراء في نشيدها عندما قابلت اليصابات: «يرفع المتواضعين، ويُرسل الأغنياء فُرَغاء» {لوقا ١، ٥٢-٥٣}. يليه (٣٢٨) قول للمسيح بخصوص ثبات كلمة الله {انظر يوحنّا ١٠، ٣٥}. وتكرار لقول خاصّ بالهيكل {انظر متّى ٢٤، ٢}. وبالعودة للموضوع المحبّب (٣٤١) يُشَبّه أثناسيوس بجدعون في سفر القضاة {انظر قضاة ٦، ٣٦-٤٠}، ولكن، في الترجمة العربيّة للسيرة، تطبيق الشَبَه غير موفَّق، أو يمكن القول حرّ وبتصرّف، فيكتب: «لأنّ جدعون طلب من الإله، في زمانه، أنّ الرعود تنزل على تخومه، ولم يطلبها لمكان آخَر». بينما في النصّ الكتابيّ يدور الحديث حول «طَلّ» (ڤان دايك)، «ندى» (يسوعيّة). وقد نَسَبْتُ التطبيق الخطأ إلى مترجم السيرة لا إلى مؤلِّفها، لأنّ في هذا النصّ لدينا الأصل القپطيّ الذي يتحدّث عن «ماء» mooy بالنسبة لجدعون، وعن «مطر» àoympe بالنسبة لأثناسيوس («الحمد لله أنّ الخطأ طلع من المترجم لا من المؤلِّف»). ومع غروب حياة القدّيس أثناسيوس (٣٤٦) نراه «المحارب على الأمانة، كمِثْل كالب بن يوڤانيا {انظر عدد ١٣، ٣٠؛ ١٤، ٣٠، ٣٨}. والكلمة الأخيرة، والصورة الأخيرة، والتشبيه الأخير (٣٥٣) «وقد نرى أنّ الحنطة، إذا كملت، وبلغت الحصاد، لا يمكن إقامتها في الأرض، وهكذا هو القدِّيس البارّ أثناسيوس، لمّا كملت أيّامه، فهو كمِثْال الحنطة، والربّ الإله قد جمعه إلى خزائنه المختارة وأهرائه المحِقَّة». وتحيلنا هذه الصورة إلى أماكن مختلفة في أمثال المسيح في الانجيل. وهناك صورة أُخرى (٣٥٤) «الجوهر الفَخْر المكنون، والحجر المكرَّم»، وهذه أيضًا ترد في أمثال مختلفة.
وهوذا بيان بالآيات والإشارات حسب تسلسل أسفار الكتاب المقدّس، وأماكنها في السيرة، ويشير الرقم إلى الفصل، والثاني إلى الفقرة:
انظر تكوين ١٧، ٤-٥: ١/ ٢٣
انظر تكوين ٣٩-٥٠: ٣/ ٩٨
انظر تكوين ٤١، ٣٧-٤٥: ٧/ ٣١٠
انظر تكوين ٤٩، ٣-٤: ٢/ ٤٨
انظر خروج ٥، ١-٢: ١/ ٤٠
انظر خروج ٩، ١٩-٢١: ٢/ ٦٦
انظر خروج ١٩، ١٢: ٢/ ٦٥
انظر عدد ١٣، ٣٠؛ ١٤، ٣٠، ٣٨: ٨/ ٣٤٦
انظر عدد ٢٥، ٧-١٠: ٢/ ٨٢
انظر قضاة ٣، ١٥؛ ٥، ١٤: ٢/ ٤٨
انظر قضاة ٦، ٣٦-٤٠: ٨/ ٣٤١
انظر ١ صموئيل ٢-٢٥: ١/ ٣١
انظر ١ صموئيل ٥: ٣/ ١١٠
انظر ١ صموئيل ٩، ١-٢، ١٦: ٢/ ٤٨
انظر ١ صموئيل ١٦، ٦-١٣: ٢/ ٤٨
انظر ١ صموئيل ١٧، ٥٥-٥٨، ١٨، ١/ ٨
انظر ٢ صموئيل ١٩، ٤: ٢/ ٨٧
١ أخبار ١٦، ٢٢: ٦/ ٢٢٥
انظر طوبيا ١٢، ٧: ٧/ ٣١٣
انظر مزمور ٧، ١٠: ٧/ ٣٠٠
مزمور ١٨، ٢٩: ١/ ٦
انظر مزمور ٤٤، ٦: ٦/ ٢١٠
مزمور ١٠٥، ١٥: ٦/ ٢٢٥
مزمور ١٠٧، ٦-٧: ٢/ ٥٧
انظر أمثال ٣، ١١-١٢؛ ١٢، ٥-٧: ٦/ ٢٣٠
انظر أمثال ١٠، ١٢: ٦/ ٢٤٩
انظر أمثال ١٩، ١٧: ٦/ ٢٤١
انظر ارميا ١، ٤-٤: ١/ ١٢
انظر ارميا ١١، ٢٠: ٧/ ٣٠
انظر دنيال ٤، ٢٨-٢٠: ٦/ ٢١٦
انظر دنيال ١٢، ٣: ٦/ ٢٥٤
انظر دنيال ١٢، ١٣: ٦/ ٢٣٢
انظر متّى ٢، ١٣-١٥: ٣/ ٩٥
انظر متّى ٥: ٦/ ٢٥٠
متّى ٥، ٤٤: ٦/ ٢١٦
انظر متّى ١٢، ٧؛ ٢٥، ٣١-٤٠: ٦/ ٢٤١
انظر متّى ١٣، ٤٣: ٦/ ٢٥٤
انظر متّى ١٩، ٢١: ٦/ ٢٧٢
انظر متّى ٢١، ١-١٠: ٣/ ١٤٦؛ ٥/ ١٩٨
انظر متّى ٢٣، ٣٨: ٦/ ٢٣٢
متّى ٢٤، ١٣: ٦/ ٢٣٠
انظر متّى ٢٥، ٣٣: ١/ ٤
انظر متّى ٢٥، ٣٥: ٦/ ٢٤٨
لوقا ١، ٥٢-٥٣: ٨/ ٣٢٥
انظر لوقا ١، ٦٩: ٢/ ٧٩
انظر لوقا ١٥، ١٠: ٦/ ٢٤٩
انظر يوحنّا ١٠، ٣٥: ٨/ ٣٢٨
انظر يوحنّا ١٤، ٢٣: ٦/ ٢٥٨
يوحنّا ١٥، ٢: ٢/ ٤٨
انظر لوقا ١٨، ١: ٦/ ٢٣٥
انظر أعمال ٣، ١-١٠: ١/ ٣٤، ٣٦
انظر أعمال ٥، ١٥: ٣/ ١٤٧
انظر أعمال ٥، ١٥-١٦: ١/ ٣٥
انظر أعمال ٨، ٢٠: ٦/ ٢٧١
انظر أعمال ١١، ١٨: ٥/ ١٩٥
انظر رومانيين ٤، ١٧: ١/ ٢٣
انظر رومانيين ٦، ١٢-١٤: ٦/ ٢٥٠
انظر رومانيين ٨، ١٨: ٦/ ٢٣٠
انظر رومانيين ١٣، ١٢: ١/ ٣
انظر ١ كورينتس ٣، ١٦: ٦/ ٢٥٨
انظر ١ كورينتس ٧، ٣١: ٦/ ٢٦٦
انظر ١ كورينتس ١٥، ٥٥: ٥/ ١٦٤
انظر غلاطيا ٢: ٢/ ٥٨
انظر افسس ٦، ١١-١٤: ٥/ ١٨٤
انظر ١ تسالونيكي ٥، ١٧: ٦/ ٢٣٥
انظر ١ تيموثاوس ٣، ١-٧: ٦/ ٢٧١
٢ تيموثاوس ٤، ٧: ١/ ٢
انظر عبرانيين ٦، ٤-٨: ٦/ ٢٣٧
انظر عبرانيين ١٢، ٢٢-٢٣: ٦/ ٢٥٨
انظر يعقوب ٥، ٢٠: ٦/ ٢٤٩
انظر ١ پِطْرُس ٤، ٨: ٦/ ٢٤٩
انظر رؤيا ٢، ٢٣: ٧/ ٣٠٠
الاثنين، ١١ يوليو ٢٠١٦
No comments:
Post a Comment